حظيت القرى والنجوع المصرية خلال السنوات الثمانية الماضية بتطوير كبير؛ مرة عبر المبادرة العظيمة حياة كريمة والتي طالت 4584 قرية في 20 محافظة و175 مركز لخدمة 58 مليون مواطن خففت عن كاهلهم بالمجتمعات الأكثر احتياجاً في الريف والمناطق العشوائية في الحضر، ونفذت مجموعة من الأنشطة الخدمية والتنموية التى من شأنها ضمان حياة كريمة لتلك الفئة وتحسين ظروف معيشتهم، وأخرى عبر مشروعات الحكومة وتوجيهات القيادة السياسية؛ ومنها على سبيل المثال رفع بنى تحتية كثيرة وإعادة تأهيل مئات الطرق وإتاحة فرص استثمارية، ومد مشروعات وإنشاء مدارس والتوسع في الجامعات الأهلية والتكنولوجية، وتأهيل آلاف من المكاتب الحكومية التي يتردد عليها ملايين المواطنين لقضاء حوائجهم.
اعتمد سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ اليوم الأول على مد طرق وجسور التنمية في ربوع المعمورة هادفًا إلى توفير متطلبات الإنتاج، وتوطين الصناعة المحلية ليس فقط في القاهرة الكبرى، وإنما في كافة المحافظات، وأنشأ لذلك المدن الجديدة في نقاط إستراتيجية عدة.
ونحن على أعتاب بدء فترة رئاسية جديدة وجمهورية جديدة، علينا أن نجدد العهد مرة أخرى مع سيادة الرئيس بالسعي والتنمية وعدم الانسياق وراء ما يتردد بأن القادم ليس جيدًا باعتبار أن وضع الظروف العالمية الاقتصادية سيئ.
وأؤكد مرة أخرى على حديث الرئيس خلال مؤتمر "حكاية وطن" بأن تجهيز الدولة كبنية أساسية أمر ضروري وأمل لإطلاق التنمية الصناعية، وسيظل من وجهة نظري لحداثة تطور عوامل الصناعة والتكنولوجيا سريعًا وعالميًا، والرئيس قالها: حين نتحدث عن أن إيراداتنا لابد أن تكون مساوية على الأقل لمصروفاتنا، كان جزءًا من هذا الحديث الاهتمام بالصناعة؛ حيث إنها من الأولويات، لكن هل كانت الدولة وبنيتها الأساسية جاهزة لتنفيذ ذلك أم لا؟
ومن هذا المنطلق التنموي لا يمكن حصر التطوير وتوفير البنية التحتية ومشروعات الإنتاج في القاهرة الكبرى، وإنما امتدت للمحافظات؛ ولذلك كان لزامًا من تطوير الريف المصري وقراه بتوفير الطاقة والغاز والطاقة الكهربائية حتى يمكن تقديم كافة سبل الإتاحة لتلك المشروعات؛ مما يؤكد انطلاقها بمجرد أن تأتي الفكرة لأصحابها، وبالتالي يجب أن يضع المحافظون في اعتبارهم خلال الفترات المقبلة أن الدولة وفرت لهم بنية أساسية لإطلاق التنمية الصناعية، وقدمت حوافز أكثر من المعلنة لدعم الصناعة، وبالتالي يتسع فكرهم من الاقتصار على الخدمات وإعادة التأهيل والرقابة على الأسواق ومتابعة المصالح ليشمل فكرًا ثوريًا جديدًا، وليطرح كل منهم سؤالًا كيف يمكن أن نتحول من حالة انتظار الإنفاق من الموازنة وتقسيمها على خدمات مستهلكة إلى محافظة منتجة؟
طبعًا الإجابة على التساؤل السابق يختلف نظرًا لاختلاف الطبيعة الديمغرافية من كونها ساحلية أم زراعية أم صحراوية إلى أخره من الطبائع والصفات المختلفة، ومدى الموارد المتاحة، وربما أن مبدأ الإتاحة أصبح موجودًا من الإسكندرية إلى أسوان.
المهمومون بوطنهم مصر مثلي وغيري من ملايين المواطنين هم وقود نيران مرحلة التنمية السابقة؛ ولذلك يجب أن تكون هناك مساحات أكبر وأكثر للمواطنين وشراكات تطوعية خصوصًا الشباب وحديثي التخرج في المشروعات والحداثة الاقتصادية داخل كل محافظة، فلا يمكن التفكير في أي تنمية بدون تحميل المسئولية وتوزيع هموم المحافظة على كافة المواطنين شركاء التنمية؛ على الطبيب وعلى المهندس وعلى الأم والأب على الفلاح والعامل في المصنع والطالب في مدرسته وجامعته، والعودة مرة أخرى إلى مفهوم الاقتصاد التطوعي إدراكًا من المسئولية المجتمعية التي يجب بثها في كل مواطن.
..وللحديث بقية حول محافظات إنتاجية وأسر منتجة.