دراسة التاريخ .. وأحلام اليقظة !

4-1-2024 | 10:56

دخلت إلى العام الجديد 2024 برجلي اليمين ــ كما يقول المصريون عند التفاؤل والأمل بالخير فيما تحمله الأيام القادمة؛ أي بقدمي اليُمنى باللغة الفصحى ــ لأنني ابنتها ومن سدنتها ومعلميها ــ ؛ ولكني آثرت استخدام اللفظة العامية الحبيبة؛ حتى أكون أقرب إلى ذهن المتلقي؛ وتعميمًا لتراث الأمثال في العامية المصرية العبقرية؛ التي تُعد الوجه الآخر لـ "عملة اللغة" في المعاملات الحياتية التي تجري في المجتمع! 
 
ودعوني أكشف عن مصدر هذا التفاؤل عند اجتيازي بوابة العام الجديد؛ وهو اقتراب الانتهاء من العديد من المشروعات القومية العملاقة على أرض الوطن؛ منها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ : افتتاح المتحف المصري الكبير؛ والانتهاء من مرحلة تشغيل خط مترو الأنفاق الذي يصل إلى منطقة المُتحف الكبير؛ وهو ما يتم بالتوازي مع إعادة تطوير منطقة الأهرامات بالجيزة وتأهيلها للمشروعات الاستثمارية العملاقة على أرض المحروسة؛ وافتتاح مجموعة من الفنادق والمنتجعات السياحية التى تضيف أكثر من 25 ألف غرفة فندقية جديدة لاستيعاب الحركة السياحية الخارجية المنتظرة؛ وتعزيزًا للسياحة الثقافية العلمية الداخلية لطلاب الابتدائي والإعدادي والثانوي؛ وربما شريحة من طلاب الجامعات من كليات الآثار والآداب.

ويجيء اهتمامي بهذا المشروع بالذات ـ والذي أجده من أحلام اليقظة لما سأطرحه كاقتراح على من يهمه الأمر ــ بصفتي مواطنة مصرية  ــ لعله يجد رجع الصدى لدى المسئولين ومن بيدهم قرار التنفيذ؛ مع كل التمنيات الطيبة بخروج مقترحي هذا إلى حيز الدراسة الفنية المتأنية؛ ليأخذ طريقه إلى حيز التنفيذ؛ ولا ينتهي إلى أدراج النسيان؛ استغلالاً لما تتمتع به أجواء مصر المناخية واستقرار الأوضاع؛ هذا الاستقرار الذي يمنح الأمن والأمان لدى الجميع تحت القيادة السياسية الوطنية المخلصة.
 
 
ويتلخص مقترحي في :
* ضرورة عمل مجموعات دراسية من الطلاب ـ وبخاصة مناهج     التاريخ ـ  داخل ردهات المتحف المصري الكبير؛ وبين الآثار العظيمة لأجدادنا الخالدين؛ مما سيكون له بالتأكيد أكبر الأُثر في استيعاب المواد الدراسية؛ وتثبيتًا لما تحدثت عنه في عدة مقالات عن الهويَّة والانتماء لتراب الوطن. 
 
* استقطاع جزء من المنشآت الفندقية الجديدة ويتم تخصيصها للطلاب الوافدين من المحافظات مع أساتذتهم للإقامة والإعاشة؛ مثل "نُزُل الشباب" التي تم إقامتها في ستينيات القرن الماضي للوافدين من أبناء مصر والدول العربية؛ وكانت مخصصة وقتذاك للمعسكرات الكشفية والسياحة الداخلية للطلاب فقط.

* تشكيل لجنة تتولى تدبير الموارد المالية للإنفاق على تلك المنشآت الدراسية الفندقية من ميزانيات وزارات : التربية والتعليم/المجتمعات العمرانية الجديدة/وزارة الثقافة/هيئة الآثار/وزارة السياحة؛ ويتم استصدار قانون من مجلس النواب بشأن النسب المالية المقترح تقديمها من كل وزارة سيادية؛ حتى يكون لهذا المقترح قوة القانون على طول الوقت.
 
ومع كل روح التفاؤل التي تسود وجداني ويقيني وقلبي؛ فيما وصفته ــ من شدة تفاؤلي ــ بأحلام اليقظة؛ فالأحلام التي تأتي بعيونٍ مفتوحة.. هي أصدق الأحلام والأمنيات لوطننا العزيز؛ وحتى نترك للأجيال الحالية وأجيال المستقبل؛ ما ينبيء عن أفكارنا المتقدمة التي قامت بدراسة كل احتمالات المستقبل في الخطوات العلمية المتسارعة؛ وحتى لا نلهث خلف ماراثون التكنولوجيا الحديثة؛ وحتى لا نفيق على كارثة ابتعادنا بفراسخ عما وصل إليه العالم من حولنا. 
 
إننا نمتلك العقليات البحثية المتقدمة بشهادة العلماء لطلابنا الذين يدرسون في جامعات العالم بألمانيا وانجلترا وروسيا وأركان العالم كافة؛ فما المانع من خوض تجربة "الدراسة في ردهات المتحف المصري الكبير" المزودة بكل مستلزمات التدريس من شاشات عملاقة وأساتذة على قدر عالٍ من الثقافة المعرفية؛ لتولي أمر الطلاب الدارسين للتاريخ.. والآثار المصرية.

إننا يجب أن نعترف أن الأجيال الجديدة؛ تعيش في أجواء زمنٍ تحدث فيه مستجدات كثيرة وسريعة على كل المستويات التكنولوجية والعلمية والاقتصادية والثقافية؛ وأصبح يتمتع بخصائص تميزه عن السابقين؛ ويمتاز بطبيعة وسلوك ومزاج وقناعات تختلف تمامًا عن الأجيال السابقة؛ فهو يتعامل مع الأجهزة التكنولوجية الذكية؛ ويقتحم مواقع التواصل الاجتماعي ليكتسب صداقات جديدة؛ الصداقات ــ وهي سلاح ذو حدين ــ التي قد تحمل ثقافات متغيرة دينية وعقائدية وفلسفية؛ تحمل في طياتها ما يحيد بمسيرة حياته عن الطريق السوي في الوطنية والانتماء. 

من أجل هذا كان من الضروري أن نعمل على إيجاد أجواء علمية ودراسية غير نمطية؛ تساعد على تفجير الطاقات الإيجابية الكامنة في روح الشباب؛ والمساعدة المستمرة في إذكاء جذوة الابتكار والتجديد؛ وإمدادهم بكل الوسائل التي تساعدهم على ازدياد المعرفة والثقافة عن تاريخ الوطن؛ والإلمام بمسيرة زعماء الحركات الوطنية على مدى التاريخ القديم والحديث.

إنها أحلامي المشروعة بعيونٍ مفتوحة على المستقبل؛ وإرادة لاتعرف الخمول واليأس؛ أبتغي بها وجه الله والوطن؛ وهي الأحلام التي أقترح أن تخرج إلى حيز التنفيذ؛ من أجل أن نفتح الدروب التي تصل الحاضر بالمستقبل للأجيال في مصرنا المحروسة؛ فمصر هي الرائدة؛ وكانت منذ فجر التاريخ.. قاطرة التعمير والتنوير والتجديد والابتكار . 

 ولنقل للأجيال القادمة.. مقولة الشاعر /صلاح جاهين في أغنية "ثوَّار":
(تعالوا يا أجيال.. يارمز الأمل.. من بعد جيلنا واحملوا ما حمل..
وافتكروا فينا.. واذكرونا بخير.. مع كل غنوة.. من أغاني العمل)!!

* أستاذ العلوم اللغوية والتأليف والكتابة الإبداعية بأكاديمية الفنون ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي الأسبق وعضو اتحاد كتاب مصر

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة