Close ad

بداية جديدة.. النرجسية

28-11-2023 | 14:33

النرجسية.. مصطلح يتردد كثيرًا في الفترة الأخيرة بين فئات المجتمع بمختلف أعمارهم وثقافاتهم، ويتساءل العديد منهم ما معنى هذا المصطلح علميًا؟ وهل الشخص النرجسي مريض بالفعل ويحتاج إلى علاج أم هي صفة يكتسبها الفرد من خلال التنشئة الاجتماعية والبيئة المحيطة به؟ وكيفية التعامل مع الشخص النرجسى؟ والكثير أيضًا من الأسئلة.. سوف أحاول جاهدة أن أقوم بتبسيط محتوى هذا المصطلح لكي تستطيع عزيزي القارئ فهم هذا الكائن الغريب.

النرجسية.. هي المصطلح العلمي لشخص أناني لا يرى ولا يسمع إلا نفسه وإرضاء غروره الذي تجاوز حدود أي مشاعر إنسانية مع أي طرف حتى على نطاق الأسرة الواحدة، هذا الشخص لابد أن يرى نظرات الإعجاب والاهتمام في عيون الآخرين، وأيضًا من خلال تعاملهم معه، لا يقبل أي نقد نهائيًا، ولا يستمع إلا لصوته هو فقط، دائمًا على صواب لا يخطئ أبدًا، وإذا حاولت أن تتناقش معه أو حتى تلفت نظره إلى أي نقطة ضعف أو خطأ لديه، فهو يثور ويغضب ويصبح كالبركان لا تنطفئ نارها أبدًا.. لا يتحمل المعارضة من أي شخص كان، لا يعترف نهائيًا بالمشاعر الإنسانية، على الرغم من أنه دائمًا يتظاهر بعكس ذلك لكي يجذب أكبر عدد من الأشخاص حوله. 

الأشخاص النرجسيون في الغالب تراهم ناجحين في أعمالهم؛ لأنهم يعشقون النجاح والشهرة والحب المعمي للمال، يريدون دائمًا أن يكونوا في المقدمة، ومحل أنظار الجميع، دون مراعاة لأي اعتبارات أخرى مهما كانت، على استعداد أنهم يخسرون علاقات وأشخاصًا حتى لو كانوا من داخل أسرتهم وأقرب الناس إليهم.

ونأتي هنا للسؤال الأهم: هل النرجسية مرض أم صفة يكتسبها من خلال التنشئة الاجتماعية؟ بكل بساطة ووضوح هي صفة يكتسبها بسبب التنشئة الاجتماعية، وتتحول إلى مرض مزمن من الصعب علاجه، ويحتاج إلى تأهيل وتدريب نفسي كبير، وعلى مدى بعيد؛ لأن الشخص النرجسي لا يعترف بأنه مريض أصلًا، ويرى أنه ما دام شخصًا ناجحًا في عمله، وموضع اهتمام من الآخرين ومحققًا كل أهدافه، فهو شخص طبيعي وناجح، ولكن الحاقدين هم من يطلقون عليه هذا المصطلح.. وهنا تأتي المشكلة الكبرى، وهي كيفية إقناع هذا النرجسي بمرضه المزمن؟ 

ونلاحظ هنا أن النرجسي شخص يكتسب كل الصفات التي تؤهله إلى النجاح، فهو ذكي طموح يخطط لأهدافه المستقبلية بكل هدوء واتزان، ودائمًا خططه تمتاز بأنها طويلة المدى وأهدافها بعيدة.

ومن الصعب جدًا التعامل مع النرجسي، أو الدخول معه في أي علاقة إنسانية؛ لأنه لن يسمح لأي طرف بأن يكون هناك موضع اهتمام غيره، ولن يسمح أيضًا لأي رغبات أو متطلبات عاطفية؛ حيث إنه لا يعترف بها، حتى ولو أظهر غير ذلك، فهو يدخل فقط في علاقة مع الطرف الآخر لكي يستمتع فقط، ويرضي نفسه وغروره أي لا يشعر بوجود أي شخص آخر غير نفسه، وفي هذه الحالة لابد أن يكون التعامل مع هذا الكائن بطريقة ذكية؛ وهي التجاهل الإيجابي؛ بمعنى تتجاهل احتياجاته والاهتمام به وليس تجاهله هو شخصيًا؛ بمعنى أوضح أن تمثل أنك لا تفهم رغباته، ومحتاج تفهم ما يريده، وتوصل له المعلومة بطريقة أخرى، طريقة المراوغة وعدم الوضوح أو أنك لم تتذكر ماذا كان يريد أو بالانشغال بأعمال أخرى!! فهذه الطريقة تجعله يحترق يموت كمدًا، لا تتعامل معه أبدًا بطريقة واضحة ومرنة، بل اجعله دائمًا يفكر ويحتار!! إنه التجاهل الإيجابي.

ومن هنا إذا قدرت أن تلعب هذا الدور جيدًا، فلقد انتصرت على هذا النرجسي بكل مهارة وكبرياء، تجعله دائمًا يتذكرك وينشغل بك؛ لأنك مختلف عن الآخرين، وهنا فقط سوف يغير من طريقة تعامله معك، ويبدأ يتعامل معك معاملة أيضًا مختلفة عن طبيعته، ولكن حذارٍ أن تصدق هذا النرجسي؛ لأنك لو خضعت وصدقت ما يقوله أو يفعله، سوف ترجع مرة أخرى إلى نقطة البداية.

بداية جديدة..

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة