دشن مجلس الوزراء وثيقة تشير إلى الملامح الرئيسة "للتوجهات الإستراتيجية" للاقتصاد المصري خلال الفترة من ٢٠٢٤-٢٠٣٠؛ حيث تستهدف الحكومة فيها هدفًا إستراتيجيًا برفع معدل نمو الصادرات سنويًا إلى نسبة لا تقل عن 20% لتصل إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030.
موضوعات مقترحة
وأظهرت الوثيقة سعي الدولة للنهوض بجميع القطاعات ووضع خطة لكل قطاع على حدة للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية للفترة (2024-2030)، ومن بينها قطاع الصناعة.
وبخلاف أهداف عاجلة، تضمنت الوثيقة أبرز مستهدفات الدولة لقطاع الصناعة خلال الفترة 2024-2030 والتي جاءت كالتالي:
- رفع مساهمة قطاع الصناعات التحويلية إلى ما لا يقل عن 20% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، لتصل إلى قيمة الناتج المحلي لقطاع الصناعات التحويلية إلى 2.7 تريليون جنيه بحلول 2030، ونمو القطاع سنويًا بنسبة لا تقل عن 20% حتى عام 2030.
- زيادة معدل نمو الصادرات الصناعية إلى ما لا يقل عن 20% سنويًا.
- زيادة عدد المجمعات الصناعية من 117 مجمعًا في 2023 إلى 32 مجمعًا في 2030.
- تعميق وتوطين الصناعة المحلية بهدف رفع نسبة المكون المحلي في الصناعة إلى ما لا يقل عن 60% في المتوسط ليتراوح بين 60 % إلى 80% في عام 2030.
- تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات لتحويل مصر إلى مركز إستراتيجي في صناعة السيارات بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا (بوفر 4 مليارات دولار سنويا) وتأسيس المجلس الأعلى لصناعة السيارات.
- تصنيع ما يتراوح بين 400 إلى 500 ألف سيارة سنويا بالتركيز على السيارات الكهربائية، علاوة على التوسع في تصنيع وسائل النقل (الأتوبيسات وعربات البحر) وتصدير ربع هذه الكمية إلى الخارج بحلول عام 2030.
- التوسع في تأسيس المصانع العاملة في صناعة الإلكترونيات، وتحقيق نمو في سوق صادرات صناعة الإلكترونيات في مصر بنسبة لا تقل عن 20% سنويا.
- صقل كفاءات الكوادر الشابة لتوفير آلاف المتخصصين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ودخول سوق تصميم الإلكترونيات والبرمجيات وأشباه الموصلات بما يسهم في توفير مليون فرصة عمل في هذا القطاع.
- تفعيل وتنفيذ خطة النهوض بصادرات صناعة الدواء إلى 5 مليارات دولار في 2030.
تصنيف مصر من أفضل 30 دولة في مؤشر الأداء الصناعي الأخضر عالميا، والأولى إفريقيا بحلول 2030.- تصنيف مصر من بين أفضل 10 دول في مؤشر النمو الأخضر على مستوى العالم بحلول 2030، والأولى إفريقيا بحلول 2030.
- إطلاق إستراتيجية طموحة لتسريع وتيرة تحول الاقتصاد المصري نحو تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وما بعدها، وتحويل 500 شركة إلى شركات رائدة في استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
- تعزيز التعاون الصناعي والاستثماري المصري- الإفريقي للوصول بمستويات الصادرات السلعية المصرية للقارة الإفريقية إلى 20 مليار دولار أمريكي عام 2023.
وحول أهمية الوثيقة المتكاملة توجهت "بوابة الأهرام" لمعرفة آراء الخبراء حول قيام الحكومة المصرية وسعيها لتحقيق نمو الصادرات.
نمو الصادرات ضمن أهداف الوثيقة الحكومية
بداية يقول الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد والاستثمار والتمويل الدولي، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، حول الوثيقة الحكومية إنها تضمن تحقيق نمو في الصادرات، وهي تعتبر خطوة طيبة؛ حيث إن زيادة الصادرات تعتبر مكسبًا، لأنها تعمل على زيادة الإيرادات من العملة الأجنبية، خاصة أن مشاكل مصر الحقيقية تتمثل في وجود مشكلتين وهما عجز ونقص العملة الأجنبية وعدم الاستعانة بالكفاءات.
الدكتور رشاد عبده
"ومع نقص العملة في مصر تسبب ذلك في خلق سوق سوداء، وعلى الجانب الآخر لم يعد لدى المستوردين القدرة على تلبية احتياجات الشعب المصري من السلع الغذائية ومن مستلزمات الإنتاج، لكن مع قرار الوثيقة الحكومية بنمو الصادرات، هذا القرار سيسمح بدخول دولارات أكثر للدولة ويعتبر ذلك مكسبًا كبيرًا، خاصة أن الدولار أصبح هدفًا ثريًا وحوله إغراءات كثيرة ومن هنا من المفروض على الحكومة أن تذلل كل العقبات للمستثمرين والمنتجين والشركات بهدف زيادة صادراتها للخارج، وبالتالي ترتفع الإيرادات خاصة أنه أحد الموارد الرئيسية الذي كان من الممكن أن تعوض الخسائر في السياحة بعد أن تم ضربها نتيجة العدوان الغاشم على غزة.
ونتيجة تراجع السياحة بدأ الكثيرون في الخوف من المجيء إلى منطقة الشرق الأوسط؛ لأن بها صراعات امتدت مع الحوثييين أيضًا؛ حيث وجدنا عندما حاولوا ضرب إسرائيل وإيلات أن بعض الصواريخ سقطت في الأراضي المصرية وكل هذه الأحداث تسبب مخاوف لدى السياح ومن ثم تضررت السياحة ومن هنا على الأقل أن نجد الفرصة لتعويض ذلك.
ويكمل، لذلك على الحكومة أن تسعى لتذليل المزيد من العقبات أمام المنتجين والمصدرين لتعويض أي نقص موجود وذلك من خلال تحويلات العاملين المصريين بالخارج؛ لأنها تناقصت هذا العام بنسبة 23% نتيجة السوق السوداء وبفعل تضرر السياحة بفعل العدوان الإسرائيلي على غزة.
"بالتالي يصبح تذليل العقبات يهدف لزيادة الإنتاج؛ مما سيحقق أيضًا مزيدًا من التصدير وهذا يتطلب مساعدة المصدرين وفتح منافذ أكبر وخلق بروتوكولات أكثر لهم، وذلك من خلال سعي الدبلوماسية المصرية للعمل أكثر، خاصة أن من بداية شهر يناير تم تفعيل عضوية مصر في البريكس، ومن ثم فإن هذه العضوية ستجعل دولًا كثيرة تقبل على طلب المنتج المصري، وفي مقدمتها الصين التي نتبادل معها 14 مليار دولار وكذلك روسيا والهند، وهذا يعني أن مصر لديها فرصة كبيرة في زيادة صادراتها نتيجة الانضمام للبريكس في هذا الشهر؛ لذلك يجب معرفة المعوقات التي تواجه المستثمر والمنتج والمصدر وتذليلها لتحقيق مزيد من الصادرات، خاصة أن هناك أسواقًا الجديدة ستفتح أبوابها لمصر نتيجة الانضمام للبريكس.
كما أن صدور الوثيقة المصرية خير دليل على أننا رغم الأزمات ننتج ونصدر؛ بل وتزداد الصادرات، والوثيقة هي بمثابة سعي الحكومة لمعرفة المشاكل التي تواجه التصدير والعمل على تذليلها ودفع حركة الاستثمار والتصدير والنمو.
علاقة وثيقة سياسة ملكية الدولة مع وثيقة التوجهات الإستراتيجية للاقتصاد المصري
ويؤكد الدكتور رشاد عبده، أن هناك علاقة وثيقة بين الوثيقة السياسية لملكية الدولة وبين وثيقة التوجهات الإستراتيجية، لأن وثيقة الملكية تساعد على زيادة الإيرادات التي من خلالها تستطيع الدولة جلب مستلزمات الإنتاج وبالتالي يزيد معه الإنتاج ومعه تزيد القدرة التصديرية.
لجنة دائمة لتحقيق أهداف الوثيقة الحكومية
من جانبه، يقول الدكتور أحمد سعيد البكل الخبير الاقتصادي والأستاذ بكلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس، تستهدف وثيقة التوجهات الإستراتيجية تدعيم دور الاقتصاد المصري محليًا وإقليميًا ودوليًا، وتعتبر تلك الوثيقة طفرة نوعية في مجريات صناع واتخاذ القرار فى الاقتصاد المصرى نتيجة اعتمادها على خلفية بحثية ومعلوماتية متميزة وخبرات مختلفة؛ حيث أشارت الوثيقة إلى محددات جديدة لترسيخ دور الاقتصاد المصري وزيادة مرونته، ومن أهم تلك المحددات التي تسعى الوثيقة الى التوسع فيها (رأس المال البشري وتنميته وذلك بالاعتماد على قطاعي التعليم والصحة وزيادة أنصبتهم من الناتج المحلي الإجمالي وأعتقد أن هذا المحدد من أخطر ما تم طرحه في الوثيقة والذي أعطى الوثيقة ثقلًا إستراتيجيًا؛ حيث سيكون قاطرة النمو للاقتصاد المصري إذا تم تحقيق مستهدفات تلك القطاعات المذكورة.
الدكتور أحمد البكل
"بالإضافة إلى وضع خارطة طريق لجذب المزيد من تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وعدم جعله المصدر الوحيد للنقد الأجنبي وانما خلق مصادر نقد أجنبية جديدة ليست دولارية فقط وإنما متنوعة من عملات أخرى؛ حيث ستسهم في دعم ركائز الاقتصاد المصري على سبيل المثال الاستفادة من التكتلات الجديدة التي انضمت لها مصر مثل (البريكس)، وذلك لتحقيق المرونة الاقتصادية للاقتصاد المصري وأعتقد أنه الهدف الرئيس لتلك الوثيقة لمواجهة أي تقلبات أو أزمات مستقبلية؛ حيث سيسهم على زيادة قدرة الاقتصاد المصرى على مواجهة أي تقلبات عالمية أو أزمات والتغلب عليه.
ويكمل، أن الوثيقة تطرقت لعدة محاور ومن أهمها زيادة النقد الأجنبي وذلك عن طريق مضاعفة نمو حجم الصادرات؛ بالإضافة إلى زيادة معدل نمو قيمة الصادرات بمقدار 20% خلال سنويَا حتى عام 2030، وبقراءة تحليلية لأرقام قيم الصادرات المصرية خلال شهر سبتمبر 2022 والتى تقدر 4414 مليون دولار مقارنة بشهر سبتمبر 2023 والتي تقدر 2943 مليون دولار أي أن هناك انخفاضًا خلال شهر سبتمبر عام 2023 عن نفس الشهر المقابل له عام 2022.
"وبالتالي يعتبر زيادة قيمة نمو الصادرات من التحديات التي تواجه الاقتصاد المصرى الفترة القادمة ولكن هناك مقومات كانت تعمل عليها الدولة الفترة السابقة تؤهلها للوصول لذلك الهدف، وطبقَا لتحليلي للوضع العالمي والإقليمي ونتيجة التطورات على الساحة العالمية والإقليمية قد نصل الى ما يتراوح ما بين 10% إلى 15%، أما إذا سارت الأمور على ما يرام فقد نصل إلى ذلك المستهدف 20% بسهولة نتيجة العديد من المقومات التي تساعد على التغلب على مثل تلك التحديات.
ومن أهم تلك المقومات التوسعات التي قامت بها الدولة في المناطق الاقتصادية الصناعية على طول خط القناة ولكن يتطلب تحقيق هذا المستهدف المزيد من الخدمات اللوجستية وتحسين جودتها، وإنشاء إستراتيجية قومية تتضمن خطة تنفيذية زمنية لتجارة الترانزيت لزيادة حصة مصر من الحاويات من 3.7 مليون حاوية إلى 15 مليون حاوية، بالإضافة إلى تطوير كل الموانئ على البحر الأحمر والمتوسط لتتواءم مع تلك التجارة.
بالإضافة إلى ذلك فإن ذلك المستهدف التي تسعى الدولة الى تحقيقه له متطلبات أهمها توفير كل الموارد المالية والفنية مع عدم وجود أي اختناقات او أي عقبات عالمية قد تؤثر على إبطاء تحقيق ذلك المستهدف وبالتالي فإن كل السيناريوهات التي تم وضعها للوصول إلى ذلك الهدف تمت مراعاة تلك الجوانب لتفاديها بإجراءات في حالة حدوثها.
"ولكى يتم تنفيذ الوثيقة فإن ذلك يتطلب وجود ورش عمل وندوات وجلسات حوار مع الخبراء المحليين والدوليين والجهات المعنية وشباب الاقتصاديين لوضع مصفوفة للمخاطر والإجراءات وبالتالي طرح الحلول وذلك لمواجهة أي تغيرات طارئة أو جديدة، ويتم تدشين لجنة دائمة ومستمرة الانعقاد ولها أمانة فنية لتحقيق مستهدفات تلك الوثيقة حتى عام 2030، للتأكد من مدى سلامة الإجراءات التي سيتم اتباعها لتحقيق تلك المستهدفات من قبل كل الجهات.
التيسير على المستثمرين
يقول المهندس محمد عبد الكريم رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية، لكي تحقق الوثيقة أهدافها في تنمية الصادرات سنويا، هنا يجب التركيز في التيسير على المستثمرين، وتطرق إلى موضوع الميكنة التي تعتبر من الموضوعات المهمة جدا لأنها ستوفر على المستثمرين الكثير من الإجراءات، وتشجع على التنمية الصناعية.
المهندس محمد عبد الكريم
ويشير رئيس الهيئة العامة للتصنيع إلى أن الشيء الآخر من إستراتيجية التنمية الصناعية، هو تحديد الموارد الموجودة في الدولة وتحديد القطاعات الواعدة الحالية والمستقبلية، وهي تعتبر من النقاط المهمة وهي قطاعات الصناعات المستقبلية وكيفية الاستعداد لها وكذلك تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، وكيفي رفع تنافسية المنتج الصناعي المصري واستخدام البنية التحتية الموجودة في مصر والتي تعتبر ممتازة وفائقة على مستوى العالم.
كما ستؤثر إستراتيجية التنمية الصناعية في دعم التنمية الصناعية من خلال استخدام موارد مصر الطبيعية والموارد البشرية في التنمية الصناعية، حيث إن التنمية الصناعية تركز على عدة محاور منها محور استخدام التكنولوجيات الحديثة، ومنها محور استخدام الموارد الطبيعية الموجودة في مصر سواء ثروة محجرية أو ثروة معدنية والشيء الآخر هو موقع مصر وعلاقاتها التجارية مع الأسواق المختلفة وكيف ننمي الصادرات.
انتهاء المشاكل البيروقراطية مع تطبيق الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية
يقول مجدي المنزلاوي الأمين العام لجمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة الصناعة والبحث العلمي، أن تحقيق أهداف الوثيقة الحكومية، تتطلب تيسير الكثير جدًا من مشاكل البيروقراطية التي كانت موجودة في الماضي، وبذلك تعتبر من أحد العوامل الرئيسية للإستراتيجية أنها تتلافى طول مدة التراخيص في الحصول عليها عند التعامل مع هيئة التنمية الصناعية.
بالإضافة إلى ضرورة معرفة ما هي أهم الصناعات التي تحتاجها السوق المصرية، مما يخفض من الاستيراد، مع وجود قائمة بمعظم الواردات وهي قائمة تم إعدادها بواسطة تحديث الصناعة.
المهندس مجدي المنزلاوي