ليس غريبًا أن يحتل ملف وقضية التعليم في مصر درجة قصوى من الاهتمام من قبل القيادة السياسية والحكومة وجميع المؤسسات الرسمية المعنية، ذلك أن تلك القضية إنما هي المحك الرئيسي للنفاذ إلى مجالات متشابكة من شأنها أن تكتمل بها الصورة المأمولة للتنمية والتقدم، في ظل عالم يمور بالمنافسات والسباق إلى الريادة، وتحقيق أكبر المكاسب الممكنة، في تلبية مطالب المجتمعات المتطلعة إلى المستقبل بخطى واثقة.
ونظرًا لما يمثله التعليم من قيمة كبرى في دعم جوانب التنمية الشاملة صحيًا واقتصاديًا وتجاريًا وزراعيًا وعلى جميع المستويات، وتهيئة أجيال تعي حجم المسئولية الملقاة عليهم، كما لا يتوقف تطلعها عند حدود في الدفع بالوطن إلى آفاق التنمية والمنافسة العالمية، لذلك فجدير بنا أن نتوقف وملؤنا الفخر، ممتنين ومؤازرين لكل مجهود ومبادرة ومشروع وتجربة خلاقة في اتجاه دعم العملية التعليمية وجعلها في مقدمة الأولويات الضرورية، كعمل وطني راسخ ومشرف لكل جيل، ومن ذلك تلك التجربة الفريدة المتمثلة في الجامعة الألمانية ورائدها الدكتور أشرف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية، هذا المصري الوطني، الذي ترجم إحساسه بالوطنية في صورة مفردات واضحة وعلامات بارزة من خلال الجامعة التي يمر على إنشائها بالقاهرة أكثر من عشرين عامًا، وتعد أكبر جامعة عابرة للحدود خارج حدود ألمانيا؛ لتشق طريقها التعليمي وفق مبادئ راسخة آمن بها أشرف منصور، حتى حققت الجامعة كل هذا الازدهار، وحتى صار طلابها وخريجوها سفراء علميين في العالم كله، وقد تجسدت هذه المبادئ في الشفافية والحياد، والاستقلالية وعدم التمييز، والإتاحة، والتعددية والتسامح والقبول، ووجود مناهج ألمانية بمعايير أوروبية، والجمع بين النظرية والتطبيق العملى، والتأثير العالمى فى مجال البحث العلمى، ليتحدث منصور بفخر عن هذا الإنجاز وقد كان في بداية مسيرته عمل ضمن فريق بحثى صغير بجامعة أولم على مشروع لتطوير إطارات السيارات، لكنه الآن يعمل مع عشرين ألف طالب فى الجامعة الألمانية، وكان منطقيًا وطبيعًا أن يأتي حصاد تلك السنوات من خلال هذه الجامعة البارزة التي تعرف بدقة احتياجات سوق العمل في مصر وألمانيا والعالم أن الجامعة أن تفرز وتقدم طلابًا خريجين لهم شخصيتهم عبر الحرية الأكاديمية، وعلى أعلى مستوى عالمي من المعرفة والتميز في البحث العلمي، ولديهم القدرة على منافسة نظرائهم في دول العالم المختلفة، بل إن السنوات الأخيرة شهدت تبادلا في مجال البحث العلمي، من واقع الاعتداد به كمجال حيوي وفاعل وضروري لا للجامعات فحسب، ولكن لكل دولة قوية ومؤثرة، بل إن طلاب الجامعة يقدمون أبحاثًا علمية تنشر في مجلات علمية محكمة تبدأ منذ التحاقهم بالفصل الدراسي الثالث والرابع، حتى صار هؤلاء الطلاب والخريجون سفراء لمصر وعنوانًا دالًا على تميز الجامعة الألمانية في العالم، التي مر على إنشائها بمصر عشرون عامًا من النجاح والتألق، ليحفز الحماس رائدها بافتتاح فرع لها فى برلين يمر عليه الآن عشر سنوات.
إذ نحن أمام تجربة كبرى ومهمة وذات خصوصية في مجال التعليم، استطاع من خلالها الدكتور أشرف منصور ومن معه في هذه الرسالة الوطنية أن يطبقوا نظام التعليم الألماني الذي يجمع بين التعليم والبحث العلمي والقدرة على التعلم الذاتي إلى ما بعد التخرج، حتى سُمي كل خريج من خريجيها بـ"صاحب المهمات الصعبة"، فخريج الجامعة الألمانية لديه روح العمل في فريق، ويحترم مواعيده، ويضع الهدف نصب عينيه، وإذا تصدى لأي مهمة يعمل على حلها من جميع النواحي بمناهج البحث العلمي، لتكون هذه الجامعة جامعة تكنولوجية متقدمة، تلبي احتياجات مصر في هذا المجال الحيوي وكل ذلك يرجع بالدرجة الأولى، كما قال السفير الألمانى بالقاهرة فرانك هارتمان لأشرف منصور، ومن المعروف أن الدكتور منصور الذي حصل على البكالوريوس والماجستير من كلية الهندسة في جامعة القاهرة، وعلى درجة الدكتوراه والأستاذية من جامعة أولم الألمانية في مجال الفيزياء الكيميائية، والذى يُعد عقل الجامعة الألمانية وملهمها الأول وجعلها أنجح جامعة ألمانية عابرة للحدود خارج ألمانيا، وكم نحتاج إلى نماذج كثيرة مثل الدكتور منصور، تقدر قيمة وأهمية التعليم المتطور، وتغرس أشجارًا مثمرة في ربوع مصر كالجامعة الألمانية.