بدأت مرحلة جديدة سطرها المصريون عقب الانتخابات الرئاسية التي استمرت على مدار ثلاثة أيام لاختيار رئيسهم في صورة مٌشرفة ومضيئة تدفعهم نحو بناء الحاضر والمستقبل رغم التحديات العالمية والتهديدات الإقليمية والأزمات الاقتصادية، وبعدها أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فوز الرئيس عبدالفتاح السيسي بولاية مدتها ست سنوات.
موضوعات مقترحة
وليسأل الجميع ماذا بعد؟.. وما هي الأولويات المُلّحة للمرحلة القادمة لتحسين الأحوال؟، ويتحدث النائب طلعت عبد القوي، عضو مجلس النواب، ورئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني وعضو التحالف الوطني، لـ"بوابة الأهرام": من المتوقع أن تكون هناك قرارات اقتصادية مهمة لتحسين الدخول، ويدفع هذا وجود حالة تفاؤل بشأن الوضع الاقتصادي وحدوث انفراجة اقتصادية مؤشراتها مختلفة وثمارها مُنتظر حصادها، مع توفير فرص عمل للشباب.
وتابع: هناك قوانين ستتم الموافقة عليها مثل قانون حماية المسنين، القوانين الخاصة بقطاع التعاونيات والنقابات المهنية، وقانون تنظيم العمل الأهلي، وكذلك دعم المنظومة الصحية والتعليمية.
وطالب عبد القوي بضرورة إعادة النظر وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية لدعم وتفعيل دور الأحزاب السياسية، مضيفًا ضرورة الاهتمام بدعم الفلاح المصري بشكل كبير في المرحلة القادمة.
وأضاف، لابد من إزالة المعوقات أمام قطاع الصناعة، كذلك مراقبة الأسعار والتصدي لظاهرة الاحتكار، وتفعيل دور حماية المستهلك والتوسع في إقامة منافذ لبيع السلع الأساسية للمواطنين.
النائب طلعت عبد القوي
ومن جانبه، يرى الدكتور مصطفى أبو زيد، الخبير الاقتصادي، ومدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، بطبيعة الحال ووفقًا للمتغيرات الاقتصادية العالمية والتحديات الإقليمية كانت لها تبعات اقتصادية على الدولة المصرية، ولذلك سيكون أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى العديد من الملفات وبالتأكيد سيكون على قمة هرم الأولويات هي الملفات الاقتصادية، والاهتمام بتحسين أحوال المواطن المصري، والتي تتعلق بكيفية التعامل مع أزمة نقص السيولة الدولارية، والتي يعانى منها الاقتصاد المصري منذ فترة خاصة مع اتساع حركة ونشاط السوق الموازية للمعاملات الدولارية وارتفاع نشاط المضاربات بالإضافة إلى كيفية التعامل مع تصاعد الديون الخارجية كقيمة مطلقة والتي وصلت إلى 165 مليار دولار.
وعن السياسات التي ستتم صياغتها من أجل السيطرة على عجز الموازنة العامة والاتجاه به إلى مسار نزولي يقول الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى أبو زيد أن عجز الموازنة العامة وصل في العام المالي الماضي 2022-2023 إلى 6.2% من الناتج المحلى الإجمالي ويمثل 618 مليار جنيه، بالإضافة إلى زيادة نسبة الدين العام للناتج المحلى الإجمالي 95%، متسائلًا ما هي طرق وأدوات التعرف على اتجاهات السياسة النقدية في الفترة القادمة هل هي المضي قدمًا في سياسة التشديد النقدي لمكافحة التضخم برفع أسعار الفائدة؟ خاصة أن معدلات التضخم في الفترة الأخيرة وصلت إلى معدلات غير مسبوقة؛ حيث وصلت إلى 40.4% في أغسطس الماضي.
وأضاف، ومع بعض الإجراءات التي اتخذتها لإتاحة المعروض من السلع قد ساهم في تراجع طفيف بمعدل التضخم إلى 39.7% في سبتمبر ثم إلى 38.1% في أكتوبر الماضي ثم إلى 35.9%، وفي نوفمبر الماضي إلا أن معدل التضخم مازال مرتفعًا وذلك يتطلب إجراءات كثيفة وفعالة في مواجهة ارتفاع الأسعار غير المبررة والتي تساهم بشكل مباشر في زيادة معدلات التضخم، وبالتالي زيادة الضغط على الاقتصاد المصري في زيادة الكميات المستوردة، وهذا الأمر يؤدي إلى المزيد من الضغط على العملة الدولارية التي توجد بها أزمة بالأساس إلى جانب ضياع تأثير مخصصات الحماية الاجتماعية التي تقدمها الدولة المصرية للفئات الأكثر احتياجًا.
وأكد الخبير الاقتصادي ضرورة الاختيار في المرحلة الجديدة ما بين الاستمرار في سياسة التشديد النقدي لمواجهة التضخم أم المحافظة على استدامة تحقيق نمو اقتصادي، لأن سياسة رفع الفائدة لها آثار سلبية في زيادة تكلفة الاقتراض للاستثمار الذي يساهم في زيادة الناتج المحلى الإجمالي وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة إلى جانب زيادة قيمة خدمة الدين بالموازنة العامة للدولة؛ حيث إن كل 1% زيادة يؤدى إلى زيادة بقيمة 70 مليار جنيه في حجم مدفوعات فوائد الدين.
وأوضح أبو زيد، أنه سيتطلب ذلك حكومة اقتصادية تتعامل مع متطلبات المرحلة القادمة، ولذلك أعتقد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى سيكون حرصه واهتمامه خلال الفترة الرئاسية القادمة البناء على ما تم من إنجازات في كافة قطاعات الدولة خلال العشر سنوات الماضية والحرص على التنسيق الدائم والمستدام بين السياسات المالية والنقدية لضمان الاتساق في تنفيذ السياسات الاقتصادية الكلية للدولة المصرية ومن خلالها يمكن تحقيق المستهدفات الموضوعة إلى جانب كيفية التعامل مع تداعيات الحرب على غزة وتأثيراتها على قطاع السياحة والصادرات وقناة السويس.
وطالب أبو زيد، بأن تكون الأولوية الأولى في قمة الهرم هو وضع سياسات فعالة ونشطة لجذب تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة وغير المباشرة فكلاهما مهم؛ ثم الإسراع بطرح الإستراتيجية الوطنية للصناعة المصرية التي توضح أهداف وآليات التنفيذ والجهات المنوط بها التنفيذ ومؤشرات القياس والمتابعة والتقييم والتي تحدد ملامح مسار الدولة المصرية في نهوض قطاع الصناعة كأحد القطاعات المؤثرة بشكل رئيسي في زيادة الناتج المحلى الإجمالي وزيادة معدل النمو الاقتصادي وزيادة حجم الصادرات المصرية وأخيرًا وليس آخرًا هو المضي قدما في برنامج الأطروحات الحكومية؛ بما يساهم في زيادة مساحة مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ولفت أبو زيد إلى أن هناك ملفات عديدة ومُلّحة، ولكن الفترة القادمة تتطلب مرونة أكثر سلاسة في تغيير السياسات والقرارات إذا ما كان القرار أو السياسة التي تم تطبيقها جاءت بنتائج عكسية أن تكون هناك مرونة في تغيير القرار دون إبطاء، حتى لا يتفاقم الأمر وعندما يضطر لتعديل القرار سيكون فقد عنصر النجاح في التعامل مع الأزمة، لأن الاستمرار في تنفيذ نفس السياسة التي لا تجدي نفعًا يعتبر بمثابة إهدار لموارد الدولة.
الدكتور مصطفى أبو زيد