الصحة تحاصرها بالفحوصات المبكرة.. الأمراض الوراثية تُلاحق المتزوجين.. وأطباء يقدمون هذه النصائح

26-11-2023 | 14:34
الصحة تحاصرها بالفحوصات المبكرة الأمراض الوراثية تُلاحق المتزوجين وأطباء يقدمون هذه النصائح كشف الأمراض الوراثية على حديثي الميلاد
إيمان البدري

تبادر وزارة الصحة والسكان بإطلاق مبادرات فحص الأمراض الوراثية بالحضانات لأطفال حديثي الولادة منذ 2021، وأحدث المبادرات الحالية يتم من خلالها  فحص الأمراض الوراثية فى الحضانات ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية للأطفال حديثى الميلاد، ويتم تخصيص 42 مركزًا لعلاج الأمراض الوراثية لدى حديثي الولادة، بالتعاون مع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وتقدم خدمات العلاج والمتابعة الدورية مجانًا  للأطفال الذين يعانون من أي أمراض وراثية، لمساعدتهم في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، بالإضافة إلى تقديم خدمات الدعم والمشورة لأولياء الأمور، للحد من احتمالات إنجاب أطفال مصابين بأي من الأمراض الوراثية، كما يتم الكشف من خلال مبادرات  فحص الأمراض الوراثية للأطفال حديثي الولادة على 19 مرضًا وراثيًا.

الفحوصات الإلزامية تُحدد مستقبل العروسين قبل الزواج

 في البداية يقول الدكتور عادل عاشور أستاذ الوراثة الإكلينيكية والأطفال بالمركز القومي للبحوث، إن أمر فحص الأمراض الوراثية لدى الأطفال أمر مهم جدًا ولكن من الأفضل أن يبدأ الفحص قبل الزواج خاصة في حالة زواج الأقارب، حيث  ينتشر زواج الأقارب لدى الكثير من المجتمعات الشرقية، بسبب اعتقاد أن زواج الأقارب يتيح وجود نظام العائلة الدائم القائم على استقرار الزواج، كما ينتشر نظرًا لمعرفة الطرفين من الزوجين لبعضهما وكذلك معرفة تقاليد عائلاتهم، مما يجعل الزيجات بين الأقارب من وجهة نظرهم أنها تصبح زيجات أقوى من مثيلاتها في الزواج من غير الأقارب.

الدكتور عادل عاشور

"كما تظهر الإحصائيات أن من أبرز الدول التي ينتشر بها زواج الأقارب من الدرجة الأولى بنسبة كبيرة هي مصر بنسبة تصل إلى 11%، ولكن رغم التحذير المستمر من زواج الأقارب، تجنبًا لإنجاب أطفال تحمل أمراضًا وراثية إلا أن زيجات الأقارب مستمرة، لذلك كان من الضروري التشديد في إجراء خطوات الفحص ما قبل الزواج؛  حيث جاءت  نتائج التقدم العلمي في علوم الوراثة  لكي تكتشف كثيرًا من الحقائق العلمية التي لم تكن مفهومة من قبل، ولكن في العصر الحالي كثر الحديث عن علاقة زواج الأقارب بالأمراض الوراثية في الأطفال.

ويشير، إلى أن الدراسات أكدت ارتفاع معدل خطر الإصابة ببعض الأمراض الوراثية بين الأطفال نتيجة زواج الأقارب، بالإضافة إلى زيادة نسبة الوفيات بين هؤلاء الأطفال، هذا ما أكده المتخصصون في علم الوراثة الإكلينيكية والأطفال بالمركز القومي للبحوث. 

"لذلك تعتبر تحاليل المقبلين على الزواج  خاصة الأقارب  من الإجراءات المهمة التي يجب إجراؤها قبل الزواج، وحيث إن الهدف من تلك الفحوصات والتحاليل هو معرفة المواطنين الأضرار التي قد تنتج عن زواج الأقارب أو زواج المصابين بعدة أمراض محتمل انتقالها لأبنائهم، لذلك من الأفضل التأكد من خلوهم من الأمراض.

كما تجد إجراء الفحوصات ما قبل الزواج اهتمامًا كبيرًا من جميع القيادات، لذلك نشهد بوجود كثير من التعديلات على التحاليل المتعلقة بالمقبلين على الزواج، لذلك أصبحت تضم أنواعًا جديدة من التحاليل، حيث نص التعديل الذي أصدره مجلس الوزراء على اللائحة الأساسية للمستشفيات والوحدات الطبية التابعة لوحدات الإدارة المحلية، والصادرة بقرار وزيري الصحة والسكان والإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1997، والتي تضمنت إضافة الجديد من التحاليل.

وفي سياق متصل يقول الدكتور عادل عاشور، أن التعديلات على اللائحة الأساسية للمستشفيات والوحدات الطبية التابعة لوحدات الإدارة المحلية تضمنت في تحاليل المقبلين على الزواج أنواعًا جديدة من التحاليل الطبية، مثل التحاليل الطبية الخاصة بفيروس الالتهاب الكبدي C وB، وكذلك الثلاسيميا وفيروس نقص المناعة المكتسبة HIV، ومرض فقر الدم المنجلي، وكذلك إضافة عدة أنواع من الفحوصات للرجل مثل تحليل صورة الدم الكاملة، وتحليل سكر عشوائي وكشف الأنيميا الوراثية، وفيروس الكبد بي وسي، ونقص المناعة المكتسب، وبذلك أصبح الأمر ميسرًا الآن أمام الجميع لإجراءات فحوصات ما قبل الزواج.

الأمراض الوراثية الناتجة من زواج الأقارب تظهر على الأبناء والأحفاد

 في البداية يقول الدكتور عادل عاشور أستاذ الوراثة الإكلينيكية والأطفال بالمركز القومي للبحوث، إن الخطورة في زواج الأقارب تكمن في الأمراض الوراثية التي يحمل جيناتها الزوج والزوجة، ورغم أن هذه الأمراض قد لا تظهر على الزوجين إلا أنها أمراض تورث بعد الزواج للأطفال والأحفاد، مثل مرض التخلف العقلي وخلل التمثيل الغذائي، ومرض الكبد وضمور المخ وأمراض الدم الوراثية التي تشمل أنيميا البحر الأبيض المتوسط (الثلاسيميا) والأنيميا المنجلية، ومرض الكلية المتحوصلة الذي يؤدى للفشل الكلوي.

ويكمل، أنه نتيجة الأمراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب، يظهر على الأبناء أيضًا مرض الصرع وداء السكري والأمراض القلبية، لذلك ينصح الأطباء بعدم الزواج من الأقارب حتى لا تضعف الذرية، حيث إن كلا من الأب والأم يحملان نفس الجين المعيب الذي يزداد كلما زادت درجة القرابة بين الزوجين، كذلك نسبة حدوث الولادات المبكرة تصبح أكثر في زيجات الأقارب، كما أن متوسط وزن المولود يكون ضعيفًا جدًا في زيجات الأقارب.

الطفل المنغولي والتشوهات الخلقية نتيجة زواج الأقارب من الدرجة الأولى والثانية

ويستطرد الدكتور عادل عاشور، أن زواج الأقارب يظهر فيها ما يسمى وجود الحالة التي تتأثر بمورث متنحى، يسبب الضعف العقلي، حيث أظهرت الدراسات أن عدد حالات الضعف العقلي هي المقصود بها بالطفل المنغولي، وهي حالة تنتج عن خلل في انقسام الكروموسامات، وتظهر منها 14 حالة بين 3989 زيجة بين الأقارب.

"وقد توصل الباحثون من خبراء الوراثة البشرية بالمركز القومي للبحوث، إلى زيادة أثر الأمراض الوراثية وزواج الأقارب على ولادة أطفال مصابين بتشوهات جسدية وعقلية، وخاصة التشوهات الخلقية والأمراض الوراثية ذات الصفة المتنحية، بمعنى أن يكون الأب أو الأم حاملين لمرض وراثي معين ولكن لا تظهر عليهم أية أعراض، ولكن عند زواجهما وبعد حدوث الحمل تنتقل الجينات مناصفة إلى الأبناء، وقد أجريت أبحاث على 100 حالة من حالات الأطفال الذين يعانون من التخلف العقلي وجد أن أكثر من 65% من هؤلاء الأطفال كانوا لآباء وأمهات أقارب من الدرجة الأولى أو الثانية.

بالإضافة إلى أنه من خلال زواج الأقارب تم اكتشاف بعض الحالات الوراثية النادرة، مع تكرار ظهور أكثر من مرض متنحى في نفس العائلة كنتاج لزواج الأقارب، ومن هنا لابد من أخذ قرارات صارمة للكشف من البداية عن الأمراض الوراثية حتى نحمي الأطفال والمجتمع من خطر تفشي وزيادة أعداد الأمراض الوراثية.

أنيميا البحر الأبيض المتوسط من الأمراض الوراثية المنتشرة

وفي السياق نفسه، يقول الدكتور عادل عاشور، إن الإحصاءات العالمية والمحلية ذكرت أن زواج الأقارب يسبب أعلى معدلات الإصابة بأنيميا البحر الأبيض المتوسط المعروفة بالثلاسيميا الوراثية، كما يزداد احتمال وفرص ظهورها أيضًا بين الحاملين لجينات هذا المرض، وأن أعلى نسبة ترتفع فيها الإصابات بأنيميا البحر الأبيض المتوسط في الحالات المرضية المرتبطة بالحمل، مثل فقر الدم وتسمم الحمل والنزيف والإجهاض، وزيادة العمليات القيصرية كانت بين الأمهات المتزوجات من أقاربهن.

" كما أن وجود مرض وراثي في أحد الوالدين ينقله عامل وراثي سائد، ويظهر بنسبة 50 % من الأبناء، ولا يظهر في الآخران، أما في حالة العوامل الوراثية المتنحية فهي تكون موجودة في كل من الأب والأم معا ليظهر المرض في نسبة معينة من الأبناء يجتمع لديهم عاملان وراثيان متنحيان، ولا يظهر في من ينتقل إليه عامل وراثي متنحيًا واحدًا، وهذه العوامل الوراثية السائدة أو المتنحية، لا تحمل صفات غير مرغوب فيها أو أمراضًا فقط، بل قد تحمل صفات مرغوبا فيها أيضا.

خطورة استمرار زواج الأقارب وضرورة التنبيه بالإصابة بالأمراض الوراثية

 ويضيف الدكتور عادل عاشور، أنه مع استمرار الزواج بالأقارب بمرور الأجيال، يسهل خطر تجمع العوامل الوراثية المتنحية أكثر مما هي موجودة في المجتمع من حولهم، بمعنى إذا تزوج الرجل بابنة عمه أو ابنة خاله، وكان كل منهما يحمل نفس العامل الوراثي المتنحى لصفة صحية أو مرضية، فإن 25% من أبنائهما ستظهر عليهم تلك الصفة، بينما يحمل 50 % منهم العامل الوراثي المتنحى في حين لا يحمله الـ25% الباقين.

"وفي حالة إذا كانت درجة القرابة بعيدة، فإن احتمال وجود الجينات المماثلة تعتبر أقل، وبالتالى ينخفض حدوث المرض في الذرية، وإذا كانت درجة القرابة بين الزوجين أقرب فإن احتمال تواجد الجينات المماثلة يكون أكثر، ولكن العلم الآن يستطيع تشخيصًا ما إذا كان الجنين مصاباً أو حاملاً للمرض أو سليماً، وذلك في الكشف على الأم في مراحل مبكرة من الحمل، ولكن يترك القرار للزوجين في إتمام الحمل أو عدمه.

ولكن نتيجة الأمراض الوراثية التي يحملها الجنين نتيجة زواج الأقارب، يتم توصية المقبلين على الزواج، بالحصول على استشارات أولية قبل الزواج وقبل الحمل، وخصوصًا الأقارب من الدرجة الأولى للوصول إلى أسرة سليمة خالية من الأمراض، ويجب البدء في ذلك قبل الزواج وليس الاكتفاء بالفص بعد إنجاب الطفل حتى لايشكل عبئًا على الأسرة وعلى المجتمع .

وجود ثلاثة أنواع فحوصات تتم قبل الزواج

ويشير الدكتور عادل عاشور أستاذ طب الأمراض الوراثية، إلى أن فحوصات ما قبل الزواج تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي:

1 . لتجنب الأمراض الوراثية.

2. لمعرفة قدرة المقبلين على الزواج على الإنجاب.

3. للتأكد إن كان أي من الطرفين يحمل أمراضاً قابلة للعدوى من طرف إلى آخر عن طريق الاتصال الجنسي أو المخالطة.

أسباب فحوصات قبل الزواج

ويكمل الدكتور عادل عاشور، أن هناك أسبابًا مهمة أخرى يجب الإشارة عليها قبل الإقدام على الزواج لتجنب الأمراض  التي تصيب الأطفال  ومن هذه الأسباب

1- اضطراب إفراز الغدة الدرقية أو الصرع، و استعمال أدوية ضد تخثر الدم، لذلك يجب الوصول إلى نوعية العلاج الملائم للحمل، حيث إن بعض هذه الأدوية تلحق ضررا شديدا بالجنين.

2- تقدم سن الزوجة لأكثر من 35 سنة عند الحمل، لأن هذا السن ترتفع نسبة الإصابة بتسمم الحمل وحدوث وفيات الأطفال، وإرتفاع نسبة الولادات القيصرية، وإصابة الأطفال المولودين بخلل بالكوروموسومات.

3- ومن الأسباب الأخرى  التي تحتم إجراء فحوصات ما قبل الزواج، هي وجود أمراض طبية للأم مثل السكرى، لذلك يجب الوصول إلى معدل طبيعى للسكر في الدم قبل الحمل، وإلا ستزداد نسبة حدوث تشوهات الجنين.

4- أيضا من أسباب الفحص، وجود بعض أمراض جهاز المناعة أو الإصابة ببعض الفيروسات أو أمراض الجهاز التناسلي للزوجين.

نصائح لتجنب مخاطر الإصابة بالأمراض الوراثية

ويختتم الدكتور عادل عاشور أستاذ الوراثة الإكلينيكية والأطفال بالمركز القومي للبحوث، حديثه قائلا حول ضرورة إعطاء نصائح تتعلق بالنظام الغذائي للسيدات  التي يمارسن الرياضة بشكل عنيف لما لها من الحماية ولأطفالهن ، وخاصة السيدات ممن يتبعن حمية غذائية شديدة أو الملتزمات بالغذاء النباتي، مع ضرورة تناول حمض الفوليك قبل الحمل، لأن حمض الفوليك يخفض من نسبة تشوهات القناة العصبية للجنين، مع ضرورة الإقلاع عن التدخين والابتعاد عن المنبهات لما لها من آثار سيئة على الإخصاب ونمو الجنين.

تجنب ظهور الأمراض الوراثية

تشير الدكتورة أسماء إسماعيل باحث الوراثة الإكلينيكية بالمعهد القومي للبحوث،  أنه من الضروري الكشف عن الأمراض الوراثية قبل الزواج، ولكن أيضا  توجد عدد من النصائح لتجنب ظهور الأمراض الوراثية، أولا من خلال اختبارات ما قبل الزواج سواء للمتزوجين من الأقارب أو من دون الأقارب وهي اختبارات مهمة لأنها يتم فيها التالي

الدكتورة أسماء إسماعيل

كشف جزء كبير من الأمراض الوراثية الناتجة عن خلل كروموسومات والأخطاء التي من الممكن أن تكون ناتجة من كروموسومات التي يحملها  الأم والأب ولا تظهر عليهم أي أعراض.

كما أنها تساعد على تجنب  حدوث بعض أنواع من الأنيميا التكسيريه مثل أنيميا البحر المتوسط، حيث إن أنيميا البحر المتوسط في اختبارات ما قبل الزواج يوجد جزء منها من الممكن أن يظهر ليس بشكل شديد، لأن بعضها متوسطة الحدة وضعيفة الحدة، ويبدو فيها الإنسان كأنه سليم جدًا، ولذلك يعتبر من الفحوصات التي يتم اكتشافها عن طريق فحوصات ما قبل الزواج عن طريق  الفصل الكهربي للهموجلوبين.

"أيضًا يساعد على تجنب حدوث إصابات للأجنة عن طريق اختلاف فصائل الدم ما بين الأم والجنين، كذلك تتيح القدرة على تجنب حدوث أي مشاكل ناتجة عن اختلاف فصيلة دم الأم عن الجنين مما يجعلنا نتجنب مضاعفات أخرى ممكن أن تحدث للأجنة بعد ولادتهم.

 كما أن في حالة الحمل بالطفل المنغولي تجرى للأم  فحوصات في الأسابيع الأولى من الحمل عن طريق الفحص بالسونار ويستدل على بعض العلامات التي يتم من خلالها تشخيص مثل تلك الحالات، لاستبعاد تلك الأمراض ومنع تكرارها والإصابة في الأسرة والعائلة من بعد.

كلمات البحث