عندما يموت الناس، وتموت المدن، وتسود الهمجية، فإن الكلمات هى الأخرى تموت، إذا لم تكن صادقة ومباشرة، ومشهد غزة وحربها سيقف أمامها تاريخ منطقتنا طويلا، وسوف يسأل كل إنسان وإنسانة، رحلت فى غزة من أهالينا الفلسطينيين، خصوصا الأطفال: من قتلنى ولماذا؟
هل القتل تم بالأيدى الإسرائيلية الآثمة؟ وسوف يتحملها كل متطرف ومتطرفة، ساعد على هذا القتل؟
منذ اندلعت حرب الإبادة الجماعية لقطاع غزة، كان الهدف الإسرائيلى واضحا، قتل الفلسطينيين أو تهجيرهم، وإعادة احتلال غزة، ومواصلة سرقة الأراضي الفلسطينية، وقامت حملة علاقات عامة من الغرب بزعامة بايدن وزعماء أوروبا للتبشير بحل الدولتين، وكانت رؤية المتابعين أن الغرب الأمريكى يبرر لآلة القتل الإسرائيلية ويحمل فى الوقت نفسه مباخر حل الدولتين.
عدنا من جديد، ليس لحل المشكلة الفلسطينية، لكن لإدارة هذا الحل وتسكين الفلسطينيين بشعار (حل الدولتين)، بينما الآلة العسكرية تتجه إلى تصفية القضية الفلسطينية على الأرض، والإطاحة بالمقاومة، وفى نفس الوقت الإطاحة بالمنظمات الفلسطينية، التى نشأت بعد عودة عرفات إلى رام الله، وبعد أوسلو منذ أكثر من 30 عاما، تصفية المقاومة لأنها رفعت السلاح، وتصفية السلطة لأنها ضعيفة، لاتستطيع حكم الدولة، أو تحمل تبعات قيام دولة فلسطينية.
بعد أكتوبر 2023، إما أن تقوم الدولة الفلسطينية، أو ترحل، للسنوات المقبلة، هذا خطر ضخم سوف تهتز له منطقة الشرق الأوسط، لأن الأمور لن تستقيم بدون قيام دولة فلسطينية حرة.
مصر، حذرت وكانت جلسة البرلمان المصرى، بمثابة رسالة للعالم، كما كان مؤتمر السلام الذى عقد عقب أحداث غزة، والبيان الرئاسى المصرى، الذى حدد بوضوح أنه لا تهجير قسريًا للفلسطينيين، فى غزة أو الضفة الغربية، فلسطين أرض وشعب، يبحث عن تقرير المصير، عن الدولة المرتقبة، خرجت مصر الشعبية البرلمانية تتقدمها الرئاسة، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، لتعود قضية فلسطين إلى مقدمة الأحداث، وليست قضية القضايا فقط، بل قضية العرب، وقضية مصر الأولى، بوضوح أدرك المصريون مخططات إسرائيل والغرب ضد مصر والعرب.
عدنا إلى المربع الأول، هزمت إسرائيل نفسها، بل حاصرت شعبها، وعادت إلى خانة العداء، ليس للفلسطينيين، لكن لكل الشعوب العربية، كانت قمة الرياض التى شملت العرب والمسلمين، رسالة أخرى أكثر قوة لإسرائيل والغرب، والمجتمع الدولى، وتابعها وفد وزارى لزيارة الدول الفاعلة، فى عالمنا المعاصر، بدأ بالصين وروسيا ويصل إلى المجتمعات الغربية، التى تساعد إسرائيل ليشرح للعالم هذه القضية العادلة.
إن الفلسطينيين يستحقون دولة على أرضهم، قضية فلسطين لا يحملها الفلسطينيون وحدهم، ويجب أن تشعر إسرائيل ومن وراءها الغرب الأمريكى، بأن القضية تنتقل إلى مربع خطير للغاية.
الاستقرار العالمى، كله مهدد، والدولة الفلسطينية لم تعد مطلبا لأهلها فقط، لكن للمنطقة العربية والعالم، لقد أصبحت المتوسط الحسابى الجامع للعالم، لم تعد المظاهرات التى تحدث فى العواصم الكبرى إلا مقدمة للتغيير الجوهرى، الذى حدث فى هذه القضية المصيرية.
كل القضايا، سوف تتأخر وتتقدم القضية الفلسطينية، هل تسمع إسرائيل هذه الرسالة الخطيرة والمهمة، قبل أن تنتقل إلى المرحلة الأكثر اتساعا؟ هذه هى المقدمة التى يمكن أن تشعل العالم، من الأرض المقدسة فلسطين للعالم، رسالة إلى الحرب، التى سوف تشعل الدنيا ولن تتوقف، سوف يكون وقودها الذين أشعلوها.
رسالة التحذير، التى انتشرت من غزة، إلى عواصم العالم، يجب أن تلقى آذانا صاغية فى عواصم صناعة القرار، في المنظمات الدولية، وعواصم القرار الأمريكى - الأوروبى، بل الصينى والروسى والهندى، انتبهوا: قضية فلسطين أخطر مما تبدو، ليس للشرق الأوسط فقط، بل للعالم كله.