Close ad

عتاب على استحياء

21-11-2023 | 11:04

سأقولها وسأظل أرددها سأنطق بحروف كلماتها الغراء، سأنشرها كدعوة في سر وفي جهر دون خوف من اختلاف في الرؤى ودون تعديل للأسماء؛ فأنا لم أخطئ حين تأثرت بتنشئتي وتربيتي، حين قررت أن أبث بداخلك أخلاقًا حصلت عليها من فيض ما تعلمته في مجتمعي السوي، لم أخطئ حين أخذتك إلى زمني الجميل لأبحر بك وأوجهك نحو بر الأمان؛ فأنا لا أملك مقياسًا غيبيًا ينبئني بأن الوعي والهذيان على الطريق يتصارعان، يتناحران ويتقاتلان ليوجدا من بين صراعهما جدلًا عقيمًا يدعم فوضى المشهد الغريب الذي تراه.

اغفر لي إن كنت قد زرعت بداخلك قيم الصدق ومعاني المحبة والوفاء، أعلم أنك تشعر بالضيق حين تصطدم بالسيئين وحين تضطرك ظروف الحياة؛ لم أكن أعلم بأن سوء الخلق سينتشر كالنيران ويهب مندفعًا بين أكوام الرماد، أراك حائرًا وأنت تحمل معك كل قيمك ومبادئك، أشعر بثقلها فوق ظهرك وأنت تسير وسط كل تلك السوقية وكل هذا الضلال، أستمع إليك حين تمرر لي عتابك على استحياء من بين كلماتك وأدرك الحقيقة أكثر كلما أوجعتك التجارب السيئة في معاركك المتتالية مع هؤلاء الطغاة.

التمس لي يا بنى جميع الأعذار إن كنت ترى أنني قمت بتربيتك متبعة خارطة تربيتي في كنف عائلتي، لا تخجل حين تتعامل مع الآخرين بأخلاقك الحسنة وتفترض فيهم أنهم سوف يبادلونك بمثلها فتفاجأ بأنهم ليسوا أسوياء وبأنهم لايشبهونك على الإطلاق، عليك أن تتعود القتال دفاعًا عن الحق الذي اعتنقته؛ فيومًا ما سيثبت الحق وجوده ويقيم مملكته مهما طال الصراع.

لست وحدك من يتألم، لست وحدك من يدور باحثًا عن بر الأمان، لست وحدك من يوجه أصابع الاتهام لأسرة غرست بداخله كائنًا آخر لايستوعب الاندماج مع كل هذا السخف، تعود الدفاع عن إيمانك دون أن توجه اللوم لي فأنت من اخترت الرقي ودماثة الأخلاق.

من كان يدريني بأن العالم سيثور مجنونًا هكذا ملقيًا برشده في مجاهل الأعماق، من كان يدريني بأن القادم لن يتحرك نحو الأفضل! قدري أنني انتبهت مبكرًا لضرورة التمسك بالوعي والبعد عن نوبات الهذيان.

لايغرنك ازدحام الطريق بالسيئين لاتكترث حين تجد نفسك وحيدًا في طريق الصالحين، تأكد بأنه مهما علت أمواج الباطل سيعود الحق من بعدها ليبطل حركتها ويخمدها إلى الأبد؛ فالباطل هزيلًا وإن بدا عملاقًا؛ إنه كالظل الفارغ الملقى على الأرض دون حراك تتمكن من بعثرته الرياح حين تمر عليه فوق الرمال ويسلبه مغيب الشمس وجوده الواهي في ثوانٍ. ثق بأن شريعة الغاب لن تسود مهما اختلت الموازين وتأرجحت المعايير سيبقى الخير دومًا متداولًا بلا انتهاء.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة