21-11-2023 | 16:30
الأهرام المسائي نقلاً عن

ونحن بصدد ذكرى وعد بلفور المشئوم الذي تسببت فيه بريطانيا بوعدها لليهود بإنشاء وطن قومي لهم، والمسمى الصحيح له تصريح سياسي وليس اتفاقًا دوليًا لمخالفته لشروط وقواعد الاتفاق الدولي، فلكي يصبح اتفاقا دوليا يجب أن يكون أطرافه من أشخاص القانون الدولي العام وهو لا يتوافر من جانب اليهود لانتفاء الصفة، وبرغم توافر تلك الصفة من جانب بريطانيا إلا أنها لا تملك أي سلطة قانونية أو سيادة على فلسطين.

وهناك قاعدة قانونية نصها «كل ما بُنيَ على باطل فهو باطل» لذا كل ما ترتب على ذلك الوعد فهو باطل، ودفعت فلسطين ثمن ذلك الوعد حتى يومنا هذا، فعقب ذلك الوعد فتحت بريطانيا الهجرة لليهود لفلسطين وتم تشريد الفلسطينيين، ومارسَ اليهود العنف تجاه الفلسطينيين من قتل وخراب ودمار لتشريدهم من وطنهم، وتعتبر كل من بريطانيا وأمريكا مسئولتين مسئولية مباشرة عن الاحتلال انطلاقًا من وعد بلفور، فقد شكل صك الانتداب البريطاني على فلسطين الركيزة الأساسية للعدوان والاحتلال والاستيطان الصهيوني، كما شكل الفيتو الأمريكي قوة الدعم للاحتلال والعدوان الإسرائيلي، حيث إن أمريكا تملك حقها من التصويت بنسبة 20%، وهو ما يضعف من موقف القضية الفلسطينة ولا يساهم في حلها دائمًا أمدًا!

وتسبب الفيتو الأمريكي في إضعاف دور وموقف مجلس الأمن تجاه ذلك العدوان! فحتى يومنا هذا لم يمارس مجلس الأمن أيًا من صلاحياته تجاه العدوان الإسرائيلي كما فعل في احتلال العراق للكويت، حيث أصدر قرارًا بسحب قوات العراق من الكويت! كما أعطى الدول الأعضاء المتعاونة مع الكويت الحق فى استخدام كافة الوسائل اللازمة لتنفيذ القرار، ولم يكتف بذلك بل أمر العراق بدفع تعويضات عن المعاناة والخسائر التي تسببت فيها نتيجة غزوها للكويت!

وقد أنشأت الأمم المتحدة صندوقًا خاصًا بالتعويضات، كما أجاز مجلس الأمن للدولة المتحالفة مع الكويت باللجوء للأعمال الحربية ضد العراق! وفيما يتعلق أيضا بالقضية الليبية (أزمة لوكيربي) أصدر مجلس الأمن قرارين تحت ضغط النفوذ الأمريكي! خارج نطاق الشرعية الدولية! طالب القرار بتسليم المتهمين بتفجير الطائرة (بان امريكان) لمحاكمتهما وتضمن القرار إلزام الدول الأعضاء بقطع كافة اتصالاتها الجوية مع ليبيا وحظر إمدادها بالأسلحة وخفض مستوى تمثيلها الدبلوماسي والقنصلي إذا لم تقم بتسليم اثنين من مواطنيها للولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا لمحاكمتهما! أما الحديث عن انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية فمن وجهة نظري لن يجلب حق فلسطين ولن يفيد في حل القضية الفلسطينية، فممارسة المحكمة اختصاصها في الوضع الفلسطيني يكون من خلال الإحالة من قبل مجلس الأمن، ونحن على علم بموقف مجلس الأمن السلبي من القضية الفلسطينية بسب الفيتو الأمريكي.

كما أن من الممكن أن تمارس المحكمة اختصاصها عن طريق مباشرة المدعي العام التحقيق من تلقاء ذاته في أي من الجرائم المقترفة، والمواقف السابقة توضح موقفه تجاه القضية الفلسطينية فكان بالإمكان أن يمارس هذه الصلاحية في العام 2009 في ضوء النتائج التي توصلت إليها انذاك لجنة التحقيق المشكلة من قبل مجلس حقوق الإنسان، وهو ما يعرف بتقرير غولدستون كما ذكره البعض، أما الحديث عن اعتذار بريطانيا اليوم عما حدث ويحدث للفلسطينيين فأعتقد أنه صعب الحدوث، حيث إن الاعتذار في القانون الدولي يترتب عليه العديد من النتائج وأيضًا يعتبر بمثابة إقرار منها على مسئوليتها تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما تتفهمه بريطانيا مما يجعلها ترفض فكرة الاعتذار، فمن ضمن النتائج المترتبة على الاعتذار: عودة الحال إلى ما كان عليه وهو أمر يصعب حدوثه! والبديل له دفع بريطانيا التعويضات للشعب الفلسطيني، وإن كانت التعويضات لا ترجع الأرواح التي ذهبت فعلى الأقل تُصلح ما تم تدميره من منشآت، والحديث عن القضية الفلسطينية لا ينتهي، فهي محصورة بين وعدين وعد بلفور المشئوم ووعد الله الحق!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: