إسرائيل تهرب شمالًا من فشلها جنوبًا

4-1-2024 | 11:35

ما يفعله بنيامين نتانياهو الآن هو السعي جاهدًا لتفجير المنطقة وتحويلها لفوهة لبركان متقد؛ فمن فشل غير مسبوق تحققه إسرائيل جراء التوغل في قطاع غزة؛ وتكبدها خسائر كبيرة جدا جدا؛ إلى فشل آخر تبدو آثاره في الأفق بعدما اغتالت إسرائيل العاروري في خطوة مفاجئة.

كل أُطر المنطق كانت تستبعد قيام إسرائيل بعملية مثل عملية اغتيال العاروري؛ لأنها هكذا تفتح على نفسها جبهة؛ بكل تأكيد هي في غنى عنها.

وهنا التفسير الأقرب والأكثر واقعية؛ هو أنها تهرب من فشل الجنوب لمحاولة تحقيق انتصار ولو زائف في الشمال.

فعلى مدى ما يقارب  الأشهر الثلاث؛ كانت تحدث بعض المناوشات البسيطة من حزب الله؛ تلك المناوشات يمكن أن نعتبرها محاولات لذر الرماد؛ بعدما أعلنت إيران أنها ستتدخل في الوقت المناسب لو زادت حدة الاعتداء الوحشي على غزة؛ وهو ما لم يحدث.

إيران هنا؛ قررت أن يكون تركيز العالم على المجازر التى ترتكبها إسرائيل؛ والحقيقة أنها إدارات أزمتها بحنكة كبيرة للغاية؛ ومن ثم سار حزب الله على نهجها؛ ينتقي توقيت و نوعية الضربات التي يوجهها لإسرائيل.

الدخول في تلك الجبهة يأتي متزامناً مع تخفيف عدد القوات المتواجدة في غزة؛ والتي منيت بهزائم مهينة كما ونوعا؛ كما يأتي متزامنا مع إعلان الجيش الإسرائيلي استمرار العمليات العسكرية لمدة قد تصل للعام!!

قراءة متأنية للتصريحات القادمة من كيانات العدو الصهيوني؛ كفيلة بتبيان حجم التخبط الكبير في القرارات المتخذة بشأن العدوان على غزة؛ ولكن الثابت هو محاولة تحقيق أى نجاح ملموس يرضى الرأي العام الإسرائيلي الذى فٌزع يوم السابع من أكتوبر الماضي.

إننا أم احتمالين؛ الأول وهو الأقرب للواقع؛ أن يرد حزب الله بشكل يحقق له الحفاظ على هيبته؛ لاسيما وأنه يناوش ببعض العمليات العسكرية بين الحين والآخر؛ وهذا الاحتمال هو ما تسعى إسرائيل إلى حدوثه؛ ومن ثم الدخول في آتون حدوث حرب بالمفهوم الشامل.

وهنا تدخل المنطقة برمتها في حرب لا يعلم منتهاها إلا الله؛ هذا الاحتمال يحقق لنتانياهو وحده ما يريد؛ وهو الاستمرار في منصبه لأطول فترة ممكنة.

الاحتمال الثاني؛ هو رد محدود من حزب الله؛ يحفظ له ماء الوجه؛ وهذا احتمال قائم؛ ولكن لا نعلم ماذا سيكون رد الجيش الإسرائيلي؛ هل توسيع رقعة الحرب؛ أم الاكتفاء بما حدث وفقط.

الثابت هنا؛ هو محاولات نتانياهو المستمرة لإشعال الحرائق بالمنطقة؛ لمحاولة تحقيق أي نصر بأي شكل ممكن؛ ولا يعنيه ما يمكن أن تتكبده المنطقة من خسائر بما فيها شعبه!!

المتابع لأخبار جيش الاحتلال؛ وجنوده سيصدم من وجود أزمات كبيرة جدا بين الجنود بسبب الخوف من استمرار الحرب؛ وما يواجهونه من ضراوتها؛ وأيضا من الخسائر الكبيرة التي تلحق بهم خاصة في عدد القتلى الذي يتزايد يوما بعد يوم.

وقد ثبت بشكل يقيني؛ أن إسرائيل فشلت تماما في تحقيق أى هدف أعلنته من جراء الدخول البري لغزة حتى اللحظة.

آليات التعامل مع حزب الله مختلفة تماما عن تلك المتبعة مع المقاومة الفلسطينية؛ من حيث العتاد و الجنود؛ بما يعنى أن المنطقة على شفا كارثة؛ لا يمكن التنبؤ بتبعاتها.

أعتقد أن الأمل الوحيد في لجم نتانياهو هو الشعب الإسرائيلي؛ فالدعوة لعزل نتانياهو يمكن أن تكون بداية لهدن مستقرة؛ يعقبها مفاوضات لتحقيق الاستقرار.

فهل يحدث ذلك؟

وأخيرا؛ حينما استدرجت أمريكا روسيا للدخول في حرب مباشرة مع أوكرانيا؛ ظنت هي ومؤيدوها أن الأمر لن يطول؛ والحقيقة أننا بعد مرور عامين إلا قليلاً؛ الحرب مستعرة؛ والكثيرون يدفعون الثمن.

لأنه من السهل أن تأخذ قراراً بالحرب؛ ولكن من المؤكد أنه من المستحيل أن تحدد موعداً لنهايتها!

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: