- بعد زيارة الرئيس السيسى والشيخ محمد بن زايد وصل سعر جمل السباق إلى نحو 2 مليون جنيه
موضوعات مقترحة
- الهجُن مشروع كبير ويصل سعر الجمل الصغير السلالة الأصيلة إلى 600 ألف جنيه
- الجمل مصنع طبيعى يحول النباتات إلى دواء وهو ذو مردود اقتصادى على الدولة ويساهم بشكل كبير فى الترويج السياحى
- ضرورة سن قوانين رادعة للممارسات الخاطئة لبعض ملاك الهجُن كعلاج فقر الدم بنقل الدم بشكل عشوائى
الهجُن رياضة عربية أصيلة، وتراث عريق تقدره الأجيال الحاضرة، وظلت فى موقعها المميز بقلوب محبيها.. وبعد نجاح سباق شرم الشيخ بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى، والشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات، زادت أهمية هذه الرياضة بمصر.. التى بحاجة لمزيد من التنظيم والتنمية لجذب الاستثمارات بها، وتنشيط السياحة من خلال: حصر أعداد المشاركين والمحافظات، وتوفير الرعاية البيطرية المناسبة لتضاهى السباقات الدولية.. لذا يسلط الخبراء الضوء على أهم المشاكل، وخطوات التنمية خلال السطور التالية.
عملة واحدة
بداية أكد د. حسام شوقى رئيس مركز بحوث الصحراء أن الهجُن مرتبطة بالصحراء، والمركز والإبل وجهان لعملة واحدة، ومن ضمن أولوياته أن الإبل تأخذ النصيب الأكبر من الاهتمام العلمى للسلالات الأصيلة وتوسيقها بإسم المركز؛ فهناك محطتان: هما مريوط ورأس سدر حاصلة على هدية هجُن من الإمارات.
ونوه شوقى بأن البعض يعتمد على البول واللبن كعلاج، ولكن لابد أن يرتبط ذلك بمكان تربية الجمل؛ بمعنى أنه يشترط تغذيته على النباتات الطبية والعطرية لإخراج منتج علاجى فى النهاية، فالجمل هو المصنع الذى يحول النباتات إلى دواء، مشيراً إلى أن المركز يحاول تكثيف وتوسيع هذا العمل؛ وتطبيق البحث العلمى لتطوير شمال وجنوب سيناء، وإقامة مضمار بالجنوب بمشاركة أنواع موثقة بإسم الدولة المصرية، من خلال شعبة الإنتاج الحيوانى.. وضخ الاستثمار المفتوح فى سيناء، مشيراً إلى أن الدولة مستعدة للتنمية؛ بالإضافة إلى القوافل البيطرية التى سيتم إطلاقها بالتعاون مع الشعبة والاتحاد المصرى للإبل.
عائد عظيم
وقال د. حمدى قنديل رئيس الجمعية المصرية لعلوم الإبل، أن استغلال الإبل فى مجالات مختلفة يمكن أن يدر عائداً عظيماً من إنتاجية الإبل، والهجُن تُعد تراثاً قديماً، وهناك العديد من مضامير السباق الآن، مثل مضمار شرم الشيخ والعلمين الجديدة، وهى تعدُ زينة وفخراً لمربيها ومصدر رزق لهم، وهناك اهتمام من دول الخليج، وخلال سباق العام الماضى 2021 - 2022 بالسعودية حضر نحو 800 ألف شخص كسياحة، وبلغت القيمة التسويقية نحو 2 مليار ريال سعودى، بعائد 12 مليار ريال سعودى خلال 30 يوماً تقريباً "مدة السباق"، وفى دولة قطر يتم استنساخ هجُن الإبل منذ عام 2009، ويبلغ الدخل نحو 500 ألف درهم سنوياً، معرباً عن أمله فى أن إقامة مثل هذه السباقات تنشيط للسياحة فى مصر، قائلاً: "الإبل حلوبة ركوبة أكولة حمولة".
مشروع كبير
ومن جانبه قال المستشار عيد حمدان رئيس الاتحاد المصرى ونائب رئيس الاتحاد الإفريقى للهجن: أن خطوات التنمية معقدة، ولابد أن يكون لديك علم فى كل المجالات، وعوامل تساعدك على النجاح، وخاصة رأس المال الاجتماعى.. وركزنا على سباق الهجن وتسويقها لأنها رياضة غير معروفة بمصر، مشيراً إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى، قد حضر سباقات الهجُن عام 2020 بمرافقة الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات، برعاية اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء، الذى قام بجهد كبير فى هذا الصدد، وبعد هذه الزيارة وصل سعر جمل السباق إلى نحو 2 مليون جنيه، بعدما كان يبلغ نحو 200 ألف جنيه، أما الجمل الخاص باللحم فقد وصل سعره إلى 30 ألف جنيه.
وعن فائدة سباقات الهجن قال حمدان: هى مشروع كبير، حيث يتراوح سعر الجمل الصغير بين 500 - 600 ألف جنيه كسلالات أصيلة، ويوجد فى الإسماعيلية وسيناء؛ وبالنسبة للمهرجان الواحد بلغ العائد منه نحو 6 ملايين جنيه بيع وشراء وعمالة تصل إلى 3000 عامل فى 4 محافظات، مشيراً إلى أن للإبل فوائد صحية، فهى راحة نفسية، وبولها ولبنها يعالج الكثير من الأمراض مثل فيروس C والنجاح صعب، وقد اجتمعت جميع القبائل من خلال الاتحاد المصرى للإبل وتعاونت مع الاتحاد السعودى، وبلغت عدد الجِمال فى السباق نحو 1250 جملاً، بعدما كان 180 جملاً عام 2017.
وتابع حمدان: تتم سباقات الهجن حسب سن الجمل، حيث يبدأ الفطام من فوق سنة إلى سنة ونصف.. مسافة كيلو و200 متر، والسن الثانى سن الحجايج من 2 - 3 سنوات؛ وسن اللقايا من 3 - 4 سنوات للناشئين، وشوط الجذاع من سن 4 - 5 سنوات؛ وسن الثنايا من 5 - 6 سنوات مسافة 6 كم؛ وسن الرباع 8 كم؛ والزمول سن الناب بعد 8 سنوات، وممكن أن يتحمل مسافات طويلة تصل إلى 30 كم.. وبمصر مضامير تواكب العالمية بمواصفاتها، مثل شرم الشيخ يستطيع الجمل الجرى مسافة حتى 12 كم.
أهم المشاكل
وعن أهم المشاكل التى يعانى منها مربو الهجن قال حمدان: رياضة الهجن ككرة القدم، ولابد من وجود مدرب وطبيب للفريق ومسئول تغذية ونفس المسميات الوظيفية والإدارية، وتعانى من نفس مشاكل اللاعب بالملاعب كتهتك فى الأربطة، ويعتبر الكى هو طريقة العلاج الوحيدة، وبعد 8 أشهر يعود الجمل كالسابق، معرباً عن أمله بالتعاون مع المركز لإطلاق القوافل البيطرية والحد من الأمراض الفتاكة والخطيرة التى تعوق دخول الجمل فى السباقات.
ونوه بأن هناك 9 مهرجانات فى السنة بشرم الشيخ والوادى الجديد والعلمين وشمال سيناء، وتتفاوت الأعداد حسب كل مهرجان، حيث يتراوح عدد المشاركين نحو 400 - 1000 من كل المحافظات، ولكن لا يتم حصرهم ونحتاج إلى اشتراك الجمعية المصرية لعلوم الإبل لعمل بطاقات وتنظيم مُلاك الهجن إدارياً، لأن جوهر التنمية هى الانتقال المنظم من حال إلى حال.
السودانى الأفضل
وأشار حمدان إلى أن هناك مواصفات لجمل الهجن، الذى حيّر العالم قفصه الصدرى عريض، والرقبة طويلة وخفيف، وأفضل الهجن على مستوى العالم هو "السودانى"، وقد وصل سعره نحو 3.5 مليون جنيه، وفى الخليج يبلغ سعره من 5 - 6 ملايين درهم، وسلالة فحل فى العلمين، ويتم فصل الذكور عن الإناث، لأن الإناث الأكثر سرعة من الذكور، مؤكداً أن تغذية الإبل على الأشجار المروية بالمطر يساعد على خروج إنتاج لبن وبول جيد لعلاج الكثير من الأمراض، وأحياناً يتم نقل الدم للإبل قبل السباق، لزيادة نسبة الأكسجين، ومن الأفضل أن يكون من الحيوان نفسه حفاظاً على صحته، كما يتم التلقيح من حيوان أصيل، ويتكلف ذلك نحو 10000 جنيه؛ وهناك صحيفة لكل جمل عند شرائه.
