Close ad

الحبس 5 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه عقوبة التحرُّش في أماكن العمل

10-12-2023 | 19:29
الحبس  سنوات وغرامة  ألف جنيه عقوبة التحرُّش في أماكن العملالتحرش
أميمة رشوان
نصف الدنيا نقلاً عن

فى خطوة رادعة للحد والقضاء على جريمة التحرش التي باتت غريبة عن مجتمعنا وتعكس انحدارا أخلاقيا لابد من التصدى له، إذ هو ضد عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة وضد تعاليم ديننا الحنيف، وافق مجلس النواب منذ أيام على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، ويهدف مشروع القانون إلى تشديد العقوبات على بعض الصور المستحدثة من الجرائم التي ظهرت في الآونة الأخيرة، مثل جرائم التعرض للغير، والتحرش الجنسي، والتنمُّر، حال ارتكاب أي من هذه الجرائم في مكان العمل أو في إحدى وسائل النقل أو من شخصين فأكثر، وذلك لخطورة هذه الجرائم الشديدة على المجتمع وانعكاساتها النفسية والاجتماعية على المجني عليه وذويه .

موضوعات مقترحة

وعاقب التشريع، بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز  أربع سنوات، وبغرامة لا تقل عن مئة ألف جنيه ولا تزيد على مئتي ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية، أو أية وسيلة تقنية أخرى.

 وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مئتي ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمئة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة في مكان العمل أو في إحدى وسائل النقل أو من شخصين فأكثر أو إذا كان الجاني يحمل سلاحًا أو إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه.

وإذا توافر ظرفان أو أكثر من الظروف المشددة الواردة بالفقرة السابقة يكون الحد الأدنى لعقوبة الحبس أربع سنوات، وفي حالة العود تُضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.

 تقول دعاء العجوز المحامية بالنقض وعضو لجنة الأسرة والتماسك المجتمعي بالحوار الوطني:

لدينا الكثير من التعديلات والقوانين، ولكنَّ هناك تقصيرا فى التنفيذ وكيفية التوعية والحماية الاجتماعية قبل القانونية، فالواقع المصري الآن في مرحلة اللا وعي بحرية الآخرين دون أى تعد، ودائما نجد مطالبات بالتعديلات لقانون العقوبات وغيره، ونترك الجانب الأهم وهو التوعية بالقانون الحالي، ومع أن عقوبة التحرش تعد كافية، لكن واقع التنفيذ لمساعدة الضحية للحصول على حقها فى التبليغ واكتمال مجريات القضية غير متحقق، وذلك للاستحقاق المجتمعي للمتحرش في إلقاء التهم مسبقة على الضحية، وغير ذلك من الحقيقة المؤلمة فى تعرض النساء فى أماكن العمل للتحرش والتنمر، وعلى الضحية أن تتحمل مسؤولية عدم توعية الآخرين فى أن لها حقها الإنتاجي والخروج لسوق العمل وتحقيق نجاحها كامرأة.

 وعلى الرغم من أن قانون العقوبات المصري يقرر حماية جنائية في مجالات كثيرة فإنه توجد مجالات أخرى يلزم تدعيمها بالحماية الجنائية، كما يلزم تدخُّل المشرع الجنائي في مجالات محددة لحماية المرأة من بعض صور العنف التي لا تزال تمارس ضدها، إضافة إلى وجود نصوص جنائية تميز بين الرجل والمرأة في كل من التجريم والعقاب برغم وجود العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر, وكذلك وجود العديد من القواعد الدستورية والقانونية التي يفترض احترامها والالتزام بنصها، وقد جاء دستور مصر الجديد ليؤكد على المساواة وعدم التمييز ضد المرأة في العديد من مواده، إلا أنه وللأسف الشديد ما تزال هناك انتهاكات صارخة ضد حقوق المرأة نتيجة التمييز بين الجنسين في كثير من المجالات؛ ولذلك نجد العنف مع النساء في الشارع وفي العمل وفي المواصلات نتيجة هذا التمييز.

ومن تلك القوانين الحماية الجنائية، وقضايا الأحوال الشخصية، والشهادة في المحاكم وكذلك القوانين العقابية التي ما زالت تجيز تأديب الزوج للزوجة بضربها بحجة استعمال الحق، إضافة إلى استخدام مبدأ الرأفة في جرائم القتل التي يقوم مرتكبوها بتغطيتها تحت مسمى جرائم الشرف، والتي بناء عليها تتم الانتهاكات الممنهجة لحقوق المرأة وتكون هي الضحية فيها، فعلينا جميعا أن نتكاتف على خروج قوانين عادلة وتوعية المجتمع بأهمية الحماية القانونية والاجتماعية للجميع.

وتضيف الدكتورة هالة يسري أستاذ علم الاجتماع، مدير مركز بحوث الصحراء ومقرر مناوب لجنة المرأة الريفية بالمجلس القومي للمرأة: التحرش موضوع جديد في مجتمعنا، قديما كان أهل المنطقة والجيران والزملاء هم من يحافظون على الفتيات والنساء، وكانوا يقومون بالدور الرئيسي فى عملية الضبط المجتمعي بشكله التلقائي المعتمد على العادات والتقاليد والمُثل والأصول الراسخة لمجتمعنا المصري،  أما الآن فبعد ظهور حالات فردية في المجتمع ولكنها تأخذ شكل الظاهرة، ما دعا المشرع إلى سن قوانين  تجرم وتغلظ العقوبة على الفاعلين، وتخضع كل حالات التحرش للمعاقبة الجنائية، وذلك لوضع حد للخروج عن الآداب العامة والعادات والتقاليد وأصول المعاملات من قبل فئة ضالة تفتقر إلى كل هذه المعايير، وتحتاج إلى أن تعاقب لاستعادة البيئة الآمنة والحاضنة لنسائنا وفتياتنا.

ويحتاج استصدار القانون إلى ضرورة التوعية ببنوده والعقوبات في حالة التحرش والأذى النفسي واللفظي والبدني بمحتوى القانون، فضلا عن أهمية استصداره لضمان بيئة آمنة للمرأة والفتاة في المدارس بدءا من المرحلة الإعدادية، وفي الجامعات، وفي وسائل الإعلام الجماهيرية مثل الراديو والتلفزيون والصحافة، ويأتي مع حملات التوعية الإعلان عن الأحكام وتنفيذها؛ حتى تكون رادعا لكل من تُسوِّل له نفسه القيام بمثل هذه الأفعال الشنعاء،  ويجب على الخارجين عن القانون بهذا الصدد أن يعوا جيدا حق المرأة والفتاة والطفل في المجتمع في التمتع بخصوصيتهم المكانية وكذلك بيئتهم الآمنة، وأن كل سيدة أو فتاة من حقها توثيق الانتهاك الذي تتعرض له في الأماكن العامة والمواصلات وأماكن العمل فيما يهدد خصوصيتها ويسبب لها أذى نفسيا أو جسديا، فلا يجب على أي فتاة أو سيدة أن تتحرج فى الإبلاغ  والإدلاء بجريمة التحرش؛ لأن المتحرش هو من يجب أن يشعر بالحرج والجرم الشنيع الذي يقترفه.

ويعد بعض الشباب مسألة التحرش شيئا من باب الهزار أو التلطف أو المداعبة، ولكن هذا غير صحيح ولا يتلاءم مع أصول مجتمعاتنا الشرقية ولا عادتنا وتقاليدنا، فلا يمكن أن يعد الشاب المتحرش فعلته معاكسة حميدة أو تلطفا، ولكنه فعل  مجرم قانونا وغير مقبول اجتماعيا، وأن هذه الأفعال يخضع فاعلها لطاءلة القانون.

وتقول الدكتورة إيمان بيبرس رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة: سعيدة بموافقة مجلس النواب على مشروع القانون المُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، ومن بينها تغليظ عقوبة التحرش الجنسي عمومًا، وفي مكان العمل، أو وسائل النقل؛ لأنها ستكون خطوة رادعة لكل المتحرشين الذين يمارسون جرائمهم ضد الفتيات والنساء في أي مكان.

فطبقًا لدراسة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والمجلس القومي للمرأة في يناير 2022 فإن 80% من النساء يتعرضن للتحرش في مصر، وبالتالي تأتي أهمية هذه الخطوة بتعديل القانون وتغليظ العقوبة بما يكفل تحقيق الردع العام، ووضع حد للمهازل التي تحدث بصفة مستمرة، والمعاناة التي تعاني منها فتيات ونساء مصر من تعرضهن للتحرش في كل زمان ومكان، على اختلاف فئاتهن وأعمارهنّ.

وتضيف بيبرس.. بالرغم من ذلك، فإن تعديل القانون وحده غير كاف للتصدي لجريمة التحرش الجنسي، إلا أنه يجب أن يكون مصحوبا بوضع ضوابط تنفيذية حازمة تضمن تفعيل القانون، مع تعريف الجمهور العام بهذه العقوبات، وتشجيع الفتيات ورفع وعيهنّ للإبلاغ الفوري عن أي جريمة تحرش تمارس ضدهنّ.

وأدعو إلى تكاتف جهود جميع الجهات سواء المؤسسات الدينية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، وجميع المسئولين، في القيام برفع الوعي بتغيير ثقافة المجتمع تجاه العنف ضد المرأة بشكل عام، والتي تحمل المرأة مسئولية تعرضها للتحرش أو الاعتداء عليها، وبهذا تكون المرأة المتحرش بها أو المعتدى عليها هي الضحية والمتهمة في الوقت ذاته.

 وبهذه المناسبة، أن أشيد بما تقدمه الدراما المصرية حاليًا من أعمال تشجع الفتيات والنساء على الإبلاغ عن أي حالة تحرش يتعرضنّ لها، وهو ما نتابعه الآن في مسلسل صوت وصورة؛ حيث إنه من الجيد أن تُناقش مثل هذه القضايا من خلال المسلسلات التلفزيونية التي يشاهدها الملايين بالمنزل.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: