قبل ساعات من الصمت الانتخابي، و48 ساعة من الانتخابات الرئاسية، وفي ظل ظروف صعبة على الحدود الشرقية، يتعرض فيها الشعب الفلسطيني بقطاع غزة لحرب إبادة من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي، يطرح السؤال نفسه: كيف وصل المشهد السياسي المصري إلى هذه المرحلة التي يتباهى بها المصريون؟.. وكيف يتشكل المشروع الوطني الذي دشنه الرئيس السيسي، وبدأ بالفعل يحقق أهدافه، ونحن على طريق الجمهورية الجديدة؟
إن التجربة الديمقراطية، التي بدأت مصر ممارستها، على صعيد الانتخابات الرئاسية، والتي بدأت بالفعل بتصويت المصريين في الخارج في كل سفارات أم الدنيا على سطح الكرة الأرضية، وتستكمل بتصويت الداخل في الأيام المقبلة، هذه التجربة الديمقراطية ليست وليدة الصدفة، ولا هي عملية شكلية، وإنما هي ثمار جهود جبارة، ووعي سياسي، كان ضرورةً بعد الأحداث الصعبة التي مرت بها البلاد منذ 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013، وما تلاها من تغيرات متلاحقة، وظروف مريرة كادت تعصف بمستقبل الوطن، بل بوجوده.
وما إن استقرت الأمور في البلاد، بعد أن تقدم المشهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وقام الجيش المصري العظيم بدوره على أكمل وجه، وشارك الشعب في إعادة القطار المصري المندفع بسرعة جنونية إلى الهاوية، حتى بدأت الخطوات الأولى نحو إعادة الأمور السياسية إلى مسارها الطبيعي، في طريق الوصول إلى الديمقراطية الكاملة، التي تتمتع بها البلاد التي سبقتنا إلى هذه التجربة، بفضل استقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وسارع الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الدعوة إلى حوار وطني واسع، جمع كل الأعمار والأطياف والأحزاب والتيارات السياسية، وهو حوار لا هدف له إلا مصلحة الوطن ومستقبله، يحرص خلاله المتناقشون على طرح كل القضايا بموضوعية وحرية وارتياحية، من أجل التوصل إلى حلول جامعة لكل مشكلاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتستعرض القوى والأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، كل القضايا بهدف الوصول إلى مخرجات لصالح المواطن المصري، بعد أن أعلنها الرئيس السيسي واضحة وجلية للجميع، بأن ما يصدر عن الحوار من توصيات سيكون محل اهتمام وتنفيذ.
ويمكن القول، دون أدنى مبالغة، إن الانتخابات الرئاسية المصرية هي لبنة في بناء كبير لإعادة الحياة السياسية إلى مجراها الطبيعي، الذي يضاهي كبرى الدول، من خلال مسيرة بدأت بالفعل لتنشيط الحياة الحزبية وتعزيز التعددية السياسية، بدليل الحراك الذي شهدته الأحزاب، ومنها أحزاب دفعت بمرشحين في الانتخابات الرئاسية، وشاركت بفاعلية في الحوار الوطني، وعقدت مؤتمرات جماهيرية، كانت الدولة مهتمة بنجاحها وتأمينها.
ولا أبالغ إذا قلت إن تجربة الانتخابات الرئاسية في مصر، تحتاج إلى تضافر كل جهود مَن يحب هذا الوطن، من الحريصين على حاضره ومستقبله، فهي تجربة لم تأخذ حقها ولا وقتها من أجل أن تصل إلى ما نتمناه ونصبو إليه، بحكم أن عمرها لا يتجاوز 18 سنة، وشهدت أحداثًا عاصفة؛ اعتبارًا من 2011 وما بعدها.
إن ما يدور على حدودنا الشرقية في هذه الفترة الحاسمة والتاريخية، يتطلب منا أن نكون يدًا واحدة، ويعرف القاصي والداني ذلك، وليس هناك أقل من مشاركة شعبية ضخمة في الانتخابات الرئاسية، نعلن من خلالها للعالم أننا نمارس حياتنا الديمقراطية، ولا هم لنا إلا مصلحة بلدنا، ومستقبل أجيالنا، ونرسل رسالة واحدة واضحة من أمام لجان الانتخابات في كل بقعة من بقاع الأرض الطيبة، بأننا نقرر مصيرنا ونختار رئيسنا بكل شفافية، ونقف مع قيادتنا بكل قوة من أجل أن يعيش هذا الوطن آمنًا مستقرًا.. وتحيا مصر.