وأعرب حمدان عن أمله فى تحقيق تعاون مع مركز بحوث الصحراء ووزارة الزراعة، لتنظيم قوافل بيطرية للهجن الأصيل بشمال وجنوب سيناء والإسماعيلية، لاسيما أن الجمل الأصيل إذا أصابته الحمى ينخفض سعره من 2 مليون جنيه إلى 30 ألف جنيه فقط.. لأنه لايستطيع السباق.
القوافل البيطرية
وتابع د. أحمد عبد المقصود رئيس شعبة الإنتاج الحيوانى والدواجن بمركز بحوث الصحراء، أن الشعبة أول من اهتمت بالإبل، وتم إعداد 200 ورقة بحثية سواء بمجال رعاية وتصنيع الإبل، وتم إصدار الموسوعة المصرية لعلوم الإبل، لاسيما فى ظل الدور الرائد لوزارة الزراعة ومحافظة جنوب سيناء، وتمت رعاية الهجن فى سيناء وضمها فى محطة رأس سدر، ولها دور بارز فيما يخص القوافل البيطرية، والشعبة تقوم ببرامج بحثية فى الساحل الشمالى وجنوب سيناء وقطاع الإنتاج والرعاية البيطرية.
ممارسات خاطئة
وفى سياق متصل أوضح د. مدحت الشيمى خبير سباقات الهجن وطبيب بيطرى، أن سباقات الهجن موروث شعبى وحضارى لسكان عدد كبير من دول المنطقة، ومع التقدم المذهل فى الحياة إلا أن رياضة الهجن ظلت فى موقعها المميز فى قلوب محبيها؛ وتطورت بشكل علمى لتواكب تطور الحياة.
وتابع: يجب الاهتمام بأجهزة الجسم المعنية بهجُن السباقات، وطرق تقييمها وفحصها واستخدام الأدوية المنشطة وما يتبعها من سن القوانين لمنعها، مشيراً إلى أن الجهاز الهضمى مؤشر للحالة الصحية وسلامة الهضم، ويراقب أصحاب الإبل دائما تغذية الهجُن، واستخدام أجود الأعلاف لتحسين الهضم ومستوى الركض بالسباق؛ والجهاز الدورى يشكل أهمية قصوى، حيث يجب فحص الدم والكشف المبكر عن أمراض الدم، ومنها الأنيميا وطفيليات الدم التى تؤدى إلى تردى مستوى الهجُن فى السباق.
وحذر الشيمى من الممارسات الخاطئة لبعض ملاك الهجن، كعلاج فقر الدم عن طريق نقل الدم بشكل عشوائى، الذى قد يؤدى إلى آثار سلبية كبيرة على هجُن السباقات، ولذلك كانت القوانين رادعة لهذه الممارسات، ووضعها على قائمة المخالفات التى يعاقب عليها من جميع الاتحادات المحلية والدولية لسباقات الهجن؛ كما يشكل الجهاز الهيكلى العضلى أهم الأجهزة التى ترتكز عليها الهجُن، كأمراض العرج والتهابات المفاصل والأوتار، إصابات الخف المختلفة، بالإضافة إلى التهابات قشرة العظم الخارجية للأرجل أحد أهم التحديات التى تواجه المدربين، ويشكل الطب الشعبى التقليدى دوراً كبيراً فى علاج مثل هذه الإصابات، عن طريق الكى إلا أن هذا لا يلغى دور الطبيب البيطرى المختص بالسباقات، الذى يستخدم أحدث طرق التشخيص باستخدام أشعة إكس والسونار وأحدث الأدوية للعلاج.
وأضاف الشيمى أن منشطات الهجُن التى وضعت لها الاتحادات المحلية والدولية القوانين الصارمة، تشابه نفس قوانين الاتحاد الدولى لسباقات الخيول FEI مما يحقق العدالة بين المتسابقين، وتوقع عقوبات مالية كبيرة، فضلاً عن الحرمان من المشاركة فى السباقات الذى قد يصل إلى عامين.
الجمل صيدلية
وقال الشيخ سلام الحاصل على الجائزة الأولى فى سباق الهجُن فى شرم الشيخ: "الإبل كل شىء به فيه فائدة كما نص القرآن الكريم.. وكنت أملك عدداً من الإبل، وعندما تم النقل من شمال سيناء إلى جنوبها؛ تركها الراعى وكانت على بعد 300 كم من منزلى بوسط سيناء، استطاعت الإبل الانتقال بمفردها إلى منزلى وكانت هزيلة، وتم علاجها.. ونحن نربى من 600 - 700 جمل فى منطقة واحدة، ونواجه مرض الجدرى الفتاك.. ولكل قبيلة وعائلة وَسم معين أى علامة معينة بالكى على الإبل، ولا أحد يستطيع أن يأخذ جمل غيره أو يخفيه.. ونتمنى إقامة مؤتمرات دولية لأهمية هذا القطاع.. ففى الجزائر أغلى ملبوس من الجمل المتحمل لكل التغييرات المناخية.. ولبن الجمل صيدلية يحتوى على الأعشاب.. وبعد انتهاء الحياة من مضمار السباق يتم نقل الجمل إلى مزارع الإنتاج والتربية للتلقيح وإنتاج السلالات."
مردود اقتصادى
وشدد د. حسن الشاعر رئيس مركز التميز المصرى للزراعة الملحية، على ضرورة وجود إحصاءات لأعداد الهجن بمصر، وتوزيعها فى المحافظات والمضامير والمربين والعاملين فيها وحصر المشاكل الصحية وتقديم الرعاية، فهناك تضارب فى البيانات، وما إذا كانت هناك مراكز بحثية أو جمعيات أهلية مهتمة بتنظيم السباقات وتحضيرها، لكى نبنى عليها خطة للتطوير بهذا المجال.
وأوضح د. محمد فرج مدير الجمعية، بأن سباقات الهجن لها مردود اقتصادى معنوى ومادى كبير على أهل القبائل، ويعمل على زيادة الروابط الإجتماعية والتاَخى بين القبائل والشعوب، كما أن له نفس المردود على الدولة، حيث يساهم بشكل كبير فى الترويج السياحى، معلناً عن عقد المؤتمر الأول لعلوم الإبل فى الفترة المقبلة.
ومن جانبه أكد د. رأفت خضر رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق، أنه تم صدور العدد الأول للمجلة المصرية لعلوم الإبل، وتم نشر العدد الأول منها فى يونيه 2022، وسيتم نشر العدد الثانى فى نهاية شهر ديسمبر، ودعا الباحثين والمهتمين بالإبل للنشر، لاسيما أنها مسجلة ببنك المعرفة، وبها محكمون من داخل وخارج مصر، والآن يتم النشر مجاناً تشجيعاً للباحثين وكل من له نشاط فى بحوث الإبل.
تبادل الخبرات
ونوه د. طارق عبد الفتاح أستاذ بشعبة الإنتاج الحيوانى ونائب رئيس الجمعية، أنه تم اختيار الهجُن محور الندوة التاسعة للجمعية هذا العام، نظراً لتزايد الاهتمام بالإبل والنهوض بإنتاجيتها والأنشطة المرتبطة بها رياضياً وسياحياً وإنتاجياً وغذائياً وصحياً، وفى ظل اهتمام الدولة بإبل السباق، وإقامة العديد من المهرجانات بمحافظات شمال وجنوب سيناء ومرسى مطروح وسيوة والعلمين الجديدة.. والتوسع فى إقامة المضامير لتضاهى السباقات فى الدول المهتمة بسباق الهجن.
وأشار د. بهاء سليم المتحدث بإسم الجمعية، إلى أن مشاركة مالكى إبل السباق بالملتقيات العلمية، يساعد فى نقل وتبادل الخبرات وتصحيح بعض المفاهيم للارتقاء بهذه الرياضة.
واستطرد د. محمد زايد سكرتير عام الجمعية قائلاً: أن اللقاءات العلمية تساهم فى زيادة التواصل العلمى والثقافى والتطبيقى بين مختلف المهتمين بالإبل، من علماء وأساتذة جامعات وكبار مربى الإبل، مما يثمر عن توعية المشاركين بأهمية سباقات الهجن فى دعم أنشطة السياحة، وإبراز دور الدولة فى تطوير مضمار السباقات لتضاهى المستوى العربى والإفريقى والدولى.