عندما يكون ضحايا الحروب هم الأبرياء، من ليس لهم ذنب، كالأطفال والمسعفين والنساء وأصحاب القضية والمدافعين عن الأرض التي تربوا فيها وكتبت شهادات ميلادهم، وميلاد آبائهم وأجدادهم منها، ومحفور على مفاتيح بوابات بيوتهم القديمة أنها صنعت في فلسطين بتواريخ من 1936، وما قبل ذلك بمآت السنين، تقف هنا كل الحكايات، تؤجل النقاشات والجدل حول الانتماءات، وأفكار التخوين، والتهم الجزافية التي يطلقها بعض من لا يدركون معنى أننا شعوب تجمعنا روابط واحدة، وهنا أوضح شيئين وهما: اختياري لعام 1936؛ لأن بعض المفاتيح المصنوعة من الحديد لبوابات فلسطينية وحتى أغطية آبار مجاري شوارع فلسطين تحمل أيضًا نفس العام..
أما الشيء الثاني الذي أريد أن أوضحه فهو: أن بعض الناس تختلط لديهم الأمور، فالدولة قالت ولا زالت تقول إنها مع القضية تدافع عنها، وستظل، والمزايدات ليس وقتها، الوضع أكبر بكثير من "بوست" على مواقع التواصل الاجتماعي، أو كلام غير مدروس على مقهى فى الشارع، قوتنا فى قيادتنا، فى جيشنا، فى شعبنا، فى إعلامنا، فى إيماننا الشديد بأننا نمتلك الإرادة وسابقتنا بانتصار فى ست ساعات، كما كان يردد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وقد كشفت الحرب الدائرة رحاها على أرض غزة ويحاول فيها الاحتلال البحث عن انتصار يبرر به هزيمته ونكسته أمام العالم فيستهدف كل شيء يضرب بيوتا يحطمها على ساكنيها، يفتك حتى باليابس والأخضر، فقد أصبح مثل الثور الهائج لا يجد لنفسه مخرجا من تلك الهزيمة غير تدمير كل ما يقف فى طريقه، لأنه لا يملك قوة غير ما يستعين بها من الدعم الخارجى.
الحكاية ليست كلمات جوفاء على السوشيال ميديا، أو محاولات استفزازية لنا، العالم كله يدرك أهمية وقيمة مصر، فلا داعي للبوستات التي يتباهى بها البعض على السوشيال ميديا، وهي غير مدروسة؛ لأن مصر أكبر بكثير وجيشها أقوى بكثير من أن يستفز من أي أحد.
ما يكتب على السوشيال ميديا أقل بكثير من جرائم ترتكب كل ساعة، تستهدف المارة فى الطرق، جرائم يبررها الاحتلال بأكاذيب وزيف، كيف تجرؤ قوة فى العالم حتى وإن كانت فى حرب عالمية أن تفتك بعزل يمرون فى شارع دون أن يصدروا صوتا، تتبعثر جثثهم فى الطريق، كيف تجرؤ قوة فى العالم أن توجه أسلحتها وقنابلها عربات إسعاف، أن تفتك بقلب طفل، بقلب امرأة، بطبيب سلاحه سماعة على صدره، الحكاية إذن أكبر بكثير من كلمات تكتب على وسائل التواصل الاجتماعي، هناك جرائم ترتكب فى حق الإنسانية، أو نكتب بالعقل، دون أن تقودنا مصالحنا الخاصة، وأحلامنا الخاصة، الجرائم أكبر من أن يفكر أحد فى نفسه، بل فى وطنه، فى قضية شعب نتمنى أن يحقق الانتصار بعد أن دفع من دماء أبنائه الكثير.