أكد خبراء الاقتصاد والمالية بأن هناك العديد من الخطوات التي يمكن اتخاذها لتخفيف أثر الأزمة العالمية على موارد النقد الأجنبي بالاقتصاد المصري، وذلك على المدى القصير، عبر تحركات لتعزيز اتجاهات السياسة المالية ومناخ الاستثمار، ومن بينها ابتكار أدوات جديدة لتشجيع الادخار بالعملة الأجنبية، ومن بينها على سبيل المثال طرح شهادات ادخار ذات عائد مميز على المودعين المستعدين لدفع مقابلها بالدولار، ودعم استقرار سعر الصرف للحفاظ على تزايد تحويلات المصريين في الخارج، وتخصيص وعاء استثماري دولاري يستهدف تعظيم عوائد أموال المصريين بالخارج بأسعار فائدة جاذبة مع ضمان حرية تحويل تلك الأموال، ومشيدًا بإطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة كوسيلة لزيادة مشاركة القطاع الخاص، ومطالبًا بدعم التحول نحو جذب الاستثمارات الأجنبية المُستدامة على المدى الطويل، وتوسيع مُستهدفات برنامج الطروحات الحكومية في البورصة.
موضوعات مقترحة
استخدام الدولار كـ"وعاء ادخاري"
وبهذا الصدد، يقول الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي والمالي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، لـ"بوابة الأهرام": أن الدولة المصرية لا تعاني من الأساس، بالنقص الكبير من العملات الأجنبية، ولكن المشكلة الحقيقة هي استخدام الدولار كـ"وعاء ادخاري" لدى الكثيرين؛ مما يزيد الطلب عليه في السوق.
كيف يتم تعزيز قيمة الجنيه المصري؟
وتابع: بينما أدى ارتفاع معدل التضخم ونسب الفائدة السلبية إلى تراجع استخدام الجنيه كـ"وعاء ادخاري"؛ مما يخفض الطلب عليه بالتالي المشكلة الحقيقة هي تراجع الجنيه وليس قوة الدولار، وإذا تم العمل على تعزيز قوة الجنيه المصري وزيادة استخداماته والحد من نسب الإصدار النقدي الجديد سيؤدي ذلك إلى تعزيز قيمة الجنيه ومواجهة الدولار وغيره من العملات، مشددًا أن المهمة المطلوبة خلال العام المالي القادم هي أن تتركز في زيادة معدلات النمو زيادة معدلات النمو وخلق استخدامات جديدة للجنيه، مع مراعاة وقف الإصدار النقدي الجديد من الجنيه لفترة معينة.
كيفية تعزيز الموارد الدولارية
وعن تعظيم الموارد الدولارية، يرى جاب الله، ضرورة تقييم الإجراءات التي حدثت من أجل تعظيم الإيرادات الدولارية خلال 2023 ومتابعة آثارها، ووقف بعضها وتعظيم الآخر؛ حيث نجد مبادرة مثل مبادرة سيارات المصريين بالخارج إن كانت نجحت في جذب ودائع دولارية، إلا أنها أثرت بالسلب على الحصيلة الإجمالية لتحويلات المصريين بالخارج بعد أن قام المصريون بإنفاق جانب كبير من دخولهم التي كانوا سيحولها إلى مصر لشراء تلك السيارات بالخارج مؤكدًا على ضرورة خلق «أوعية استثمارية» داخل مصر، تساعد على زيادة تحويلات المصريين من الخارج، فإذا كانت الدولة تتجه نحو طرح «شركة وطنية» لمحطات تموين السيارات بالوقود، فإنه يمكن طرح المحطات بصورة منفردة بحيث يمكن للمصريين بالخارج أحدهم أو عدد منهم بالشراكة لشراء محطة واحدة أو عدد من المحطات والمقصود هنا أن تكون تهيئة الشركات الرابحة التي سيتم طرحها للقطاع الخاص خلال العام الجاري لا تتناسب فقط مع كبار المستثمرين ولكنها تتناسب مع صغار ومتوسطي المستثمرين أيضا.فعند شراء هذه المحطات بالجنيه المصري، فإن ذلك سيعزز من قيمة الجنيه وإذا قاموا بالشراء بالدولار المحول من الخارج فإن ذلك سيعزز من حصيلة الموارد الدولارية.
الدكتور وليد جاب الله
ما هي التحديات التي تواجه مصادر النقد الأجنبي؟
وفي السياق ذاته، يضيف الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي الدولة المصرية تشهد العديد من التحديات الكبيرة على المستوى مصادر النقد الأجنبي والتي تنقسم إلى شقين أساسين وهما:
الشق الأول مصادر غير مولدة لتكلفة أو دين وتتمثل في:
- الصادرات: والتي واجهت الارتفاعات في الطلب على السلع محليًا، وهذا أثر على الصادرات بشكل كبير، وذلك مع زيادة قيمة الواردات كل ذلك أثر بالسلب على الميزان التجاري؛ مما أثر على الصادرات مقابل الواردات.
- تحويلات المصريين بالخارج: وقد تأثرت سلبا نتيجة السوق السوداء للدولار والتي ذهب لها قدر كبير من التحويلات نتيجة فرق السعر بينها وبين السوق الرسمي؛ حيث انخفضت من 32 مليار دولار لحوالي 22 مليار دولار.
- السياحة: والتي تأثرت بما يحيط بالمنطقة وقبلها اندلاع «الحرب الروسية الأوكرانية».
- إيرادات قناة السويس: وقد بلغت 9.5 مليار دولار، لكن كان من الممكن أن تحقق أكثر من ذلك لولا التداعيات التي حدثت و تحدث في البحر الأحمر.
- الاستثمارات الأجنبية المباشر: وقد تأثرت سلبا بالأزمات والصدامات المتتالية عالميا، والتي أدت إلى ارتفاعات في معدلات التضخم عالميا بشكل غير مسبوق؛ وهو ما جعل البنوك المركزية على مستوى العالم وعلى رأسهم "الفيدرالي الأمريكي"، أن يرفع أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة؛ مما كان عائق وتحدي أمام الاستثمارات المباشرة بسبب ارتفاع تكلفة التمويل والاقتراض.
الأموال الساخنة
وأضاف، أما بالنسبة للشق الثاني فهي المصادر المولدة لتكلفة أو دين وتتمثل في الأموال الساخنة "الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين الحكومي سواء كانت سندات أو أذون خزانة"، وبالتالي ارتفعت تكلفتها نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة.
ابتكار أدوات مصرفية تساهم في زيادة الحصيلة الدولارية
ويوصي الإدريسي، بأنه لتعظيم الموارد الدولارية لابد من التحرك لزيادة إيراداتهم وابتكار أدوات مصرفية تساهم في زيادة الحصيلة الدولارية مثل طرح شهادات الاستثمار بفائدة عالية، مبادرة مماثلة لمبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج.
الدكتور علي الإدريسي