Close ad

أطفال وشهداء غزة ودموع أمريكا

6-1-2024 | 16:57

قال "جون كيربي" المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أن أمريكا لن تذرف الدموع على اغتيال الشهيد صالح العاروري نائب رئيس حركة حماس لأنه "إرهابي"- على حد زعمه-، ولم يقل لنا لماذا لم تذرف أمريكا ولا حلفاؤها في الغرب ولا إعلامهم المتصهين قلبا وعقلًا أي دمعة على أكثر من 22 ألف شهيد غالبيتهم من النساء والأطفال و60 ألفًا من المصابين والآلاف من المفقودين تحت الأنقاض وتدمير 80% من منازل غزة والبنية التحتية في انتقام صهيوني واضح يهدف إلى جعل الحياة مستحيلة في غزة بعد انتهاء الحرب.. 

يتوهمون انتهاء الحياة لأهل غزة؛ ولكن من قال أن الحجر هو الذي يبني الحياة أو يصنع النصر؟! ألم يمتلك الصهاينة أكبر وأعلى المباني وأفضل المعدات العسكرية في العالم وأمدتهم أمريكا بأطنان من المتفجرات والطائرات حاملة المساعدات لهم؟! ومع ذلك لم تحقق أي نتيجة ولم تصنع حتى صورة نصر "يتيمة" تحفظ لها ماء الوجه بعد انكشاف أمرها أمام غزة.

قال اللواء "أهارون زئيفي فركاش" الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية إن إسرائيل لا تستطيع الاستمرار وتحقيق أهدافها في غزة من دون دعم الولايات المتحدة الأمريكية عسكريًا وسياسيًا وإستراتيجيًا".

وتحدتهم المقاومة بشباب ليس لديه أمكانات الصهاينة، ولكنهم تفوقوا عليهم بقوة إيمانهم وتدريبهم القتالي غير المسبوق وهمتهم العالية وعزيمتهم القوية وصدق "يقينهم" بالنصر واستعدادهم الصادق للشهادة؛ وإلا بماذا نفسر المقاتل الذي صوره الصهاينة وهم يستهدفونه بالقتل وكان يحاول بعد انكشاف أمره استكمال مهمته "بثبات" وهو يوقن بأنه أصبح تحت مرمى نيرانهم وعندما أصابوه سجد ليلاقي ربه ساجدًا؟! بينما سجلت المقاومة بالصوت والصورة صراخ جندي صهيوني بعد اصابته وهو يبكي فزعًا ويصرخ بهلع: "لا أريد أن أموت".

نتوقف عند لغة جسد "كيربي" التي كانت تخفي البكاء الداخلي وشعرنا بالدموع "الداخلية" عند توسله وغيره من الإدارة الأمريكية والغرب   لحزب الله وإيران بعدم توسيع الحرب وبقوله: "حماس ما زالت تملك قدرات كبيرة في غزة، والولايات المتحدة لا تسعى لأي مواجهة مع أي من أطراف في الشرق الأوسط، ولكننا سنواصل الدفاع عن مصالحنا وحلفائنا وشركائنا"، وتتغير نبرات صوته وهو يقول: "لن تجري أمريكا أي تحقيق لمعرفة الجهة التي اغتالت العاروري"؛ في سابقة لم تحدث من قبل إذ دائما تتطوع أمريكا بالمساعدة أو "بادعاء" تقديم يد العون. 

كان الجهد الأكبر في إخفاء كيربي دموعه بعد مساندة مستميتة من أمريكا للصهاينة في تدمير غزة للقضاء على المقاومة واضطراره للقول في مكابرة واستعلاء "لمداراة" الهزيمة: "نتقبل فكرة وجود حماس"؛ وكأنهم من "يمتلكون" منح الخصوم الحق في الوجود وكأن حماس "تنتظر" ما يمنحونه ولم "تفرض" وجودها بالقوة وهي اللغة الوحيدة التي تفهمها أمريكا والصهاينة.

وكذلك بكى "داخليًا" عند اعترافه العلني لأول مرة أن حماس ستظل موجودة ولن تنتهي، وذلك بعد تقييم أجرته أمريكا على الحرب بعد ثلاثة أشهر من مساندة الصهاينة عسكريًا وماديًا وإعلاميًا سياسيًا في حربها الوحشية ضد قطاع غزة المحاصر منذ أعوام والذي تبلغ مساحته   365 كيلومترًا، بينما أمريكا تعد أكبر قوة عظمى في عصرنا، وتتناسى أن بريطانيا كانت الإمبراطورية التي لا تغيب شمسها وتقاسمت مع فرنسا العالم وأصبحت الأخيرة منذ سنوات وخاصة بعد تولي الرئيس ماكرون مجرد "ذيل" تابع لأمريكا، وتشهد جولاته المكوكية في مناطق النزاع وهو يحاول الترويج لرغبات وأوامر أمريكا؛ وكأنه مندوب مبيعات يبيع منتجات يدرك جيدا أنها فاسدة ومنتهية الصلاحية ومع ذلك يستميت لخداع من يحاول بيعها لهم ويفشل "ويتظاهر" بأنه حقق النجاح الباهر!!

لم يبك الأمريكان ولا الغرب عند تعمد الصهاينة هدم المساجد والأماكن الأثرية والمدارس والمستشفيات والمنازل فوق رؤوس البشر في غزة ومنع دخول الطعام والمياه والدواء بل والأكفان؛ ولكنهم بكوا طويلًا في فيتنام والصومال والعراق وأفغانستان وفي كل بلد رفضوا الاحتلال بصوره القديمة والحديثة..

تسبب الحوثيون في بكاء أمريكا وجعلوها "تهرول" طلبًا لمساعدة 20 دولة لحماية الملاحة في البحر الأحمر "وزعمت" حصولها على موافقتهم؛ ورد غالبيتهم بأنهم لا يوافقون!!

كما بكى "كيربي" وحلفاء الصهاينة وأمريكا على التكلفة المادية الزائدة المنتظرة لإجبار السفن على اتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح وتأثير ذلك السلبي على اقتصاد أمريكا والعالم.

ما يبكي "الإنسان" يصنع إنسانيته "ويؤسس" لنصره الحقيقي ولو بعد حين.. ولذا تبكي غزة الشهداء وتوقن بأنهم أحياء عند ربهم، ولكنها تبكي تألم أسرهم لفراقهم، كما تبكي صغارها لمعاناة غزة من الجوع والعطش ونقص الوقود والعيش في خيام غير معدة لتحمل البرد القارص، وللنقص الشديد في الأدوية وللوضع الإنساني المؤلم جدا بكل تفاصيله اليومية، ولكن الجميع صغارًا وكبارًا، نساءً ورجالًا يوقنون أنه لا يوجد نصر في الكون بلا تضحيات وبلا أثمان فادحة أيضًا، ومستعدون لدفعها برضا تام، ويؤكدون أنهم باقون في "أرضهم" وأن الاحتلال إلى زوال.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: