لا يتحقق النصر في الحرب بقوة الجيوش وحدها بل بقوة الشعوب أيضا "واختيارها" للصمود ورفض "التفكير" في الاستسلام للعدو أو الركوع لغير الخالق عز وجل "مهما" اشتدت وطأة الحروب وزادت "الكلفة" البشرية المؤلمة من الشهداء والمصابين والجرحى والمادية من "انهيار" البنية التحتية وكافة "أنواع" الخسائر المادية..
تحزن غزة وتودع شهداءها وتلملم جراحها وتبني أسطورة في الصمود وتتصدى لعدوان متوحش يتعطش للانتقام من "الصفعة" التي نالها في السابع من أكتوبر.
وتنضم إليها الضفة الغربية رغم ملاحقات الاحتلال والتضييق الأمني الشديد وتنبض كل فلسطين "بامتياز" وتشكل ملحمة تحدي "غير" مسبوقة في التاريخ؛ فتتحدى جيشا من أقوى جيوش العالم ومجهز بأقوى وأحدث الأسلحة والمعدات التكنولوجية وتقف خلفه وتدعمه بالأساطيل وبالإعلام الكاذب والمخادع وبضغط وسائل التواصل الاجتماعي الذي يحاصر كل ما يساند فلسطين في حربها العادلة ضد الصهاينة.
يمد صمود غزة المقاتلين بالمزيد من القوة ويضاعف عزيمتهم على القتال حتى النصر "ليسعدوا" أهلهم الصابرين المحتسبين بشموخ وعزة "تليق" بهم، وبلا أي انتقادات للمقاومة أو للحكومة بعكس ما فعله ويفعله الصهاينة بالتظاهر مطالبين بسرعة استرداد الأسرى وما يكتبونه على صفحات المسئولين الصهاينة وعلى رأسهم رئيس الوزراء نتنياهو من انتقادات قاسية "وشتائم" بشعة وسخرية من الأداء السياسي والعسكري في الحرب.
صمد الفلسطينيون أمام استخدام الصهاينة لأسلحة محرمة دوليا، وقيامهم بهدم البيوت على رؤوس الساكنين بلا إنذار أو إعطاء مهلة للإخلاء وكأن الهدم مباح بعد الإنذار وكأنه يحق لهم هدم بيوت المدنيين.
"من لا تنهزم روحه لا ينهزم"؛ حكمة أكدها شعب فلسطين الذي يقاوم ببسالة كل الظروف القاسية من حرب وانقطاع للمياه وللكهرباء وضعف شديد بالإنترنت وتناقص في المواد الغذائية وألبان الأطفال وتناقص مخيف في قدرة المستشفيات على الاستمرار بعملها وو...
ابتسم في وسط المحنة حتى ترفع معنوياتك وتقهر العدور؛ هذا ما يفعله أبطال فلسطين صغارًا وكبارًا رجالًا ونساءً على مرور الأعوام وليس بهذه الحرب فقط..
تساعدنا ابتسامتهم وصمودهم وسط أنقاض بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم ومساجدهم على مضاعفة اليقين "بقرب" الننصر وعلى دعمهم بالدعاء وبالمقاطعة وبكل ما استطعنا.
نرى مشاهد كثيرة للصمود الشعبي منها مؤذن يؤذن للصلاة على أنقاض المسجد حتى لا ينقطع الأذان أبدا، وقيام النساء بغسل الملابس وأواني الطهي في البحر للتغلب على نقص المياه وتهديد الأطفال للصهاينة بأنهم لن ينسوا ما يحدث لهم وسيقاومونهم مع الكبار، والسيدة المسنة التي ظلت وحدها في بيتها وعندما تهدم طلب منها المسعف المغادرة رفضت وعاد ليطمئن عليها وشرحت كيف خرجت من بين الأنقاض مستخدمة يديها في رفع الأحجار.
أما الشاب الذي تعرض لبتر قدميه بعد قصف صهيوني فقال بابتسامة رضا: "سبقتني إلى الجنة".
ونرى طفلًا يلقن أخيه الأصغر الشهادتين عند استشهاده.
يتفق الشعب الفلسطيني مع المقاتلين في اليقين بوعد الله النصر أو الشهادة وأنهم على حق والله يحب الصابرين؛ ولذا نرى في فيديوهات للمقاتلين الدعاء والاستعانة بالله قبل الهجوم وأدعية مثل: "يارب باسمك الأعظم سدد رمي مجاهدينا، ويقولون الله أكبر يارب ثبتنا بعد نجاح التصويب الله أكبر".
من الصمود "تعمد" التخفيف عن الأطفال ومشاركتهم بعض الألعاب "وغناء" الأطباء لأناشيد الصمود والتحدي بعد هدم مستشفى وكانوا به وقت القصف، واستخدام سلاح "النكتة" التي تسخر من العدو ومن كثرة الأسرى.
"افتخر أني من غزة التي تآمرت عليها دول العالم" قالها فلسطيني على أنقاض بيته وبعد استشهاد أفراد من أسرته وجيرانه.
لقد هدم الصهاينة مئات البيوت والأبراج فوق رؤوس الناس من الأطفال والشيوخ والنساء والرجال وبقوا مرفوعي الرأس بعزة ورفضوا تحميل المقاومة المسئولية كما "يحلم" الصهاينة واعتقلوا الآلاف من الضفة الغربية وثلثي الشهداء من النساء والأطفال، وعائلات بأكملها شُطبت من السجل المدني، وأحياء بأكملها أزالها الصهاينة..
وبالرغم من ذلك نشاهد شابة ومعها طفلها ذو العامين تقول: "نرتدي ملابس الصلاة وجاهزين ومستعدين للموت ونتجمع في حجرة واحدة؛ حتى إذا تعرضنا للقصف نموت معا ونقضي أوقاتنا نقرأ القرآن الكريم وندعو رب العالمين بالفرج، والنصر عندنا لا يروادنا به أي شك؛ لأن ربنا وعدنا به وهذا الذي يجعلنا أقوياء لا نخاف الموت لأنه عندنا استشهاد والشهيد بالجنة بإذن الله عكس الصهاينة الذين "يركضون" وراء الدنيا ومتاعها ويخافون الموت.
كتبت صحيفة "يديعوت أحرنوت": " من المشكوك فيه ما إذا كان المستوطنون في غلاف غزة سيعودون إلى حياتهم الروتينية بعد انتهاء الحرب؛ ولماذا سيعودون؟ إذا كانت إسرائيل بعد مقتل 1400 شخص غير قادرة على إزالة التهديد.. فلتأتي عائلات الوزراء وتسكن في الغلاف".
وكتبت نفس الصحيفة العبرية أيضا: "يجب أن نعرف أن الشعور الذي أصابنا جميعا يوم 7 أكتوبر سيعود مرة أخرى في الأيام والأسابيع المقبلة بسبب القتال في غزة".
وقال وزير الصحة الصهيوني إن إسرائيل تعيش أسوأ أزمة في الصحة النفسية منذ تاريخها..
بينما نرى سيدة "ناجية" من مذبحة جباليا تؤكد أنها لن تغادر أبدا بيتها وستظل فيه.
يقول رب العالمين: "وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا".
قال الوزير الصهيوني في حكومة الطوارئ غانتس: "الصور القادمة من المعركة مؤلمة ودموعنا تتساقط عند رؤية الجنود يسقطون".
وقال أب يحمل ابنه الشهيد: "طول ما المقاومة بخير إحنا بخير".
عندما يتشارك الشعب مع الجنود في البطولة سيقترب النصر بمشيئة الرحمن، وكما قال الشاعر النبيل أبوالقاسم الشابي:
إذا الشعب يومًا أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر.