«الأهرام التعاونى» تنشر خطة «الزراعة» لمحاربة الغلاء.. توفير السلع الأساسية بأسعار عادلة.. وردع الاحتكار

9-1-2024 | 11:11
;الأهرام التعاونى; تنشر خطة ;الزراعة; لمحاربة الغلاء توفير السلع الأساسية بأسعار عادلة وردع الاحتكارارشيفيه
تحقيق: علاء عبد الحسيب
الأهرام التعاوني نقلاً عن

«معًا لمحاربة الغلاء».. شعار رفعته الحكومة المصرية خلال الآونة الأخيرة لمحاربة موجة الغلاء غير المسبوقة التى يشهدها السوق فى مصر والعالم، وخلفتها الأزمة الاقتصادية العالمية، وجاء بعدها حزمة قرارات قوية من مجلس الوزراء لتحقيق التوازن فى السوق، ودعم منظومة توفير السلع الأساسية للمواطنين بأسعارها العادلة، خاصة بعد ممارسات الاحتكار وتخزين السلع التى رصدتها الأجهزة المعنية خلال الفترة الأخيرة، وتسببت فى اختفاء وارتفاع أسعار بعض المنتجات من السوق.

موضوعات مقترحة

قرارات الحكومة شملت ضبط أسعار 7 سلع رئيسية تناسب الاحتياجات اليومية للمواطنين، منها السكر والزيت والأرز والفول واللبن والمكرونة والجبن الأبيض، وقد حددت الحكومة مجموعة من الضوابط المهمة لتنظيم سوق تداول وبيع هذه السلع للمواطنين فى مصر، حيث شملت هذه الضوابط تجريم احتكار أو إخفاء أو الامتناع عن بيع تلك السلع الإستراتيجية للمواطنين، وتطبيق العقوبات التى أقرتها الجهات المعنية ضد المخالفين، على رأسها جهاز حماية المستهلك للتصدى لهذه المخالفات وبالتنسيق مع وزارة العدل المعنية لإقرار عقوبات على المخالفين تتوافق مع القانون والدستور، كما ألزمت هذه القرارات وزير التموين بإصدار قرارًا بوضع الأسعار المقررة عليا لسلع المحددة فى جميع منافذ البيع، وتشكيل لجان فرعية وغرف عمليات مركزية لمتابعة القرارات الأخيرة، والتأكد من تطبيقها وتنفيذها على الأرض، وأخيرًا تشكيل لجنة فنية لمتابعة تسعير المنتجات من المصانع.

ولعل القرارات الأخيرة التى أصدرها مجلس الوزراء بشأن ضبط سوق السلع الرئيسية كانت شرارة انطلاق أسطول المنافذ التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بالتزامن مع تطبيق هذه القرارات وذلك تحت شعار «خير مزارعنا لأهالينا» تنفيذًا لتوجيهات الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الحكومة، وبهدف ضخ كميات كبيرة من السلع الغذائية فى منافذها بأسعار تنافسية تساهم فى تخفيف العبء عن كاهل المواطنين، وتنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى لضبط السوق وتوفير السلع الأساسية للمواطن فى مصر، خاصة وأن وزارة الزراعة تقوم بدور تاريخى فى هذا الملف، باعتبارها أحد الوزارات الهامة المعنية بتوفير البدائل، ومواجهة ظاهرة الاحتكار واختفاء السلع من السوق المحلي.

خير مزارعنا لأهالينا.. مبادرة مهمة سبق وأعلن عنها وزير الزراعة السيد القصير بهدف ضخ كميات كبيرة من السلع الغذائية للجمهور وتوفير احتياجات المواطنين من المنتجات الغذائية الرئيسية بأسعار مناسبة.. تحدث عن تفاصيلها الدكتور سعيد صالح مستشار وزير الزراعة للمتابعة ومنسق عام المبادرة، حيث قال إنها تهدف لتوفير المنتجات بأسعار تنافسية وبأعلى معايير الجودة، وقد يكمن دورها فى مواجهة ظاهرة الغلاء التى يشهدها السوق المحلى والعالمي، حيث توفر هذه المنافذ المنتجات الغذائية للمواطنين بأسعار تقل عن نظيرتها بنحو 30%، وذلك من خلال ما يقرب من 261 منفذا ثابتا منتشرة فى شتى محافظات الجمهورية، إضافة إلى ما يقرب من 33 منفذا متحركا تجوب القرى والمحافظات، وتتمركز فى الميادين والشوارع الرئيسية والمناطق ذات التجمعات السكنية الكبيرة.

