Close ad

قمة استعادة الثقة بين شي وبايدن

16-11-2023 | 14:35

 "عندما تتصارع الفيلة يموت العشب" مثل هندي قديم والبعض يرى أنه مثل إفريقي وبغض النظر عن أصله إلا أنه يحمل الكثير من المعاني والدلالات المهمة التي تنطبق – دون شك – على اللقاء المهم الذي جمع بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والأمريكي جو بايدن أمس في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية على هامش اجتماعات قمة التعاون الاقتصادي بين آسيا والمحيط الهادي؛ حيث الصراع الأمريكي – الصيني المستمر منذ سنوات بعيدة، الذي اشتعلت حدته خلال فترة الرئيس الأمريكي السابق ترامب واستمرت مع قدوم بايدن للسلطة حتى الآن  وأثرت بشكل كبير على الاستقرار الاقتصادي في الكثير من مناطق العالم لدرجة أن عشرات بل مئات الشركات الصغيرة – وهي تمثل العشب -  التي كانت تعتمد على علاقات التعاون الاقتصادي بين واشنطن وبكين أغلقت أبوابها نتيجة هذا الصراع على الرغم من أن حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي بلغ حوالي  690  مليار دولار منها 536 مليار دولار صادرات صينية مقابل 153 مليارا صادرات أمريكية، وحققت الصين فائضا تجاريا (عجزًا على الجانب الأمريكي) بلغ 283 مليارا.

والمؤكد أن زيارة الرئيس الصيني للولايات المتحدة – وهي الأولى له منذ ست سنوات – ومحادثاته مع نظيره الأمريكي وهي الجولة السابعة من المشاورات منذ يناير 2021، منذ تولى الأخير منصبه، والاجتماع الثاني شخصيا بين الرئيسين، حيث كان الأول في نوفمبر من العام الماضي في جزيرة بالي الإندونيسية، ستكون لها آثار إيجابية على علاقات البلدين في مجالات متعددة في مقدمتها الاتفاق على استئناف خطوط التواصل العسكري بين جيشي البلدين، والتي قطعتها بكين قبل عام، بالإضافة إلى مناقشة عدد من الملفات الشائكة بين بكين وواشنطن، التي كانت السبب الرئيسي في إشعال فتيل التوتر بينهما.

وعلى الرغم من أن الرئيس الصيني شي قال إن بلاده لن تسعى ابدا للهيمنة ولن تدخل في حرب باردة أو ساخنة مع أي طرف وأنها مستعدة لأن تكون "شريكا وصديقا" للولايات المتحدة وأنه من الخطأ النظر إلى الصين على أنها "تهديد"، إلا أنه قال إن واشنطن يجب ألا تقف ضد الصين أو تتدخل في شئونها الداخلية، وهي إشارة واضحة لعدد من الملفات الساخنة بين البلدين والتي يأتي في مقدمتها ملف تايوان والدعم الأمريكي المستمر لها؛ سواء على المستوى السياسي من خلال زيارات مسئولين أمريكيين رفيعي المستوى لتايوان مثلما حدث خلال زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي وأعقبها عدة زيارات لوفود أخرى، بالإضافة إلى الدعم العسكري القوي من قبل واشنطن للجزيرة التي ترى الصين أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها في إطار مبدأ "الصين الواحدة" وأن ما يتردد عن الدعم الأمريكي لانفصال تايوان هو "خط أحمر" لن تقبل الصين تجاوره.

وبالطبع لم يكن ملف تايوان – رغم أنه الأكثر سخونة – الملف الوحيد الذي يعكر صفو العلاقات الامريكية – الصينية وإنما هناك أيضا الملف الاقتصادي والقيود الكبيرة التي تفرضها واشنطن على عدد من الشركات الصينية خاصة شركات الاتصالات ودخول بعض المنتجات الصينية إلى أمريكا وكذلك ملف "مسلمي الإيجور" في مقاطعة شينجيانج غربي الصين؛ حيث تتحدث واشنطن من حين لآخر عن الانتهاكات التي يتعرض لها مسلمو الإيجور من قبل الحكومة الصينية وهو ما تنفيه الصين تماما، ولكن واشنطن دائمًا ما تسعى لاستخدام ملف حقوق الإنسان كذريعة للتدخل في الشئون الداخلية؛ سواء للصين أو غيرها وورقة ضغط على بعض الدول لتغيير سياستها وتتبع سياسة واشنطن في مواقف كثيرة تختلف مع السياسة الخارجية الأمريكية.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل سوف تنجح قمة شي – بايدن في استعادة الثقة المفقودة بين البلدين؟ وهل ستكون هناك اجتماعات بين عدد من المسئولين رفيعي المستوي من الجانبين لمتابعة نتائج الاجتماع الذي استمر أربع ساعات؟ وهل ستتوقف واشنطن عن استخدام ملفات تايوان ومسلمي الإيجور وهونج كونج في ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية بل والعسكرية على بكين أم أنها سوف تستمر في اتباع نفس النهج في التعامل مع التنين الصيني وأن يكون هذا اللقاء هو إشارة من الرئيس الأمريكي بايدن للناخب الأمريكي بقدرته على التعامل مع التهديد الصيني بل وردعه سياسيًا إذا تتطلب الأمر ذلك؟ 

..يقيني أن واشنطن سوف تستمر في ممارسة الضغوط على بكين وسوف تستمر الحرب الاقتصادية بين الجانبين لسنوات في ظل سعي كل طرف للسيطرة على مقدرات العالم الاقتصادية وخلق المزيد من مناطق النفوذ في العالم.. وليموت العشب نتيجة صراع الفيلة!! 

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: