تواصل مصر دورها في محاولة تخفيف وطأة المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الأشقاء الفلسطينيون في قطاع غزة، حيث أطلق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم، أكبر قافلة مساعدات إغاثية وإنسانية شاملة لدعم الأشقاء الفلسطينيين بقطاع غزة، والتي تأتي تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالوقوف جنبا إلى جنب مع الشعب الفلسطيني الشقيق.
موضوعات مقترحة
أكبر قافلة إغاثية لدعم الأشقاء الفلسطينيين
وتتضمن القافلة، التي يديرها وينظمها صندوق تحيا مصر تحت شعار "نتشارك من أجل الإنسانية"، 190 شاحنة بها أكثر من 2510 أطنان تحتوي على كافة الاحتياجات الضرورية، وفي مقدمتها القافلة الطبية والتي تمثل أهمية قصوى للقطاع الطبي في غزة، لعلاج مئات الآلاف من الجرحى والمصابين، وتشمل الأجهزة الطبية، و وأَسِرَّة العناية المركزة والمراتب الطبية والخيوط الجراحية والمخدر، والمحاليل الوردية، ومستلزمات الطوارئ وغرف العمليات والكسور، وأدوية الأمراض المزمنة، وأدوية الأورام والكلى والمخ والأعصاب، والمسكنات والمضادات الحيوية والحقن، وأدوية لعلاج الحروق من الدرجة الأولى والثانية والثالثة، وبدل طبية متعددة وقفازات طبية وأكياس قطنية وكمامات، وزجاجات كحول.
كما شملت القافلة الإغاثية الشاملة 1613 طنا من المواد الغذائية الجافة والأطعمة صالحة للأكل بدون طهي، بالإضافة إلى المياه المعدنية والألبان والعصائر والملابس والمراتب والسجاد والأغطية والمنظفات والمطهرات، والمولدات الكهربائية وكشافات الإضاءة، فضلا عن سيارتي إسعاف مجهزتين بأحدث الأجهزة والمعدات لإتمام عمليات الإنقاذ للجرحى وتجنب وضع المرضى أو فقدانهم لحياتهم.
ثلثا المساعدات المقدمة لغزة من مصر
وأكد رئيس مجلس الوزراء، خلال إطلاق القافلة الإغاثية، أن أكثر من ثلثي المساعدات التي وصلت حتى الآن إلى قطاع غزة كان مصدرها مصر، والثلث الآخر جاء مساهمات من باقي شعوب العالم مجتمعة، وهذا ليس على سبيل المفاخرة، بل هو رد فعل تلقائي وطبيعي من الدولة المصرية بمختلف مؤسسات وأبناء شعبها، فالظرف الإنساني الذي يعاني منه أهالي غزة حاليا، كان محفزا لمختلف أبناء الشعب المصري، وكذلك المؤسسات المصرية، لتنطلق بأقصى قدراتها لتقديم المساعدات لأهالينا وأشقائنا في قطاع غزة.
وقال "مدبولي"، إن مصر دورها محوري في التعامل مع هذه الأزمة العالمية غير المسبوق، ويُقدر العالم كله الدور الكبير الذي تقوم به مصر في هذا الشأن، ومصر لن تتأخر أبدا، وسوف تستمر هذه المساعدات لأهالينا في غزة، بالإضافة إلى أننا نستقبل بصورة منتظمة وبقدر الإمكان، الجرحى الذين يحتاجون لتدخلات طبية، ونحاول أيضا بقدر المستطاع إيصال كل المستلزمات الطبية التي يحتاجونها.
وتعد مصر المساند الأكبر لقضية العرب الأولى، بصفتها أكبر دولة عربية لم ولن تتخلى عن دورها كقوة إقليمية تقود وتتفاعل وتناصر قضية فلسطين، حيث اتخذت تدابير وقرارات ذات طبيعية سياسية لمساندة القضية الفلسطينية منذ نشأتها وتمثل ذلك في مواقفها الدائمة في المحافل والمؤتمرات الإقليمية والدولية وكذلك في مواجهة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني خلال العقود الماضية.
مصر شريك للشعب الفلسطيني وليست وسيطا
وتعتبر مصر لاعبا أساسيا في منطقة الشرق الأوسط، حيث يؤكد الدكتور جهاد حرازين أستاذ العلوم السياسية، أن مصر رمانة ميزان الشرق الأوسط، لما تتمتع به من ثقل سياسي وحضور في قضايا المنطقة، بجانب امتلاكها علاقات مع كل الأطراف، ولها دور بارز وقوي على مدار تاريخ القضية الفلسطينية، وتعد شريكا للشعب الفلسطيني في قضيته لا مجرد وسيط، كما أنها تحرص على تأكيده دوما.
وينبع دور مصر البارز في القضية الفلسطينية من ثقة الشعب الفلسطيني بالدولة المصرية، حيث تستطيع مصر أن تتحدث وتنقل الرسالة وتضع الأمور في نصابها الحقيقي، وتعرضه بشكل واضح على طاولة المفاوضات، ويوضح "حرازين"، أنه منذ بداية الحرب ونرى التحرك المصري لوقف العدوان على غزة أو الضفة أو الأقصى، والتنديد بالقصف والهجمات، في إطار محاولات عديدة من مصر لإنقاذ الشعب الفلسطيني، والوساطات المصرية هل التي تنجح كل مرة في إنقاذ الشعب الفلسطيني.
ويؤكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن دور مصر لإحلال السلام في المنطقة وحصول الشعب الفلسطيني على حقه في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو 1967، يعد من الثوابت لدى القيادة السياسية على مدار عقود، وهناك أساسيات يتم التحرك من خلالها عند الحديث عن فلسطين، وتسعى دائما مصر إلى تفعيل قرار حل الدولتين والانتقال من حالة الحرب إلى التهدئة، ومن ثم تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية.
ومن يحب استرجاع التاريخ سيجد الوثائق المصرية من صحف ورسائل علمية بدار الكتب والوثائق القومية، شاهدة على أن فلسطين عربية عاصمتها القدس، وأن مصر الداعم الأول للقضية الفلسطينية على مر العصور، ودعا إلى ضرورة استجابة المجتمع الدولي، بوقف إطلاق النار على المدنيين العزل والمنشآت الفلسطينية، لأن ما يحدث من أعمال تخريبية، يخالف المواثيق الدولية وقانون حقوق الإنسان، مع التأكيد على ضرورة حل الدولتين في أقرب وقت، وإقرار أن فلسطين دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، فضلاً عن استمرار دخول المساعدات الطبية والإنسانية إلى قطاع غزة.
قافلة تحيا مصر تؤكد أن القضية الفلسطينية في القلب
ويقول النائب حسن عمار، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن تنفيذ قافلة صندوق تحيا مصر للمساعدات الإنسانية لأهل غزة تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحت شعار "نشارك من أجل الإنسانية"، يعد تأكيدًا لدور الدولة المصرية قيادة وحكومة وشعبًا التي تقف مع أهالي قطاع غزة، والتي تعكس أن القضية الفلسطينية في قلب مصر ووجدانها.
وعن حديث رئيس مجلس الوزراء بأن أكثر من ثلثي المساعدات التي وصلت إلى غزة حتى الآن من مصر، يؤكد عضو مجلس النواب، أنها تعكس ما تعنيه تلك القضية لمصر وكيف تحرص على التعاطي معها على المستوى الدبلوماسي والإنساني لحين تجاوزها، وهو ما يعكس حرص مصر على الوقوف بجوار الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته.
وتضمُّ القافلة 199 شاحنة مساعدات والتي حملت أكثر من 2500 طن لأهل غزة، مما يؤكد أن جسر المساعدات وقوافل الإغاثة الذي انطلقت فيه يمر ولم ينقطع لدعم الأشقاء الفلسطينيين، وهو ما يكشف عن موقف الشعب المصري بأكمله لدعم القضية ومناصرتها، لاسيما أن الظرف الإنساني الرهيب الذي يمر به أهل غزة كان محفزًا للشعب المصري وكل المؤسسات المصرية من أجل انطلاق المساعدات الإنسانية لمساعدة الأشقاء في قطاع غزة، خاصة أن القوافل جاءت محملة بكل الأجهزة والمستلزمات الطبية والأدوية وسيارة إسعاف وكميات ضخمة من المواد الغذائية الجافة والأطعمة صالحة للأكل دون طهي "المعلبات" والمياه المعدنية وغيرها.
ولم تتوقف الدبلوماسية المصرية عن استخدام تأثيرها الدولي العميق لتعزيز الجانب الإنساني على مجرد دخول المساعدات إلى القطاع، بل يؤكد عضو مجلس النواب، أنها امتدت لتشمل زيادة القوافل المتوجهة للقطاع وحشد المجتمع الدولي نحو ذلك، علاوة على الجهود السياسية لوقف إطلاق النار بشكل فوري ومستدام وإحياء مسار السلام، وذلك في إطار دورها الإقليمي والدولي، وترجيحها الدائم للغة التضامن في علاقاتها مع المنطقة وبالأخص فلسطين.
القضية الفلسطينية بؤرة اهتمام الرئيس السيسي
ويشدد أن دور مصر الكبير والمحوري يحظى بإشادات دولية، إذ لن تتخلى أو تتأخر أبدًا في تقديم المساعدات لأهالي قطاع غزة.
وأكد عمار أن القضية الفلسطينية بؤرة اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه الحكم، لكونها من ثوابت السياسة المصرية، والذي يحرص على حشد المجتمع الدولي والعربي منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة الراهنة نحو تغليب صوت العقل ووقف التصعيد لحماية المدنيين، كما أن مصر تحرص على مواصلة بذل الجهود لاستعادة الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وفق مرجعيات الشرعية الدولية، وتقديم الدعم اللازم لهم، وسط التحذير الدائم من تهديدات الأوضاع الحالية لمستقبل عملية السلام.