في منتصف القرن الماضي وتحديدًا عام 1953 شهد مسرح لندن أول عرض لمسرحية "في انتظار جودو" للكاتب الأيرلندي الشهير صمويل بيكت رائد مسرح العبث؛ والتي تحكي عن رجلين ينتظران قدوم شخص ثالث اسمه "جودو" وينضم إليهما أناس كثيرون.. لكن "جودو" لا يأتي أبدًا.
وهكذا نحن ننتظر في غرفة شركات السياحة كثيرًا من الإصلاح، ولكنه مثل "جودو".
كان القطاع السياحي على موعد يوم الأربعاء الماضي مع اجتماع الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة؛ لاتخاذ قرارات في بعض القضايا المعروضة على جدول الاجتماع واعتماد ميزانية العام الماضي.
ولن أكتب اليوم عن رأيي فيما صدر من قرارات من هذه الجمعية، وعلى رأسها اعتماد الميزانية والتي بات اعتمادها تحصيل حاصل.. فما كان يهمني أو ما كنت في انتظاره هو الحديث عن موعد الانتخابات المتوقع إجراؤها بالغرفة، بعد نحو 7 سنوات من عدم وجود مجلس منتخب ومن يدير الغرفة لجان تسيير أعمال، وجهاز إداري.
كنت أنتظر حديثًا أكثر جدية من أعضاء الجمعية العمومية عن تنظيم الحج والعمرة، والمعاناة الصعبة للشركات (بعيدًا عن الشركات الكبرى) لمواجهة إجراءات المملكة العربية السعودية، وهذا حقها، أو حديثًا عن تدبير الريال الذي يشكل أكبر مشكلة تواجهها الشركات، ويعرض كثيرًا منها لجريمة تجارة العملة أو اللجوء إلى "التحايل" على المصريين بالسعودية لتوفير العملة؛ بما يؤثر على تحويلات المصريين بالخارج.
كنت انتظر رأيًا يقال في مثل هذه القضايا وغيرها، لكن ذلك لم يحدث!
كنت.. وكنت.. وكنت انتظر.. لكن لا شيء جديدًا، لا انتخابات ولا تنظيم حج وعمرة.. يبقى الوضع كما هو عليه.. فقط لفت نظري في البيان الصحفي الذي صدر عن الاجتماع من الغرفة، أن ممثل الوزارة أشاد بالتعاون بين الغرفة والوزارة، مؤكدًا استمرار النمو في نشاط شركات السياحة التي تعمل في السياحة الدينية.. "يعني مش في مجال السياحة المستجلبة"، ومعروف أن مصر بها نحو 2400 شركة سياحة منها 2000 شركة تعمل في الحج والعمرة؛ يعني نحو 400 شركة فقط يستجلبون السياحة، مع أن الغرفة في الأساس منشأة لجلب السياحة وليس تصدير السياحة.
لذلك سأتوقف هنا، وأترك الكتابة لأحد أعضاء الجمعية فاجأني بهذه الرسالة بعد انتهاء الاجتماع، لكنه للأسف يرفض كتابة اسمه، رغم أنه حدثني تليفونيًا بحجة أنه مش عاوز مشاكل، المهم الصالح العام.
الاستاذ/ مصطفى النجار
تخيلت أن أهم ما ستناقشه عمومية غرفة الشركات ووكالات السفر والسياحة، وأغلبها من شركات الحج والعمرة، هو السبل المطروحة للتطوير من أداء وطريقة عمل الشركات المصرية لمواجهة التغيير الذي استحدثته المملكة العربية السعودية، والذي يسمح للمعتمر وقريبًا للحاج دخول المملكة وأداء المناسك دون الحاجة لوسيط مصري، ولجان معاينات وحملات وبدلات، ولكنني فوجئت أن أقصى اهتماماتهم هو كيف نمنع الجهاز المركزي للمحاسبات من مراجعة حسابات الغرفة متندرين بزمن الانفلات.
واندهشت لهذا الذي يدعو لتبني مشروع بناء مستشفى لاستثمار أموال الغرفة، وهذا الذي يتابع مشروع العمارات السكنية التي تبنيها الغرفة للأعضاء، وقد نسوا أو تناسوا أو ربما لا يعلمون أن الغرفة غرفة مهنية تعنى بشئون المهنة وصناعة السياحة وليست نقابة، ومن تحدث في حماية القطاع طالب وزارة الداخلية بالقبض على من يعلن عن رحلة أو يزاول عمله من خلال شبكة المعلومات الدولية، معلقًا فشل الشركات على شماعة التطور والتحول الرقمي الذي اتجه العالم إليه بأسره.. يا أستاذ مصطفى.. لا تتعب نفسك.