Close ad

النقطة العامية

1-1-2024 | 11:22

لدي اهتمام شديد بالدراما بكل أشكالها، أعشق الفن الجيد، الذي يحمل رسالة، وحتى أن كانت الرسالة الوحيدة في العمل هي الترفيه عن المتفرج، أعشقها أيضا مادامت تحترم عقل المشاهد، ويتم تقديمها من خلال مجهود واضح من جميع العاملين.

على مدى سنوات أصبح التليفزيون بالنسبة لي هو القنوات التي تقدم أفلامًا من زمن مضى، ولم يعد له مثيلًا حتى وإن تقدمت الإمكانيات.. أفلام ومسلسلات ممتعة تضيف إلى الذوق العام رغم مرور سنوات على إنتاجها. 

أما المسرح فقد هجرته منذ سنوات طويلة لأن المتاح لم يعد يجذب أحدًا فأصبح مضيعة للوقت.. إلي أن سمعت وقرأت عن مسرحية تقدم على مسرح الغد التابع للدولة.. وكل من حضرها استمتع بها وأكد أن مستواها قد أعاد للمسرح جمهوره.

قررت المجازفة،  وبالفعل ذهبت لمشاهدة مسرحية "النقطة العامية".. 

المسرح مكتمل العدد، وعرفت أن هذا أمر يتكرر يوميًا.. مدة العرض لا تتعدى ثمانين دقيقة لم أشعر بمرور الوقت خلالها، فالعرض شيق للغاية، إيقاع الأحداث سريع جدًا.

أهم ما في العرض هي الفكرة المطروحة والرسالة الموجهة إلى ضمير كل متلقٍ.

تتناول المسرحية الحرية والمسئولية لوجدان الإنسان المعاصر، من خلال النقاط العامية التي يمر بها في حياته اليومية.

فالإنسان في زمننا هذا، يستبيح لنفسه أي فعل يساعده على الوصول لهدفه، حتى وإن كان هذا التصرف له تداعيات سلبية على غيره أو عليه هو نفسه.

حتى يواجه القيم التي تغافلها على مدى سنوات فيحاصره ضميره إلى أن يعترف بأخطائه ويحاكم نفسه ويحكم عليها بأشد عقاب.

العمل بطولة الفنان نور محمود في أول تجربة له في المسرح.. الأريحية التي يتعامل بها على خشبة المسرح تجعلني أظن أنه ولد فنانًا مسرحيًا.. يقدم نور دور "آدم" السمري إنسان معاصر خطاء ومغرور تقوده الظروف إلى بيت مهجور يقابل فيه مجموعة من الأشخاص يمثلون محاكاة لمحاكمة في صورة لعبة يلعبونها مع كل ضيف يمر عليهم.

الفنان حسام فياض  يقوم بدور دكتور "حكيم"، الذي يمثل القاضي، أما الفنان أحمد عثمان فيقوم بدور  الدكتور "عادل الريدي"، الذي يمثل وكيل النيابة، والفنان أحمد السلكاوي يقوم بدور دكتور "كمال " الدميري ويمثل المحامي الذي يدافع عن المتهم "آدم"، في المحاكمة الخيالية التي تدور في البيت المهجور أو في صميم روح الإنسان. 

في نهاية العرض لم أستطع تحديد إن كانت هيئة المحكمة الافتراضية حقيقية أم أنها قيم ومشاعر داخل البطل تحاكمه وتدافع عنه في خياله فقط، إلى أن يصل إلى المواجهة الصادقة مع نفسه. 

وما جعل العرض حقا متميزا وممتعا في آن واحد هو إخراجه في هذا الشكل الإبداعي الرفيع.. فالمخرج أحمد فؤاد تفوق بإبداعه لتصل رؤيته للنص بفكر جديد رغم أنه يبدو للوهلة الأولى بسيطًا، لكنه رفيع المستوى.

خرجت من المسرحية وأنا مصممة أن أعود مرة أخرى لمشاهدتها، فالمرة الثانية عادة ما تساعد على قراءة ما بين السطور مثل الكتاب الشيق الدسم الذي تستمتع بقراءته مرارا وتكرارا.

أخيرًا، أستطيع أن أقول إن هناك مسرحًا لا يضيع فيه الوقت أبدًا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: