أنواع من البشر

15-12-2023 | 09:52

تتدفق كلماتهم وتتلون حكاياتهم، تتنوع رؤاهم بحسب مصالحهم ولأنهم ألفوا الكذب واعتنقوه فهم يتناسون أحيانًا ماتحدثوا به من قبل؛ ويبدأون في نسج روايات أخرى تتقارب وتتباعد تحافظ على المسافات أو تتجاوزها، فهم كالغيمات الثقال التي تتجمع ووتتأهب لأول إنزال لمزيج من أحاديث مكذوبة تشمل كل المجالات، إن هذا كما نعلم هو أسلوبهم الأمثل للحصول على فرص ومناصب أعلى وصنع بدايات أخرى لنفاق آت، نفاق أعم وأشمل.

ستراهم من حولك ينتهجون طرقًا لم تألفها من قبل؛ ستجد الكذب في حديثهم ينساب ويتأهب لعرض رؤاهم وأفكارهم وستود كل إشارات الصدق أن تتجمع حينها في محاولة لإيقافك من قبل أن ترتمي بكل ثقل نقائك وسطهم مصدقًا حديثهم وواثقًا بهم؛ إنها تسرع نحوك تدعوك أن تحترس وأن تتأكد، أن تبتعد وتتخلى عن طيبة قلب زائدة وشعور بأن العالم بأكمله قد أصبح مثلك، تحذرك كل الكلمات بحديث علني أو بتعابير وإيماءات أخرى تنصحك أن تسعى للواذ بذاتك من قبل أن تنزلق قدمك وتسلم بأنهم الأحسن والأفضل. 

ابتساماتهم الممتلئة خبثًا تشبه عصا ذلك الساحر الذي تمكن من خداع الجميع بحركاته السحرية بعد أن اصطحبهم معه داخل كهف أدواته في رحلة لمكان آخر غير معلوم، مكان غير مأهول بالصالحين، فكلماتهم مازالت تتجمل بمساحيق من نفاق خام، لعل نفاقهم نفسه قد تمنى أن تأتيه الفرصة للتوبة منهم حتى تواتيه فرصة تحذير العالم من كيدهم وشرهم، ليته استطاع أن يفعل!. 

إحساس بالغربة سينال منك وشعور بضياع كبير وسط دوامة الفوضى سيلاحقك ويحاول أسرك وإدخالك لسجن مظلم خلف قضبان تصارع فيها ذاتك نفسها.

وهناك ستحدث نفسك وترتب أوراق قضيتك من جديد، تنظر بأي منها ستبدأ وبأي منهم ستبادر لإصدار حكمك وتنفيذه على الفور من دون تردد، التلطف الخادع في حديثهم المطول بدأ ينقلب عليهم فكل شيء زاد على حده تحول إلى ضده، تلك حقيقة توارثناها، آمنا بها وصدقناها بمجرد أن تمكننا من الفهم الجيد والإدراك لما نسمع، كلنا يعلم هذا وكلنا يفهم. 

فلنحفظ لأنفسنا سلامها، ولنؤمن بأن اجتناب الاستماع لحديث هؤلاء والاستسلام لهم ولآرائهم المغلوطة والمحبطة هو سبيلنا الوحيد للخلاص من سموم كلماتهم التي تقطر حقدًا يتعاظم ويتسابق في كل يوم ليتمدد ويتجدد.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة