ـ من أروع ما عرضت القناة الأولى خلال الأسبوع الماضى حلقة متميزة من برنامج “حديث العرب من مصر” أجرت فيها الدكتورة درية شرف الدين المحاورة المهنية والأستاذة في فن الحوار الراقي لقاءً مفيدًا وثريا مع الدكتورة هويدا مصطفى أستاذة الإعلام وعميدة كلية الإعلام جامعة القاهرة السابقة وخبيرة إعلام الأزمات، والتي تحدثت ببراعة وبساطة فى نفس الوقت عن الجانب الآخر من الصورة الناقصة التي يظهرها الإعلام الغربي لقضايا العرب، وفندت أسس الإعلام المهني الموضوعي الصادق في مواجهة إعلام بلا ضمير يعمل فى اتجاه وخدمة الظالم ضد المظلوم، كما يحدث فى تغطية الإعلام الغربي للقضية الفلسطينية والحرب على غزة وطوفان الأقصى.
جاء حوار الدكتورة هويدا مصطفى وطنيًا كعادتها متزنًا هادئًا شارحًا لكل تفصيلة كبيرة وصغيرة حول المعركة الإعلامية الدائرة منذ بدء طوفان الأقصى فوصفت هذه الحالة برغم كل المآسي الأليمة والشهداء والدمار الذي حدث في غزة إلا أنها تعد انتصارًا كبيرًا للطرف الفلسطيني في المعركة الإعلامية، فلأول مرة نرى هذا الزخم الكبير جدًا من مظاهرات تأييد للفلسطينيين بداخل الدول الغربية نفسها، حتى إن بعض المؤسسات الإعلامية عادت لتكذيب بعض الروايات الخاطئة التي نشرتها، وكانت تتضمن افتراءات على الفلسطينيين.
شرحت الدكتورة هويدا مصطفى أيضًا خلال الحلقة إعلام الأزمات وما يتميز به وأوضحت الفرق بين تغطية الإعلام للحرب في الخليج والحرب الحالية في غزة، كما تحدثت عن الإعلام الغربي وتناوله للعدوان على غزة وكيف نقل مشاهد الدمار وكيف أن التناول الإعلامي للقضية الفلسطينية كشف تحيز القنوات الدولية الموجهة بالعربية، وتقديم بعضها لمعلومات غير صحيحة بشأن الأوضاع في قطاع غزة، مشيرة إلى أن تراجع الأخبار الغربية غير المدققة فتح مساحة للصوت الفلسطيني.
واستنكرت عميدة الإعلام ما يسمى بصحافة المواطن، مشيرة إلى أن المواطن هو مواطن، ولا يمكن أن يمارس مهنة الإعلام التي تقوم على معايير وأسس، ووصفت ما يقوم به المغردون أو المواطنون على السوشيال ميديا بأنه تفاعل ومشاركة وليس ممارسة لمهنة الإعلام.
ومن أجمل ما تضمنته الحلقة فقرة تسجيلية متميزة حول المشوار العلمي والأكاديمي للدكتورة هويدا مصطفى صاحبتها لقطات لتكريماتها وإنجازاتها على مدى مشوارها المشرف.
برنامج “حديث العرب من مصر” تضمن حوارًا ثريًا ومفيدًا وبرغم ثقل الموضوعات التي تضمنها الحوار الذي يغلب عليه الصبغة الرسمية إلا أنه وصل للمشاهد العادي ببساطة المحاورة الراقية د.درية شرف الدين والضيفة صاحبة المشوار المهم في قضايا الإعلام د.هويدا مصطفى، فوصلت الرسالة للمشاهد الذي فهم وعرف واطلع على محاور وموضوعات مهمة أثارها النقاش الحيوي الذي تفرضه الساحة حاليًا.