جميع المبادرات التى تطلقها مؤسسات الدولة سواء ممثلة وزارة التموين أو جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة أو وزارة الزراعة عبارة عن جهود محمودة لمحاصرة أزمة الغلاء وجشع التجار وضبط منظومة تداول السلع بالسوق المحلي -حسب الدكتور صالح- الذي تابع بأن قرار رئيس الوزارة الأخيرة الخاصة بتسعير 7 سلع أساسية بالسوق، جاء ليحاصر هذه الظاهرة، ويجرم أى مخالفات أو تجاوزت خاصة بأزمة إخفاء المنتجات الأساسية، وقد وضعت المحتكرين فى دائرة الحصار، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء اعتبر 7 سلع وهى زيت الخليط، والفول، والأرز، واللبن، والسكر، والمكرونة، والجبن الأبيض، من المنتجات الإستراتيجية فى تطبيق حكم المادة 8 من قانون حماية المستهلك الصادر برقم 181 لسنة 2018، والتى تحظر حبس تلك السلع والمنتجات عن التداول سواء من خلال إخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها أو بأى صورة أخري، وذلك لمدة ستة، بهدف تحقيق الاستقرار بأسعار المنتجات بالسوق المحلى وتوفيرها للجمهور.

ونوه بأن العالم يمر بأزمة اقتصادية استثنائية، ومصر تأثرت كغيرها من البلاد حول العالم بتداعيات هذه الأزمة، ومن ثم كان على الحكومة أن تتبنى إستراتيجية قوية لمواجهة آثار هذه الأزمة، كن من ضمنها تبنى حزمة من قرارات إصلاح وضبط السوق وتوفير المنتجات الأساسية للمواطنين»، مضيفا أنه رغم الأحداث العالمية المتتالية والصعبة والتى بدأت بتفشى فيروس كورونا، ثم انتقلت بعدها إلى الحرب الروسية الأوكرانية، ومن ثم الصراع الدائر فى السودان، وأخيرًا الأحداث المشتعلة فى منطقة الشرق الأوسط المتعلقة بأحداث الحرب على عزة، إلا أن سوق السلع فى مصر لا يزال متماسكا، ويتمتع باستقرار كبير فى توافر المنتجات الغذائية الأساسية للمواطنين، وإن كان هناك تفاوت فى أسعار بعضها إلا أن السلع موجودة فى كل منافذ البيع.

وأشار الدكتور صالح إلى أن وزارة الزراعة ليست بعيدة عن المشاركة فى إستراتيجية الدولة لمحاربة الغلاء ومواجهة احتكار التجار، وقد بدأت منذ 2020 فى تبنى خطة كبرى للتوسع نشر أسطول منافذها على مستوى محافظات الجمهورية، والنهوض بكفاءة هذه المنافذ بما يلبى احتياجات جميع المواطنين خاصة فى المناطق الحدودية والمتطرفة، حيث إن عدد منافذ الوزارة فى سنة 2020 كان حوالى 70 منفذًا على مستوى الجمهورية، وقد وصل حتى الآن 261 منفذًا نستهدف فى منتصف 2024 الوصول بها إلى 300 منفذ تغطى كافة المحافظات قائلًا، إن ضبط سوق السلع فى مصر مهمة لأكثر من لاعب ممثل فى مؤسسات الدولة ومعهم القطاع الخاص، وقد لعبت وزارة الزراعة خلال السنوات الأربعة الأخيرة دورًا حيويًا ومهما فى توفير السلع والمنتجات بأسعار مدعمة للمواطنين.

«منافذ وزارة الزراعة منتشرة فى منطقة شلاتين وشمال سيناء والغردقة والقاهرة الكبرى ومحافظات الوجه البحري» -والكلام لمستشار الوزير- مؤكدآ أن الوزارة أطلقت عدد من المبادرات فى منطقة شمال سيناء، ونجحت فى توفير مجموعة من السلع والمنتجات المدعمة بأسعار تقل عن نظيرتها بحوالى 50%، وهى مبادرة استثنائية لأهالى سيناء تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بدعم أهالى منطقة سيناء، كما أن الوزارة توفر باقى السلع والمنتجات الغذائية المدعمة للمواطنين بأسعار تقل عن نظيرها فى السوق المحلى بحوالى 30%، وهو ما يؤكد أن تعدد الحلقات الوسيطة فى منظومة تداول أسعار السلع تسبب فى زيادة الأعباء على المواطنين وانتشار ظاهرة تفاوت أسعار المنتجات فى السوق.

وأوضح الدكتور سعيد صالح، أن وزارة الزراعة تستعد الفترة المقبلة لإطلاق أكبر معرض لتوفير المنتجات والسلع الغذائية قبل دخول شهر رمضان تحت شعار «خير مزارعنا لأهالينا»، وقد وجه السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى بالبدء فى التنسيق مع القائمين على المزارع، وكذلك المستثمرين فى القطاع الزراعى لتوفير الكميات التى يحتاجها السوق المحلي، ودعم مبادرات الدولة الأخيرة لضبط السوق وتوفير السلع والاحتياجات الأساسية منها للمواطنين، إضافة إلى القضاء على ظاهرة اختفاء السلع من الأسواق، كما نعلن من على منبر «الأهرام التعاوني» إننا جاهزون للتعاون مع جميع المنتجين الزراعيين لشراء السلع والمنتجات والسلع الزراعية المطلوبة بأسعار مناسبة تحقق المصلحة العامة سواء للمزارع أو للمواطن أو المستهلك النهائي.

أما الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، فقال فى البداية إن محاولات الحكومة ومؤسسات المعنية لمحاصرة ظاهرة الاحتكار ودعم منظومة توفير السلع الأساسية بالسوق المحلى فى الحقيقة خطوات مهمة، لكن هى حلول مؤقتة وتحتاج المزيد من الإجراءات التى تضمن الاستمرار فى مواجهة معدلات التضخم الاقتصادى غير المسبوقة الذى يشهده القطاع المصرفى فى مصر، ووفقًا للتجارب التى عاصرناها على سبيل المثال خلال العام الأخير فإن هناك ارتفاعا غير مسبوق فى أسعار الذهب، ومن ثم فإن الاستثمار فى المعدن الأصفر أدى إلى عوائد على المستثمرين أو من قاموا بالشراء تقدر بحوالى 70% خلال آخر عام، فى نفس الوقت سعار الدولار فى السوق السوداء وصل إلى نفس النسبة، وهذا يؤكد مجموعة من الحقائق التى يجب أن يتم أخذها فى الاعتبار، وهى أن هناك أنوع مختلفة من الدولار، يوجد مثلًا دولار الذهب، ويوجد دولار السيارات، ويوجد أيضًا دولار المواد أو السلع الغذائية.

واستكمل الدكتور عبده قائلًا: «لو سنتحدث عن دولار السلع الغذائية المعنى فى قضية ارتفاع الأسعار، يمكننا الإشارة إلى أن زيادة الإقبال على الاستيراد من الخارج يساهم فى زيادة الأعباء على الدولار، ويؤدى بالطبع إلى زيادة تكلفة المنتجات وارتفاع أسعار السلع فى السوق المحلي، ومن ثم فإن الضمانة الحقيقية والفعلية لمواجهة هذه الأزمة هو العمل على زيادة إنتاجية مصر من المحاصيل الزراعية الإستراتيجية والتوسع فى دعم الإنتاج المحلي، والنهوض بقطاع التصنيع الزراعي، إضافة إلى تقديم حوافز حقيقية للمنتجين للدفع قدمًا بعجلة الإنتاج وتأمين المخزون الإستراتيجى المصرى من السلع الرئيسية، مضيفًا أن آثار الأزمة الاقتصادية العالمية تواجهها جميع الدول، لكن ليست بنفس الخطط والإستراتيجيات للتعامل معها. 

وتعليقًا على مبادرات الدولة ومؤسسات بشأن توفير منافذ ومعارض السلع الغذائية بأسعار مدعمة للمواطنين.. أشاد الخبير الاقتصادى الدكتور رشاد عبده بهذه الجهود باعتبارها خطوات جادة لتصحيح مسار تداول السلع الغذائية بالسوق المحلي، لكن فى نفس الوقت تساءل: لماذا لم توفر الوزارات المعنية وعلى رأسهم وزارة الزراعة هذه المعارض طوال السنة؟.. ولماذا يكون إطلاقها فقط فى المواسم؟

وأشار إلى أن توفير هذه المعارض أو المنافذ وإتاحتها للمواطنين فى كافة القرى والمدن والمحافظات يحقق استقرارًا كبيرًا فى السوق، كما يقضى على الحلقات الوسيطة، ويكون بداية قوية حقيقية لمواجهة أزمة احتكار السلع واختفائها من السوق، مؤكدًا أن ترك الساحة للتجار بدون ضوابط وإن كان وجودهم بالطبع «رمانة ميزان»، يخلق أزمة فى منظومة تفاوت أسعار السلع.

في اتجاه آخر، أكد الدكتور شعبان سالم الرئيس السابق لقطاع الشؤون الاقتصادية بوزارة الزراعة وأستاذ الاقتصاد الزراعي، أن قطاع الإنتاج بوزارة الزراعة يمتلك ثروة كبيرة من مزارع الإنتاج الحقلية على مستوى محافظات الجمهورية، كما أن قطاع الإنتاج بوزارة الزراعة يمتلك أيضًا مزارع تربية حيوانية وإنتاج اللحوم والدواجن ومشتقاتها، لكن فى نفس الوقت فإن نجاح هذه المنافذ وقدرتها على تغطية احتياجات السوق من المنتجات والسلع الزراعية المدعمة يحتاج إلى مجموعة من الإجراءات القوية لضبط السوق، أهمها العمل على توفير كافة السلع والمنتجات الزراعية الأساسية التى يحتاجها المواطنين خاصة وأن الكثير من هذه المنافذ لا يتوافر فيها سوى عدد قليل من السلع والمنتجات الزراعية التى يحتاجها السوق، قائلًا: «دور وزارة الزراعة خدمى يدعم خطة الدولة فى زيادة إنتاجية مصر من المحاصيل الزراعية».

وزاد قائلا: فى ظل التذبذب الكبير فى أسعار السلع الغذائية فى مصر، وبالتزامن مع قرارات الحكومة لضبط السوق، فقد حان الوقت لتفعيل دور المجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، فهى الذراع اليمنى الحقيقى للحكومة لتوفير المنتجات والسلع الغذائية بالسوق، ورغم أن فروعها منتشرة على مستوى محافظات الجمهورية لكن الكثير منها مغلق وبدون سلع».

واستكمل الدكتور سالم بأن هذه المجمعات يمكن أن تحقق طفرة كبيرة فى منظومة توافر السلع الغذائية بالأسواق، وفى جميع المناطق المحرومة، كما أنها يمكن تلعب دورًا حيويًا فى مواجهة ظاهرة احتكار السلع وتجاوزات التجار الخاصة بالتلاعب فى أسعار المنتجات، وذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة باعتبارها همزة الوصل بين المنتج والمستهلك.

وحول ربط دعم منظومة التصنيع الزراعى فى مصر بدعم جهود الدولة فى مواجهة أزمة ارتفاع أسعار السلع،  أكد الدكتور شعبان سالم أن اتجاه الدولة إلى هذا القطاع يوفر بدائل مصنعة للسلع الزراعية، ويخفف الطلب على المنتجات والسلع الزراعية مما يحقق استقرار فى أسعارها، إضافة إلى دورها فى تحقيق عائد مناسب للمنتج أو المزارع فى مصر، قائلًا: «وزارة الزراعة لديها تجربة ناجحة خاصة بملف تجفيف محصول الطماطم فى محافظة قنا، وقد حققت عوائد قوية خلال الفترة الأخيرة فى منظومة التصدير لأسواق أوربا، وهو ما يؤكد أن التصنيع الزراعى استثمار كبير يدعم الاقتصاد الوطنى للبلاد، ويوفر بدائل السلع والمنتجات الزراعية للمستهلك المحلي، إضافة إلى أنه يدعم منظومة التصدير إلى الخارج ويحقق العائد الدولارى المطلوب.

وأضاف الدكتور سالم، أن عدم وجود قاعدة بيانات دقيقة بالمحاصيل الزراعية القابلة للتجفيف والتصنيع من أخطر التحديات التى تواجه قطاع التصنيع الزراعي».. ومن هنا فقد عمل قطاع الشؤون الاقتصادية بوزارة الزراعة كثيرًا لتوفير شبكة بيانات دقيقة بهذه المساحات لكنه لم يوفق فى ذلك، رغم الحصول على التمويل المطلوب من وزارة التخطيط لدعم هذه العلمية، مما جعل هناك بطء كبير فى خطة دعم هذا القطاع، مطالبًا بضرورة تشكيل «لجنة عليا» بين وزارة الزراعة والصناعة والتجارة والمالية والبنك الزراعى المصرى لدعم هذه المنظومة وتسويقها على المستوى المحلى والعالمي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة