لأن الرقابة على المصنفات الفنية دائمًا المنوطة بالموافقة أو المنع، فهي دائمًا موضع اتهام، وقد يكون المبدع محقًا فى غضبه ورفضه لقرار المنع، أو التحفظات التي ترد فى تقارير الرقابة؛ لأنه كمبدع لديه المبرر أنه لا رقابة على الإبداع، وقد فتح الإعلامي خالد أبوبكر، فى برنامجه "كل يوم"، على قناة on، خلال حلقتين متتاليتين ملف الرقابة على الإبداع، وتناول الموضوع برقي، حرص على استعراض آراء كثيرة، وبخاصة بعض أطراف من لهم أعمال فنية تحفظت الرقابة على مشاهد بها، منها فيلم للمخرجة هالة خليل التى حلت ضيفة على الحلقة الثانية بعد مداخلة بالأولى، وهي من أكثر المخرجات ممن شهد لهن الجميع بموهبتها، وتحدثت عن تجربتها التي ما زالت تنتظر لها الخروج بعد مطالبات وملحوظات قالت إنها وصلت إلى "18" ملحوظة، معظمها تتطلب موافقات من الأزهر، وقالت إنها ناقشتها مع أحد رجال الدين، وليس من خلال لجنة بالأزهر، كما هو معمول به فى اللوائح الرقابية، وبخاصة إن تعلق الأمر بإشكاليات دينية، وأجرى السيناريست، المنتج محمد حفظي أيضًا مداخلة تحدث فيها عن دور الرقابة حاليًا، وكان للنجمة إلهام شاهين رأي ومطالب بأن يكون هناك حرية أكثر في الموافقة على المصنف الفني، أو على المسميات وضربت مثالًا بمسرحية سبق أن قدمت فى فترات سابقة ولم يعترض أحد عليها، وعندما طلبت تقديمها العام الماضي أثير حولها جدل كبير.
..كلها مناقشات إن نظرنا إليها سنكتشف أنها تصب في مصلحة المبدع والمشاهد قبل أن تكون إدانة للرقابة؛ لأنها ببساطة تكشف عن الأسباب الحقيقية التي دعت الرقيب لأن يتردد في منح الموافقة؛ لأنه كرقيب لديه أيضًا مبررات المنع، وقد ناقشت قبل كتابة تلك السطور الدكتور خالد عبدالجليل في بعض النقاط التى وردت فى حلقة الإعلامي الدكتور خالد أبوبكر، وكيف أدار الملف بذكاء شديد؛ لأنه كان واضحًا مدى إدراكه بأنه لا مصلحة خاصة سيجنيها رقيب من وراء المنع، غير أنه راقب وشاهد وأيقن بأن المجتمع قد ينصب له محاكمات إن غض الطرف عن مشهد يتسبب فى اشتباك عقائدي، قد يكون المؤلف كتبه بحسن النية، أو من منطلق رؤية سينمائية خاصة.
تحدثت مع رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، ولمست مدى تفهمه لبعض الأعمال التي طلب أن يتم تعديلها، وأعمال وافق عليها، بعد أن تفهم صناعها وجهة نظره، وأنه يكن كل التقدير لفكر مؤلفة ومخرجة مبدعة مثل هالة خليل، والمنتج محمد حفظي، وأن كل الأمور سيصل الجميع فيها إلى حلول بعد تدارك نقاط ما وتفهمات بأنه لا حاجة إلى مشهد قد يثير بلبلة بين الناس.
هناك صدق في النوايا، ومن حق كل مبدع أن يدافع عن عمله، وأن يراه مصنوعًا كما كتب ولا أحد من حقه أن ينزع عنه هذا الحق، ومن حق الرقيب أيضًا أن يقول رأيه المبني على قوانين ولوائح يستند إليها، وبخاصة أن الرقيب سينمائي فى المقام الأول، وأن يرى ما لا يراه غيره كمسئول أمام المجتمع.
ولا يمكن أن نغفل دور السوشيال ميديا كطرف ثالث أو قل رابع فى المحاكمة، بل قد تكون السوشيال ميديا هي الأكثر شراسة في الحكم على الرقيب؛ لأنها إن أصدرت حكمها كما هو الحال فى أغنية "روبي" ستكون هي أي "السوشيال ميديا" صاحبة القرار، وتدين من تشاء، ولا أحد يمكنه بالطبع ردع من يجلسون على وسائل السوشيال ميديا وينصبون المحاكم للجميع.