Close ad

لتلبية احتياجات الشعوب.. العالم بحاجة لزيادة إنتاجية الحبوب بنسبة 40 % قبل 2025

5-12-2023 | 10:38
لتلبية احتياجات الشعوب العالم بحاجة لزيادة إنتاجية الحبوب بنسبة   قبل ارشيفية
كتب: محمود دسوقى
الأهرام التعاوني نقلاً عن

1 % من المساحة المروية فى العالم تعتمد على تقنية «التنقيط» و 6 % تعتمد على «الرش»

موضوعات مقترحة
د. عطية الجيار: التوسع فى استخدام المياه «المُعالجة» ضرورة مع ندرة إمدادات المياه التقليدية 

شهدت حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية زيادة كبيرة فى أنشطة الرى التى ساهمت بشكل كبير فى النمو الهائل فى الإنتاج الزراعى الذى يُمكّن البشرية من إطعام سكانها الذين تتزايد أعدادهم بشكل كبير، ومع ذلك يجب التمييز بين المساهمة الإيجابية الإجمالية للرى والمياه فى الإنتاجية الزراعية والرفاهية الاقتصادية، وقدر كبير من سوء التخصيص وسوء إدارة الموارد التى صاحبت التوسع فى الري، ففى كثير من الحالات، كانت الموارد المائية أكثر من اللازم؛ وكان هناك فائض فى الإنفاق على رأس المال؛ وتكاليف كبيرة من حيث فقدان النظم البيئية، وانقراض أنواع من الأسماك، وتلوث مصادر المياه.


وفى إطار تقديم منظور اقتصادى حول مساهمة موارد الرى والمياه فى التنمية الزراعية السابقة وإدارة موارد المياه فى المستقبل، وتأثر كفاءة استخدام المياه بالقرارات المتخذة على مستويات عديدة، لا بد من تحليل أوجه القصور التى يمكن أن تحدث على مستويات مختلفة من إدارة المياه، والبداية بمناقشة استخدام الفرد لمياه الري، ثم أهمية إدارة المياه الإقليمية، وكذلك أهمية الاعتبارات الديناميكية حول المستقبل ودور الإدارة بين الأقاليم، وتوفر هذه الإدارات معًا إطارًا اقتصاديًا لتصميم مؤسسات وسياسات المياه لتحسين تخصيص الموارد المائية ومنع بعض أوجه القصور الحالية فى أنظمة الموارد المائية.

معدلات استخدام مياه الري

أكد الدكتور عطية الجيار، الخبير الدولى فى ملف المياه والأستاذ بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية، أن القرن الماضى شهد نموًا غير مسبوق فى مشاريع الرى على مستوى العالم، وأدى استخدام الرى بالأنابيب إلى خفض تكلفة استخدام المياه الجوفية، وتم دعم الخزانات والقنوات الكبيرة لتحقيق الأمن الغذائي، وفى جميع أنحاء العالم زادت الأراضى المروية من 50 مليون هكتار فى عام 1900 إلى 267 مليون هكتار فى الوقت الراهن، معظمها فى البلدان النامية، ويوجد حاليًا 75 ٪ من الأراضى المروية فى البلدان النامية، وأدى الرى إلى زيادة مساحة الأراضى المزروعة والغلات على الأراضى الزراعية الموجودة، كما سمح بزراعة محاصيل مزدوجة، وقلل من عدم اليقين بشأن المياه التى يوفرها المطر، واستفادت قارة آسيا كثيرا من الرى فى البلدان التى لديها أكبر مساحة للرى وهى الصين والهند والولايات المتحدة.

توزيع الموارد المائية

وأضاف الدكتور عطية الجيار، أنه لا يتم توزيع الموارد المائية بالتساوى فى جميع أنحاء العالم، وستستمر المناطق القاحلة فى معاناتها من أجل إمدادات المياه، بالإضافة إلى ذلك من المتوقع أن يؤدى تزايد عدد السكان فى البلدان النامية إلى زيادة إجمالى الطلب على الغذاء فى القرن المقبل، حيث يتناول أولئك الموجودون فى البلدان النامية المزيد من منتجات اللحوم، ونتيجة لذلك يزداد الطلب على محاصيل الحبوب كعلف للماشية، ويقدّر المعهد الدولى لبحوث السياسات الغذائية أنه لتلبية الطلب فى عام 2025، يتعين زيادة إنتاج الحبوب العالمى بنسبة 40 ٪ مقارنة بعام 1995، وسيكون من الأفضل إدارة أنظمة المياه الحالية، إلى جانب استخدام تقنيات رى أكثر كفاءة فى العقود القادمة. 

أبعاد متعددة لإدارة المياه

وأشار الدكتور عطية الجيار، إلى أن كفاءة استخدام المياه بقرارات على عدة مستويات من الإدارة، ولكن لبيان بعض الخيارات التى يتم اتخاذها على كل مستوى، والخيارات التى تؤثر على كفاءة نظام المياه بأكمله، وعند اختيار تصميم النظام الأمثل، من المهم استخدام نهج الحث العكسي، وبناء تصميم النظام على الاستجابات المتوقعة على مستوى المنطقة والمزرعة، ومن هذه الخيارات “خيارات إدارة المياه الجزئية” وفيه يتم تحديد كفاءة أنظمة الرى من خلال الخيارات على مستوى المزرعة، والتى تشمل خيارات تخصيص الأراضى بين المحاصيل، ومدى رى هذه المحاصيل، واستخدام المدخلات غير المائية، ونوع تقنيات الري، وهذه الخيارات مترابطة، ومن المرجح أن تكون النمذجة الكاملة لهذه الخيارات معقدة، والخيار الثانى هو “تخصيص الأراضى للرى على مستوى المزرعة” حيث توجد مؤلفات مستفيضة حول تبنى التكنولوجيا والتى تفيد فى تحليل اختيار مناطق الرى إلى حد كبير، تفترض هذه الأدبيات أن المزارعين يتجنبون المخاطر وأنهم مقيدون بتوافر الائتمان، وتقلل الموافقة على الرى من المخاطر وتزيد الغلة.

وأوضح الدكتور عطية الجيار، أن هناك خيارا آخر يتمثل فى “اختيار تقنية الرى على مستوى المزرعة”، موضحًا أنه لا خيار أمام المزارعين لزراعة المحاصيل فى الأراضى البعلية، ففى كثير من الأماكن لا يكفى هطول الأمطار لزراعة أى محصول، وفى هذه الحالات لا يستطيع المزارع أن يختار الرى أم لا، وعليه أن يختار نوع تقنية الرى التى سيتم توظيفها، وتستخدم طرق الرى التقليدية، مثل الفيضان أو الأخدود، الجاذبية لتوزيع المياه على الحقل، وهذه الطرق لها تكاليف اعتماد منخفضة، ولكنها أيضًا غير فعالة نسبيًا فى استخدام المياه.

واستطرد الدكتور عطية جيار قائلاً إن: زيادة كفاءة استخدام المياه تؤدى إلى تقليل المياه غير المستخدمة، وبالتالى تقل مشاكل تراكم المياه وتشبعها مع الرى بالتنقيط عند تطبيق نظام الصرف، فمن المرجح أن يتم تسريع اعتماد الرى بالتنقيط، وتوفر هذه التقنيات إنتاجية متزايدة بالإضافة إلى عوامل خارجية سلبية أقل، وسيتم تعزيز اعتمادها من خلال تحسين أسعار المياه وفرض رسوم الصرف، وتوفير الحوافز المناسبة للمزارعين لتبنى الرى الفعال يمكن أن يكون له تأثير محفز على استخدام المياه، ويؤدى التحول من الرى بالرش أو الرى بالرش إلى أنظمة الرى بالتنقيط إلى تقليل استخدام المياه بنسبة تصل إلى 35 ٪، ويبلغ الاستخدام العالمى للرى بالتنقيط ثمانية وعشرين مرة من مستوى منتصف السبعينيات، لكنه لا يزال يمثل أقل من 1 ٪ من المساحة المروية فى العالم، بينما يستخدم الرى بالرش 6 ٪ من الأراضى المروية، ولا يقتصر تحسين كفاءة استخدام المياه على الزراعة فحسب، بل يمكن لمستخدمى المياه فى الصناعة والسكن أن يفعلوا الكثير لتحسين كفاءة استخدام المياه، بفضل التقنيات المتاحة اليوم، يمكن للمزارعين تقليل الطلب على المياه بنسبة 10 إلى 50 ٪، والصناعات بنسبة 40-90 ٪، والمدن بمقدار الثلث دون التضحية بالإنتاج الاقتصادى أو جودة الحياة.

تقنيات الرى منخفضة الكفاءة

وأوضح الدكتور عطية الجيار، أن تقنيات الرى الفعالة لا تتطلب بالضرورة تكلفة رأسمالية عالية لاعتمادها، وتُظهر الأمثلة من المناطق التى تعانى من ندرة المياه براعة المزارعين فى التكيف مع إمدادات المياه المحدودة، وأحد الأمثلة على ذلك هو تسوية الأراضى الزراعية وتم استخدام الأراضى الزراعية منذ آلاف السنين كوسيلة لزيادة كفاءة المياه المستخدمة، ويقلل السطح المسطح من تدفق المياه ويزيد من كفاءة استخدام المياه فى المحطة، وهناك طريقة أخرى تم استخدامها وهى وضع الأوانى الفخارية تحت مستوى الأرض بالقرب من جذور المحاصيل الشجرية، ويسمح الطين المسامى للماء بالتنقيط ببطء من الوعاء، ويوفر إمدادًا ثابتًا من الماء للشجرة، ومثال آخر على تكنولوجيا الرى منخفضة التكلفة هو استخدام خزانات القرى فى الهند تقليديًا، حيث تجمع قرى الهند مياه الأمطار فى صهاريج للري.

إدارة المياه الجوفية

وفيما يتعلق بإدارة المياه الجوفية، أوضح الدكتور عطية الجيار، أن المياه الجوفية كمورد مفتوح، عندما لا يتم تحديد حقوق ملكية أحد الموارد الطبيعية بدقة، فغالبًا ما تكون هناك مشكلة فى الوصول المفتوح للعديد من الأفراد، وفى الحالات التى يكون فيها المورد محدودًا فى العرض، لن يأخذ مستخدمو الموارد فى الاعتبار الآثار المترتبة على استخدامها للتوافر المستقبلى وتكلفة الموارد للمستخدمين الآخرين، وتعد مشكلة الوصول المفتوح واحدة من أكبر العوائق أمام الإدارة المثلى لأنظمة المياه الجوفية، ونظرًا لأن المياه الجوفية نادرًا ما يتم تنظيمها، فإن أى شخص لديه القدرة على حفر بئر وضخ المياه للاستخدام الشخصي، ومع ذلك نظرًا لأن نفس مستوى المياه الجوفية متاح للعديد من المستخدمين، فإن كل مستخدم يسبب تأثيرًا خارجيًا على الآخرين، حيث أن مستوى أكبر من المياه المستخرجة يقلل من توفر مستخدمين آخرين فى المستقبل.

واستطرد الدكتور عطية الجيار قائلاً: إن دعم تكاليف ضخ المياه الجوفية أحد العوائق التى تحول دون الإدارة الفعالة للمياه الجوفية هو دعم تكاليف الضخ، والتكلفة الرئيسية لضخ المياه الجوفية هى الطاقة اللازمة لرفع المياه إلى السطح، ويتم دعم الكهرباء فى العديد من البلدان، مما يقلل التكلفة الحدية للضخ ويؤدى إلى زيادة استخراج المياه الجوفية، وهناك دولتان تدعمان تكاليف الكهرباء هما الهند وباكستان، وهذا الدعم هو جزء من سبب السحب من المياه الجوفية الذى يحدث فى هذه البلدان، وإدخال تسعير المياه الجوفية بكفاءة بسبب العوامل الخارجية المفروضة على مستخدمى المياه الآخرين، ولا يزال إلغاء دعم الكهرباء يؤدى إلى انخفاض سعر المياه الجوفية، وتنص نظرية الموارد القابلة للاستنفاد على أن سعر المياه الجوفية يجب أن يساوى مجموع تكلفة الاستخراج وتكلفة المستخدم، مع تساوى تكلفة المستخدم تكلفة الفرصة البديلة، والحل الأفضل الأول هو فرض ضريبة مساوية لتكلفة المستخدم على كل فدان من المياه الجوفية المستخرجة، ومع ذلك فإن مراقبة وفرض مثل هذه الضريبة سيكون مستحيلًاً مع تكلفة وتوافر التكنولوجيا المتاحة حاليًا، فإن ثانى أفضل حل هو وضع الضريبة على تكنولوجيا الرى واختيار المحاصيل.

الاستخدام المشترك للمياه الجوفية والمياه السطحية

وأوضح الدكتور عطية الجيار، أن هناك عدة فوائد للاستخدام المشترك للمياه السطحية والجوفية، وتتحقق هذه الفوائد بسبب اختلاف طبيعة الموارد، وعادة ما تكون تكاليف المياه السطحية والاستخراج أقل، ولكنها تخضع لتقلبات العرض، ويمكن أن يكون ضخ المياه الجوفية مكلفًا، ولكنه يحتوى على إمدادات موثوقة، وفى طبقات المياه الجوفية مع إعادة التغذية واستخدام السطح خلال سنوات هطول الأمطار الغزيرة، يمكن للمياه إعادة تغذية الخزان الجوفى الحالى وتقليل السحب المستقبلى من إمدادات المياه الجوفية فى خزانات التغذية الجوفية، ويمكن أن يكون توفر المياه السطحية للرى بديلاً عن المياه الجوفية غير المتجددة فى كلتا الحالتين، ويمكن أن يقلل الاستخدام المرتبط بالمصدرين من المخاطر المرتبطة بإمدادات المياه السطحية العشوائية.

تخصيصات قطاع المياه

وأوضح الدكتور عطية جيار، أن هناك تفاعل بين مستخدمى المياه فى الزراعة والقطاعات الأخرى، مثل المجموعات الحضرية والصناعية، وفى كثير من الأحيان لا يكون توزيع المياه ضعيفًا فقط بين المزارعين، ولكن أيضًا بين القطاعات مع محدودية إمدادات المياه، وتصبح المصالح المتنافسة بين مجموعات المستخدمين مهمة، ومن بين هذه القطاعات الثلاثة، تستخدم الزراعة الحصة السوداء فى إمدادات المياه، على الرغم من حقيقة أنها تكسب غالبًا أقل قيمة هامشية للمياه، مع زيادة عدد السكان، وتوفر الضغوط أيضًا كمية كافية من المياه للأغراض المنزلية والصناعية، مما يتسبب فى حدوث صراعات بين القطاعات، وكان هذا صحيحًا لأكثر من 100 عام فى أماكن مثل كاليفورنيا فى تشيلي، واشترت المدن النامية مثل سانتياغو المياه حقوق المستخدمين الزراعيين لتزويد سكان الحضر، ومع ذلك فإن الحل المناسب للقضية بين التخصيصات القطاعية أكثر تعقيدًا من مجرد نقل المياه من الزراعة إلى القطاع الحضري.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة