استصلاح الأراضى وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة ورفع معدلات الأمن الغذائى

18-12-2023 | 11:58
استصلاح الأراضى وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة ورفع معدلات الأمن الغذائىاستصلاح الأراضي
أحمد عابد
بوابة الأهرام الزراعي نقلاً عن
  • الأراضى الزراعية فى مصر غير كافية لتلبية احتياجات السكان لذا فاستصلاح الأراضى قضية حتمية
  • موضوعات مقترحة
  • نصيب الفرد من الأرض الزراعية قيراطان فقط بينما المعدل العالمى 12 قيراطاً
  • 26.2 % معدل الزيادة السنوية فى مساحة الأراضى المستصلحة
  • الأمن الغذائى ليس مشكلة غذائية بل أمن قومى فالدول المصدرة للغذاء تستخدمه كسلاح سياسى

منذ قديم الزمن ومصر تسعى دائماً إلى تعزيز الأمن الغذائى بها، كوسيلة لمواجهة زيادة عدد السكان، والتغلب على مشكلة ندرة المياه، وأزمات التغير المناخى، ويعتبر التوسع فى الرقعة الزراعية بشكل أفقى ورأسى وسيلة من وسائل زيادة الإنتاج، والاتجاهات التى اتخذتها مصر.

ويعتبر الأمن الغذائى واحداً من أكبر التحديات التى تواجه الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، فهى ليست مشكلة غذائية تهم الزراعة والاقتصاد فقط، بل تمتد لتصل إلى الأمن القومى أيضاً، فالدولة المنتجة والمصدرة للغذاء تمتلك سلاحاً تضغط به على الدول المستوردة، لتحقيق أهداف سياسية لها.

وفى هذا الصدد تقول الدكتورة رويدا أسامة عويضة أستاذ الاقتصاد الزراعى المساعد بكلية الزراعة بجامعة الزقازيق، أن الأراضى الزراعية تعتبر أحد أهم الموارد الإنتاجية القومية غير المتجددة وتتزايد ندرتها على مر الزمن، وبالتالى فإن التوسع الزراعى الأفقى من أهم الأهداف السياسية الزراعية فى مصر من خلال استصلاح أراضى جديدة، والذى بدوره يعوض الفقد فى الأراضى الزراعية القديمة ويساعد على خفض حدة الكثافة السكانية وتوفير فرص عمل، والأهم تعزيز ملف الأمن الغذائى فى مصر.

هناك فرق

والمقصود باستصلاح الأراضى هو جميع العمليات التى تجرى على الأرض تمهيداً للزراعة، فهناك فرق بين إصلاح واستصلاح الأراضى، فالأرض التى تحتاج للإصلاح هى أرض كانت منتجة زراعياً وحدثت بها مشاكل أدت إلى الحد من إنتاجيتها، أما الأرض التى تحتاج للاستصلاح هى أرض بكر لم تستزرع من قبل وتحتاج إلى استصلاح لتصبح منتجة.

وأضافت عويضة أن مساحة الأراضى الزراعية فى مصر بلغت عام 2021 نحو 9.4 مليون فدان منها 6.1 مليون فدان أراضى قديمة و 3.3 مليون فدان أراضى جديدة (نشرة استصلاح الأراضى،2021) إلا أن هذه المساحة غير كافية لتلبية احتياجات السكان من السلع الغذائية.

خفض الواردات

ونظراً لما تواجهه مصر من تحديات فى ظل أزمة الغذاء العالمية وارتفاع الأسعار لابد من استصلاح واستزراع أراضى جديدة لتوفير السلع محلياً وخفض الواردات من الخارج.

وفقاً للبيانات المحلية والعالمية فإن نصيب الفرد فى مصر من الأراضى الزراعية بلغ 2 قيراط، بينما المتوسط العالمى لنصيب الفرد من الأراضى الزراعية 12 قيراطاً للفرد، وهذا يجعل ترتيب مصر 176 من 203 دولة على مستوى العالم.

وأوضحت عويضة أن المساحة المستصلحة فى مصر اتجهت نحو الزيادة خلال الفترة 2005-2020 بمعدل سنوى قدر بنحو 26.2% بينما بلغ معدل التغير النسبى لمساحة الاراضى المستصلحة فى مصر خلال الفترة 2013 -2020  نحو 52.9%. حيث بلغ إجمالى المساحة القابلة للاستصلاح فى مصر عام 2019 - 2020 نحو 224 ألف فدان وبتوزيع تلك المساحة على محافظات مصر نجد أن أكبر مساحة قابلة للاستصلاح بمحافظة الوادى الجديد بمشروع شرق العوينات حيث بلغت نحو 103 ألف فدان والتى تمثل 46%، وتليها محافظة الجيزة بمشروع الواحات البحرية بمساحة بلغت 81 ألف فدان وبنسبة 36 % ثم أسوان بمشروع كوم أمبو بمساحة بلغت 40 ألف فدان بنسبة 18%، ثم محافظة قنا بمشروع المراشدة بمساحة 678 فداناً بنسبة 0.3% من اجمالى المساحة القابلة للاستصلاح فى نفس العام.

أما عن مساهمة الأراضى الجديدة فى قيمة الدخل الزراعى فى مصر، نجد أن الأراضى الجديدة تساهم بنحو 25.86% من صافى الدخل الزراعي، وهى تساهم أيضاً بنسبة 32.8% من صافى الدخل النباتى، وتساهم بنسبة 12.5% من صافى الدخل الحيوانى، كما تساهم بنسبة 4.42% من صافى الدخل السمكى فى مصر خلال الفترة (2005 - 2020). 

التجريف والتبوير

وتهتم الحكومة المصرية اهتماماً شديداً بمكافحة وسائل الاعتداء على الأراضى الزراعية بالتجريف أو البناء أو التبوير، وهذا الاهتمام من الدولة لعدة أسباب منها المحافظة على الأراضى الزراعية وتنميتها لمواجهة الزيادة السكانية، وارتفاع الاستثمارات اللازمة لعمليات استصلاح الأراضى، الأمر الذى يؤكد ضرورة الحفاظ على الأراضى الزراعية المنتجة فعلاً، وأيضاً لأن الأرض المجرفة أو المبوّرة هى أراضٍ ذات إنتاجية أعلى من الأراضى المستصلحة، لذا عملت الدولة على سن تشريعات والتشديد على تطبيقها باستمرار.

كما أن دراسة ما تتعرض له تلك الأراضى من ظواهر سلبية يجعلها موضع اهتمام لما لها من تأثيرات واضحة على البيئة والتوازن البيولوى بالأراضى الزراعية، والحفاظ على مستوى الإنتاج المحلى من السلع الاستراتيجية ورفع الأمن الغذائى لمصر، وكذلك تحقيق استراتيجية التنمية المستدامة، والحفاظ على حق الأجيال القادمة فى الثروة الزراعية الكامنة فى الأراضى الزراعية وخصوبة تلك الأراضى، وعدم التدهور النوعى لها والتوازن البيولوجى لها أيضاً.

بصفة أساسية

ومنذ بداية عمليات الاستصلاح الزراعى فى مصر قديماً كانت تتركز فى وادى مصر ودلتا نهر النيل بصفة أساسية، حيث تنخفض التكاليف الاستثمارية والطرق الفنية لعملية الاستصلاح فى تلك المناطق، والآن اتجهت مصر إلى الأراضى الصحراوية الصالحة، ولكن بتكاليف استثمارية أعلى.

وأضافت أستاذ الاقتصاد الزراعى المساعد بزراعة الزقازيق، أن استراتيجية التنمية الزراعية فى مصر حتى عام (2030) تهدف إلى زيادة معدلات الاكتفاء الذاتى من السلع الغذائية الاستراتيجية من نحو 53 % للذرة الشامية ومن نحو 54 % للقمح عام 2007 إلى نحو 91% للذرة الشامية ، و81 % للقمح عام 2030. فى الوقت الذى تعانى فيه الأراضى الزراعية من التدهور النوعى والتى تعد أحد أهم الموارد الاقتصادية الزراعية لتوفير الغذاء، كما تعتبر أراضى الدلتا فى معظم مصب الأنهار بالعالم من أخصب وأجود أنواع الأراضى الزراعية وخاصة دلتا نهر النيل بمصر، مما يجعل التعدى عليها من اخطر الظواهر التى تتعرض لها تلك الأراضى. لذلك يعتبر الحفاظ عليها قضية غاية من الأهمية بل تعتبر قضية قومية.

إقليمية وقومية

تختلف أهداف استصلاح الأراضى فى مصر باختلاف المراحل الزمنية، وذلك لأن لكل فترة متطلبات وقضايا إقليمية وقومية يتم من أجلها صياغة برامج الاستصلاح، حيث تساهم عملية استصلاح الأراضى فى رسم السياسات المقترحة للتنمية الشاملة كأهم متطلبات عملية التنمية الإقليمية الشاملة، حيث تتمثل أهمية مشروعات استصلاح الأراضى فى مدى مساهمتها فى تحقيق أهداف التنمية مثل توفير فرص الجذب السكانى ورفع معدلات الاستيطان حيث تتركز أعلى نسبة استيطان لسكان مشروعات استصلاح الأراضى بمحافظة البحيرة، حيث نجد أن النسبة فى المحافظة تصل إلى 36% تقريباً من إجمالى سكان استصلاح الأراضى بالجمهورية.

وهناك أيضاً دور لقطاع استصلاح الأراضى فى خفض معدلات البطالة من توفير فرص العمالة حيث نجد أن قطاع استصلاح الأراضى أضاف 4.5% من إجمالى العمالة الاقتصادية بالجمهورية من عام 1986 وحتى عام 2017 ، كما يعد قطاع استصلاح الاراضى أكثر مساهمه فى توليد فرص العمالة الاقتصادية بالمحافظات التى بها قطاع استصلاح ركيزة فى عملية التنمية من بين 14% إلى 23% من إجمالى العمالة الاقتصادية بكل محافظة.

ومن أهداف قطاع استصلاح الأراضى أيضاً تدعيم الارتباط الإنتاجى بين القطاع الزراعى والقطاعات الأخرى وتنويع القاعدة الاقتصادية. وكذلك تحقيق الرفاهية للعاملين بالقطاع الزراعى والعمل على خفض معدلات الفقر فى الريف المصرى.

إجراءات وتدابير

 وأوضحت الدكتورة رويدا أسامة عويضة أن هناك بعض الإجراءات والتدابير التى يجب اتخاذها لتحقيق التنمية المستدامة والعمل على رفع معدلات الأمن الغذائى من خلال قطاع استصلاح الأراضى، من تلك التدابير توفير الاعتمادات المالية لاستكمال ما تم إنجازه من مشروعات استصلاح الأراضى فى السنوات الأخيرة، والعمل على تنفيذ السياسات والبرامج التى تستهدف ترشيد استخدام مياه الرى فى الزراعة المصرية، والاتجاه إلى استمرار التفاوض مع دول حوض نهر النيل للحفاظ على حصة مصر من مياه نهر النيل، وكذلك العمل على التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية بالأراضى الجديدة، خاصة الأصناف الجديدة التى تتميز بزيادة إنتاجيتها وقدرتها على مقاومة التغيرات المناخية المتوقعة وقصر مدة مكثها فى التربة، وأخيراً تعزيز دور شركات القطاع الخاص العاملة فى مجال استصلاح الأراضى وتقديم الدعم الفنى والمالى لها.

كلمات البحث