تلعب المناهج الدراسية دورًا كبيرًا ومؤثرًا في الحفاظ على الهوية الوطنية، فإن اللغة هي قلب الهوية الوطنية وروح الأمة، هي أداة الفكر التي يعبر بها الإنسان عن واقعه وهمومه وطموحه وإبداعه، هي الإطار الذي يتم من خلاله الانتماء والولاء للدولة والأمة والمؤشر على قوة الأمة أو ضعفها؛ لذلك فإن كل الدول تحرص بقوة على تجنيد كل الوسائل للحفاظ على لغتها الوطنية من أي تأثيرات ضارة، والدفاع عنها في مواجهة تأثير اللغات الأخرى.
موضوعات مقترحة
اللغة هي وعاء الثقافة
وبهذا الصدد، يقول الدكتور محمد عبدالعزيز، الخبير التربوي، وأستاذ علوم التكنولوجيا بكلية التربية جامعة عين شمس، لـ"بوابة الأهرام": تعلم وإتقان اللغة الإنجليزية أصبح أمرًا ضروريًا وأساسيًا في ظل الثورة العلمية والتكنولوجية التي نشهدها كل دقيقة، ولكن بالتوازي لابد من الاهتمام أيضًا باللغة العربية والحفاظ عليها لأنها تمثل هويتنا.
وتابع: فاللغة هي "وعاء الثقافة"، وعدم الحفاظ عليها يعد مؤشرًا خطيرًا، لذا لابد من أن نعمل على تحقيق المعادلة من ناحية الحفاظ على هوية لغتنا العربية، ومن ناحية أخرى الإلمام بمتطلبات العصر الحديث، ولكن مع الحذر الشديد.
ويوصي الخبير التربوي وأستاذ علوم التكنولوجيا، بضرورة العمل على برامج توعية بأهمية لغتنا العربية لمكافحة الغزو الفكري الذي يطمس الهوية، ويمكن القيام بذلك عن طريق القنوات التعليمية، التي تكون منبرًا للتوعية، فضلا عن الاهتمام باللغة العربية وتعزيزها بالمدارس، مثلا بعمل أنشطة كإلقاء الأشعار، وإقامة مسرحيات باللغة العربية الفصحى، وذلك لأن مثل هذه الأفكار تؤثر بالإيجاب على الطلبة، وبالتالي تعزز من الحفاظ على الهوية.
الدكتور محمد عبد العزيز
تأسيس النشء على الدروس التربوية من الإذاعة والتليفزيون
ومن جانبه، يتفق الدكتور علاء الغندور، استشاري العلاج النفسي والسلوكي، مع الدكتور محمد عبدالعزيز، في أن تأسيس النشء على الدروس التربوية من الإذاعة والتليفزيون وحملات التوعية، وأن تبدأ من المنزل ثم المدرسة؛ حيث إن أجيالنا الجديدة أصبحت لا تتحدث أو تكتب أو تفكر أو تقرأ باللغة العربية، فاللغة العربية اليوم تعاني من استدراج خطير لقتلها، وأن عولمة الثقافة وسيادة اللغة الإنجليزية أكثر خطورة على اللغة العربية والهوية الوطنية من الاستعمار.
التوحيد اللغوي
ويشدد الغندور، على ضرورة التوعية بأهمية اللغة العربية؛ وذلك من خلال "التوعية الاجتماعية"، عن طريق الإذاعة والتليفزيون، وإقامة ندوات تثقيفية وإلقاء محاضرات تحض على استعمال اللغة الفصيحة، وإذاعة أحاديث في الإذاعة والتليفزيون لتوعية المجتمع، وإعلامهم أن اللغة الفصيحة هي التي تجمع الأقطار العربية في وحدة لغوية تيسر التفاهم بين أبنائها، وإعلامهم أن الوحدة السياسية لا يأتي تحقيقها إلا من طريق "التوحيد اللغوي"، وأن الانتماء إلى الأمة العربية يقتضي الاعتزاز بها والحرص على استعمالها في كل المجالات، وتذكير المجتمع في الوطن العربي بما كان للغتنا من شأن كبير في العصور المختلفة ولدى جميع الأمم التي انضوت تحت راية الدولة العربية الإسلامية.
حماية اللغة العربية من آثار العولمة
وأضاف، أن اللغة العربية لها تأثير كبير في ترسيخ المواطنة، وتكريس الانتماء، بحيث يكون الاعتزاز بها اعتزازًا بالوطن، وتراثه الحضاري العظيم، فهي عنصر أساسي من مقومات الوطن والشخصية العربية، والنظر إليها على أنها وعاء للمعرفة والثقافة بكل جوانبها، ولا تكون مجرد مادة مستقلة بذاتها للدراسة؛ لأن الوطن الذي يهمل لغته وطن يحتقر نفسه، ويفرض على نفسه التبعية الثقافية، مطالبًا بحماية اللغة العربية من هجمات العولمة.
الدكتور علاء الغندور