الطلاق الرجعي هو الطلاق الذي يملك فيه الزوج حق الرجعة وتكون هذه الرجعة بلا عقد أو مهر ومن دون رضا الزوجة والرجعي يكون دون الطلقة الثالثة للمدخول بها أما غير المدخول بها فبمجرد طلاقه إياها فإنّها تبين منه ولا تكون له عدة عليها، ولا يحق للزوجة الاعتراض على الرجوع إلا بعد انقضاء شهور العدة، وهنا يجب على الزوج أن يقوم بتقديم المهر والعقد من الجديد.
موضوعات مقترحة
يحدثنا المستشار القانوني عبدالحميد رحيم المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة والباحث في الشأن الأسري قائلا: إن للرجل الذي طلّق زوجته طلقة واحدة أن يراجعها ما لم تنقض عدتها وعدة المرة التي تحيض تكون ثلاث حيضات، أمّا المرأة الحامل فتنتهي عدّتها بوضع حملها، فإذا لم تنته عدّة المرأة المطّلقة بعد الطلقة الأولى؛ فيحقّ للزوج أن يراجعها، وتكون المراجعة بقول الزوج لزوجته: راجعتك، وقد يكون إرجاع الزوجة بالفعل كأن يصدر من الزوج فعل يفيد نيّته في إرجاع زوجته مثل الجماع، فمن طلق زوجته طلقة أولى ثم جامعها يعد هذا الجماع إرجاعا لها لعصمته وسواء كانت الرجعة باللفظ أو الفعل، فإنّها تكون متحقّقةً بأحدهما، وتعود المرأة إلى عصمة زوجها.
يقول الحق سبحانه وتعالي «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»، وقد شرَع الله -سبحانه وتعالى- للزوج الحقّ في إرجاع زوجته إلى عصمته خلال فترة العدّة برضاها أو بغير رضاها؛ لأحقّيته في ذلك؛ حيث ذُكِر في القرآن الكريم قوله -تعالى-:»وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا».
ولو طلقها للمرة الثالثة طلقة واحدة، فإنها تكون المكملة للثلاث، ولا يحق له أن يراجعها لا في العدة ولا بعد العدة، إلا إذا تزوجت بآخر وطلقها الزوج الثاني بإرادته، فيجوز أن يعود إليها بعقد ومهر جديدين كالمرة الأولى لمّا تزوجها، والطلقات الثلاث لا تحسب عليها طالما تزوجت وطلقت من الزوج الثاني، والرجعة تتحقق بإحدى الصيغتين كما ذكرنا سابقا إما بالقول فيقول لها: راجعتك إلى عصمتي، وإما بالفعل كأن يجامعها بنية الرجعة، وهو الأمر الذى يجعلنا نتطرق إلى الإجابة عن سؤال مدى جواز رفض الزوجة الرجوع بعد الطلقة الأولى أو الثانية.
يستطيع الزوج أن يقوم بإرجاع زوجته بعد أن قام بطلاقها طلقة أولى أو ثانية، وبالتالي لا ينبغي رفض الزوجة الرجوع بعد الطلقة الأولى والا تعد ناشزا، ولكن يجب أن يعلم الرجل مجموعة من الشروط الخاصة بالرجعة بعد أن يقوم بالطلاق سواء في حالة الطلقة الأولى أو في حالة الطلقة الثانية، ومن بين هذه الشروط ما يلي:
1 -ينبغي أن يكون هذا الزوج بالغا عاقلا، لأن الرجعة لا ينبغي أن تكون من شخص المرتد أو الشخص المجنون أو السكران أو الصبي فجميعهم ليس لديهم القدرة على امتلاك الإرادة الكاملة.
2 -ينبغي أن يقوم الزوج بالدخول بطريقة صحيحة بالزوجة في حالة إذا حدث الطلاق بعد الدخول بزوجته أما إذا كان هذا الطلاق قبل أن يقوم الرجل بالدخول بزوجته فلا يوجد في هذا الطلاق رجعة، وذلك لأن المرأة لا يوجد لها عدة قبل أن يقوم الرجل بالدخول بها والدليل على ذلك قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا).
3 -ينبغي أن يقوم الرجل بالشروع في الرجعة بالطريقة الفعلية أو بالقول بعد أن يقوم الرجل بالطلاق الرجعي.
4 -إذا طلق الرجل الطلقة الثالثة فهذا الأمر يمنع الرجعة لأنها تكون بعد الطلاق الرجعي سواء كانت الطلقة الأولى والطلقة الثانية فقط، أما بالنسبة للطلقة الثالثة فهنا يكون الطلاق بائنا وله الأحكام الخاصة به.
5 -ينبغي أن يقوم الرجل بإرجاع زوجته خلال فترات العدة فقط سواء كانت في الطلقة الأولى أو الثانية وبالتالي لا ينبغي أن يقوم بإرجاع زوجته بعد الانتهاء من فترة العدة وفترة العدة في ذلك تكون عبارة عن ثلاث حيضات بالنسبة للنساء ذوات الحيض، أما بالنسبة للنساء اللاتي لا يحضن فتكون فترة العدة في ذلك ثلاثة أشهر قمرية.
ولكن ما الذي يترتب في حال رفض الزوجة الرجوع؟
في حال رفضت الزوجة الرجوع إلى الزوج برغم مراجعتها، فهنا يوجد أمام الزوج خياران:
الخيار الأول: هو محاولة إرضاء الزوجة عبر معالجة السبب الذي أدى للطلاق مثلًا، أو يمكن محاولة إرضاء الزوجة بتقديم هدية ما على شكل رضائه، أو توسط الأهل من الطرفين لمحاولة الصلح وإقناع الزوجة بالرجعة.
الخيار الثاني: هو اللجوء إلى منصة «تراضي» وإنشاء طلب صلح هناك، وسيتدخل مصلح من مركز المصالحة في المنصة لمحاولة التوفيق بين الزوجين عبر مكالمة بين الطرفين وحضور المصلح، ويفضل في هذه الحالة توثيق الطلقة التي تمت قبل إنشاء طلب المصالحة لأن المصلح سيسأل عن ذلك.
في حال لم ينجح أي من الخيارين السابقين فعلى الأغلب تكون الأمور متجهة نحو الانفصال إذ تكون الزوجة مصرة على عدم الرجوع إلى الزوج ولا يوجد ما يجبرها على الرجعة.
فعندما تصر الزوجة على الانفصال وعدم الرجوع إلى الزوج هذا يعني رغبتها في الانفصال وإنهاء العلاقة الزوجية، وهنا يوجد أكثر من خيار،
الاتفاق بين الطرفين على الانفصال عبر الطلاق، وفي حال اتفاق الطرفين على الطلاق يكفي تقديم الزوج لطلب توثيق طلاق من دون الحاجة إلى رفع دعوى.
الاتفاق بين الطرفين على الانفصال عبر الخلع، وهنا يجب على الزوجة افتداء نفسها بعوض تقدمه للزوج، وفي حال اتفقا على الخلع يكفي تقديم الزوج لطلب توثيق خلع من دون الحاجة إلى رفع دعوى.
أما في حال لم يتفق الطرفان فعندها يلزم رفع دعوى في المحكمة، وكون الزوجة هي من تريد الانفصال ورفضت الرجعة فهي من يفترض بها رفع الدعوى.
وتكون بهذه الحالة دعوى خلع إذا كانت الزوجة مستعدة لدفع عوض إلى الزوج مقابل الانفصال.
أو تكون دعوى فسخ نكاح إذا كان لدى الزوجة سبب لطلب الانفصال، وبهذه الحالة لا تدفع عوضا ولكن يجب وجود سبب يجيز الفسخ.
وفي حاله رفض الزوجة العودة لمنزل الزوجية تعد ناشزا ويترتب على هذا النشوز طلب الزوج رد المهر بحيث يكون فسخ نكاح بعوض وكذلك تسقط النفقة بسبب النشوز.
ويرى الدكتور طه أبوحسين أستاذ الصحة النفسية وعلم الاجتماع بجامعة عين شمس أن قضايا الطلاق المنتشرة حاليا في المجتمع المصري مرجعها الأساسي والرئيسي أن العلاقة الزوجية لا تقوم على الأسس السليمة، ولا تقوم على الأسس التي من أجلها قامت علاقة الزواج، بمعنى أن الإنسان لابد أن يعرف لماذا يتزوج؟ وما الهدف الأسمى من الزواج؟ فالهدف من الزواج هو تكوين أسرة والمساهمة في تشكيل صورة المجتمع العليا في إطار من الأخلاق والجدية والمهنية ومن خلال الأطر السليمة تستقيم حياة الأسرة، فالهدف من الزواج إعمار الأرض وترسيخ قيم المجتمع
السليمة ولا بد في هذه العلاقة الزوجية أن يتم التغاضي عن الخلافات الكثيرة التي تتعرض لها الأسرة من خلال ضغوط الحياة للحفاظ على هذه العلاقة المقدسة فالإنسان يتزوج أولا في عقيدتنا نحن المسلمين من أجل إرضاء الله عز وجل وأيضا من أجل الإحصان وغض البصر لكي يتم تشكيل مجتمع راق، مجتمع تسود فيه القيم العليا والمثل وإذا قامت هذه القيم وهذه المثل من خلال تكوين مجتمع فاضل من خلال تربية سليمة، هنا تقل الجرائم ويزيد الإنتاج وتقل الاضطرابات وتقل الخلافات وتسود روح من المحبة والأخوة.
ويكمل الشيخ منصور الرفاعي عبيد الوكيل الأسبق لوزارة الأوقاف أن الطلاق حق شرعي شرعه الله عز وجل للفصل في الخلافات الزوجية إذا استحالت الحياة الزوجية. ولا شك في أن للزوج الحق في إرجاع زوجته بعد الطلقة الأولى أو الثانية قبل انقضاء شهور العدة، وللزوجة ألا تخرج من بيت الزوجية خلال شهور العدة ولها أن تتجمل وتتزين لزوجها لعل الله عز وجل أن يؤدم بينهما، وللزوج أن يراودها ويرجع إليها من جديد.
أما إذا رفضت الزوجة الرجوع خلال شهور العدة فلها أن تنتظر بعد هذه الشهور ثم ترفع قضية خلع وترد له المهر حتي يتم إنهاء العلاقة الزوجية من خلال المحاكم المختصة بهذا الشأن.