يوافق يوم العشرين من نوفمبر من كل عام اليوم العالمي لحقوق الطفل، ففي عام ١٩٥٤م دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة جميع البلدان إلى إنشاء اليوم العالمي للطفل يحتفل به بوصفه يوما للتآخي والتفاهم بين الأطفال على النطاق العالمي وفى ٢٠ نوفمبر عام ١٩٨٩م، تم التوقيع من قبل ١٩١ دولة عليها الأمم المتحدة قد أصدرت قانون لحماية الطفل، وفى عام ١٩٨٤م أصدرت جامعة الدول العربية ميثاق حقوق الطفل العربي.
موضوعات مقترحة
كان الهدف من كل هذه القوانين والمواثيق تهدف لحماية الطفل وكفالته وتوفير المسكن الملائم وأن يكون له أسم حق تلقى التعليم وأن ينشأ في رعاية والديه وعدم استغلاله في العمل.
بدوره يقول الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار لـ"بوابة الأهرام"، إن الآثار المصرية القديمة تقدم رؤية واضحة تعكس إلى حد كبير المكانة التي كان يحتلها الطفل المصري في الحضارة المصرية القديمة، وأضفت طابعًا إنسانيًا عميقًا ومستمرًا من التفاؤل والثقة على جميع الممارسات التي كان محورها الطفل في المنزل والمدرسة والمجتمع على حد سواء.
الأطفال في مصر القديمة
كانت البيئة الطبيعية التي نشأ فيها الطفل المصري، تكفل له استقرار الحياة وموضوع المستقبل المعيشي فيها أكثر من الشعوب القديمة الأخرى؛ لذا كان للأطفال المصريين أكبر الحظ من الرعاية والعناية في ظل وجود أسرة متماسكة مما كان له أكبر الأثر في تكوين نفسي سليم للطفل، وكان يبذل الأبوين كل الجهد لتربية وتنشئة أبنائهم أفضل تربية وتنشئة، ويظهر ذلك من خلال النقوش والمناظر والتماثيل حيث نرى الأم ترضعه أو تقبله أو تمشط للبنت شعرها والأب يمسكه بيده برفق ويجلسه على ركبتيه أو واضعًا يده في يد أبنه الصغير أو هو واقفا بجوار والديه الجالسين، وكان الأبوان يصحبان أطفالهما في رحلات الصيد ولم يفرقا في المعاملة بين البنت أو الولد ولم نرى أي نص لذلك فهي نفس المعاملة في كل المناحي، بدليل أن البنت كانت تأخذ نفس الرعاية والاهتمام والتعليم حتى بلغت منهن الطبيبة والقاضية ورئيسة الخزانة (وزير مالية) وكبيرة كهنة وزوجة إلهية، بل تقلدن الملك كملكات وأشهرهن الملكة حتشبسوت.
وحرص الأب والحكماء على إعطاء الكثير من النصائح والحكم للأبناء، وتم تسجيل ذلك ووصل إلينا، فالحكيم بتاح حُتب يقول:"ما أجمل طاعة الابن الذي يأتي ويستمع لأمه، فالطاعة هي خير ما فى الوجود، وكم هو جميل أن يُطيع الولد أباه، فيصبح أباه من ذلك في فرح عظيم"، ويقول الحكيم آني:"ضاعف الخبز لأمك، وأحملها كما حملتك، ثم بعد ولادتك حول رقبتها، وقد أعطتك ثديها ثلاثة سنوات، ولم تكن متبرمة أو نافرة من فضلاتك، ثم ألحقتك بالمدرسة لتتعلم الكتابة".
الأطفال في مصر القديمة
ويضيف شاكر، بأن الأم كانت تختار اسم وليدها، وتقوم برعايته منذ الولادة حتى يدخل المدرسة، وكانت تعلمه مبادئ الكتابة والحساب قبل دخول المدرسة؛ مما يؤكد أن التربية قد نشأت في أول الأمر في محيط الأسرة، وكان الأب يعطى له مبادئ الأخلاق والسلوك حتى يُرسله للمدرسة، وحرص الوالدان على رعايته صحيًا وبدنيًا، حيث حرصت الأم على وقاية طفلها من المرض والحسد، واستخدمت التعاويذ والرقى الكثيرة، ووضعت التمائم حول رقبته للحماية، وكانت عندهم آلهة خاصة بالحمل مثل:"حقات، وتاورت، ومسخنت"، وكانوا يصنعون لأولادهم أنواعَا من الدُمى عبر الطين أو الفخار أو الخشب على هيئة حيوانات أو عرائس وعندما يكبرون كانوا يلعبون لعبة السيجة، وهى تشبه الشطرنج، ولعبه السلم والثعبان بجانب الألعاب البدنية والرقص الإيقاعي للبنات، وقذف الكرة.
كان الوالدان يشجعان أولادهما كي يكونوا كُتابًا؛ لأن الكاتب هو الذي يدبر أعمال جميع الناس وكان يقول له:"إن من يكره العلم فإن الحظ يتخلى عنه"، وكانت علاقة الطفل بالمعلم علاقة مُربي عطوف، وهو الراعي الصالح له، وكان المعلم يهتم بتربية العقول والأبدان، وكانت هناك مدارس مُلحقة بالمعابد بالمجان تُشبه الكُتاب، وكانوا يتعلمون بها القراءة والكتابة والآداب والسلوك.
وكان البنين والبنات من الطبقات الدنيا يتجه كل منهم اتجاه مختلف فالبنون يتعلمون مهنة الأب من تجارة أو حرفة والبنات يتعلمن الطهو وصناعة النسيج ويتدربن على الرقص، وكانت هناك جامعات تسمى "برعنخ" بيت الحياة تدرس بها كل أنواع العلوم من الحساب والهندسة والفلك والدين والكيمياء وأشهرها جامعة مدينة أون عين شمس، أما الطبقات العليا من المجتمع كان عندهم مُرضعات ومُربيات يخصص لكل طفل مولود في القصر، وكانت هذه المُربية تحظى بمكانة اجتماعية في القصر، حيث كان يُخصص لها جناحًا خاصًا في القصر، ويُسمى بـ"دار المراضع"، وأشهر مُرضعة هي ماشطة ومُربية ابنة فرعون.
الأطفال في مصر القديمة
ومربية الملك خوفو الذي أعطى لها مدنية بالمنيا، وسُميت "منعت خوفو" أي مُرضعة خوفو، وكان يأتي لهم بمعلمين لداخل القصر بالنسبة لاختيار الأسماء، وكان للأم حق اختيار الأسماء، وكان الآباء يحرصون على تسمية أطفالهم بأسماء يغلب عليها طابع ديني أو دنيوي أو صفة للشخص أو بإعاقته مثل (باك آمن) أي الأعمى، أو اسم يتمنى له الخير مثل "حسي" أي مُحب، أو اسم يُميزه بين أخوته مثل (بنسن) أي سيدهم، أو (باحرى) أي الرئيس.
كما شاع أسماء التدليل بأسماء حيوانات أليفة مثل (ميوشيرى) أي القطيطة الصغيرة، أما البنات فكانت أسماؤهم تتميز بالعذوبة والرقة والتدليل مثل (نفرت) أي الجميلة، و(حريرت) زهرة، (وحنوت نفرت) يعنى سيدة جميلة، و(سشن) أي زهرة اللوتس.
وكان الأطفال يصورون في أول الأمر عرايا، ويضعون أصابعهم على أفواههم، أما ملابس البنات فكانت رقيقة شفافة ونرى مناظر الملوك وهم يلعبون ويقبلون أولادهم وبناتهم، ونرى ذلك في نقوش وتماثيل آخناتون، وهو يقبل إحدى بناته وأخرى تداعب قرط أمها نفرتيتي، كذلك وهى واقفة تبكى ابنتها المتوفاة، وهناك رمسيس الثاني الذي كان يحرص على نقش صور أولاده في معابده، حيث كان يفتخر بهم وعددهم الذي فاق المائة من الأولاد والبنات، وليس أجمل من منظر الإلهة إيزيس رمز الوفاء، وهى تحمل برقة طفلها المعبود حورس فهي التي ربته وعلمته بعد قتل أبيه أوزوريس، بل وظلت ورائه حتى أخذ حق أبيه، وصُورت كثير من المعبودات والملوك في هيئة الأطفال، ويعرف بأن يكون عاري الجسم واضعًا أصبعه في فمه.
الأطفال في مصر القديمة
الأطفال في مصر القديمة
الأطفال في مصر القديمة