مخاطر استخدام الأساليب الجديدة فى مجال استصلاح الأراضى

18-12-2023 | 11:58
مخاطر استخدام الأساليب الجديدة فى مجال استصلاح الأراضىاستصلاح الأراضي
سحر فاوى
بوابة الأهرام الزراعي نقلاً عن

أصبح الاهتمام باستصلاح الأراضى من متطلبات الأمن القومى، لارتباطه الوثيق بالأمن الغذائى.. ولكن يجب الأخذ فى الاعتبار أن تدخل الإنسان فى النظام البيئى قد يحدث مخاطر وخللاً فى النظام، لذلك يجب عدم الترويج لأى تقنية قبل التأكد من أمانها وإجراء تقييم دقيق لضمان التطبيق الناجح .

تقول الدكتورة نسرين أبو بكر أستاذ تغذية النبات وخصوبة الأراضى بالمركز القومى للبحوث: أن زيادة الإنتاج الزراعى عن طريق التوسع الأفقى (استصلاح أراضى جديدة) أو التوسع الراسى (رفع إنتاجية وحدة المساحة) يعد مجالًا شديد الأهمية خاصة تحت ظروف الإجهاد البيئى الذى نعيشه حالياً، والذى من المتوقع زيادته مع تحقق سيناريوهات التغيرات المناخية مثل الملوحة، والجفاف، والتلوث، والتى تسبب خسارة كبيرة فى الإنتاج الزراعى، ولكن يجب الأخذ فى الاعتبار أن أى تدخل للإنسان فى النظام البيئى قد يحدث خللاً حتى إجراء عمليات الاستصلاح نفسها. فعندما يتم إدخال نباتات أو حيوانات جديدة إلى منطقة الاستصلاح، فإن ذلك يمكن أن يغير توازن النظام البيئى بها نتيجة التغييرات فى العلاقات بين المفترس والفريسة، والتنافس على الموارد الموجودة فى هذه المنطقة، وبالتالى فإن أحد الآثار المحتملة لاستصلاح الأراضى هو فقدان التنوع البيولوجى الطبيعى، وهناك العديد من التقنيات الحديثة التى تهدف إلى إعادة تأهيل التربة المتدهورة واستعادة إنتاجيتها، ولكن يجب دراسة جيدة للمنطقة قبل إجراء أى تقنية جديدة وبعدها حتى نتمكن من اكتشاف فوائد وأضرار كل تقنية وعمل موازنة بينها، وتحديد هل سنتمكن من تحمل الأضرار مقابل الفوائد؟! أم أن ما سيترتب على تلك الأضرار لن تعوضه الفوائد مهما كانت.

مخاطر محتملة

وتشير د.نسرين إلى بعض التطورات الحديثة وفوائدها، والمخاطر المحتملة منها:

أولاً المعالجة الحيوية باستخدام الكائنات الحية الدقيقة: وتستخدم هذة التقنية لأغراض عديدة منها زيادة خصوبة التربة، خاصة فى المناطق المعرضة للإجهاد البيئى مثل الملوحة والجفاف، وكذلك تحليل الملوثات الموجودة فى التربة، وتحويلها إلى مواد غير ضارة. وهى تقنية مفيدة، وفعالة، وقليلة التكلفة وبالفعل يمكنها استعادة خصوبة التربة، ومع ذلك، فإن الاختيارالدقيق للكائنات الحية الدقيقة أمر بالغ الأهمية لتجنب إدخال الأنواع المجتاحة التى قد تضر بباقى الكائنات الحية الدقيقة فى المنطقة، والتى قد تعمل على زيادة تلوث التربة.

ثانياً المعالجة النباتية: وتتضمن هذه الطريقة استخدام النباتات لامتصاص الملوثات وتثبيتها، وهذه الطريقة توفر فوائد عديدة منها زيادة المسطح الأخضر وإمكانية تحسين التنوع البيولوجى، ومع ذلك، تشمل بعض المخاطر مثل احتمالية تراكم السموم فى هذه النباتات، الأمر الذى قد يتطلب التخلص السليم منها فيما بعد.

ثالثاً المعالجة بالطرق الكهربائية: وتستخدم هذه التقنية تياراً كهربائياً لفصل الأملاح من ماء الرى أو لإزالة الملوثات من التربة، ومن فوائد هذه التقنية عدم الإضرار ببناء التربة، ومع ذلك، تشمل المخاطر المحتملة تأثيرها سلباً على العناصر الغذائية المفيدة للنبات والكائنات الحية واستهلاك الطاقة والحاجة إلى التخلص من الملوثات المستخرجة بعناية.

رابعاً المعالجة النانوية: تتضمن هذه التقنية الحديثة استخدام الجسيمات النانوية لزيادة خصوبة التربة أو دفع النبات لزيادة النمو أو لمعالجة ملوثات التربة وماء الرى، ومن فوائدها تقليل الكميات المستخدمة من نفس المواد فى حالة إضافتها بحجم حبيباتها الطبيعى، وإمكانية تقليل وقت المعالجة والتكلفة، ومع ذلك، فإن هذة التقنية سلاح ذو حدين وفى بعض الأحيان تؤدى إلى تدهور مفاجئ للمحصول وذلك فى حالة حدوث أى تغير فى مصدر المادة النانوية الناتجة أو طريقة التحضير أو مجرد زيادة الجرعة المضافة ولو زيادة طفيفة، وغيرها من العوامل العديدة التى قد تعمل على تحويل الفوائد إلى سلبيات إلى جانب العديد من الآثار المحتملة طويلة المدى للجسيمات النانوية على صحة التربة والإنسان وجميع الكائنات الحية فى المنطقة المحيطة نظراً لصغر حجم الجسيمات، والتى تقل عن حجم الفيروس، وبالتالى يصعب التعامل معها والتحكم فيها ولا تزال هذه المواد قيد الدراسة، لذا يجب نشر الوعى وعدم تكالب المستثمرين فى هذا المجال على إنتاجها واستغلال رغبة المزارعين فى زيادة الإنتاج مع عدم وعيهم بمدى خطورة هذه المواد.

خامساً استخدام النباتات المهندسة وراثياً: و هى أيضاً سلاح ذو حدين و تحتاج كل سلالة منها إلى دراسة منفصلة بمعنى أنه لا يمكن إطلاق العنان لاستخدامها والتصريح لتداولها بالكلية فكل سلالة تختلف عن الأخرى فى نوع الجين المنقول ومصدره والعديد من العوامل الأخرى التى يجب دراستها جيداً واختبارها على كائنات حية مختلفة لفترات طويلة ودراسة تاثيرها على البيئة قبل السماح بتداولها.

وتنصح د. نسرين عبد الله الباحثين بإكمال الدراسة فى مجال الإدارة المتكاملة للتربة مع وضع البيئة والحفاظ عليها نصب أعينهم ونشر الوعى لدى مستخدمى هذه التقنيات الحديثة والشركات الداعمة لها وعدم الترويج لأى تقنية قبل التأكد من أمانها الكامل مع ملاحظة أن كل تقنية قد تتطلب تقييماً ومراقبة دقيقة لضمان التطبيق الناجح دون التسبب فى عواقب وخيمة غير مقصودة.. وحتى لا نكون كالذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

كلمات البحث
الأكثر قراءة