تخوض منطقة الشرق الأوسط الآن ، غمار عدوان عسكري غاشم، قامت به عصابة الكيان الصهيوني على أهالي قطاع غزة العزل، وهذه هي حماقة الاحتلال الإسرائيلي السافر، و خطيئته الجسيمة الكبرى ، بقتله الأطفال والنساء والشيوخ، نتيجة لقذفه بالقنابل والصواريخ على المناطق السكنية، وتدميره للبنية التحتية، حتى بات الوضع فى ظل هذه المجازر ينذر بأخطر كارثة إنسانية تهدد بإبادة جماعية للسكان، وأصبح المجتمع الدولي ومنظماته يترقبون هذا الوضع غير الإنساني من قبل وحشية وبربرية قوات الاحتلال، حتى حذرت منظمة الصحة العالمية من وقوع كارثة إنسانية وشيكة فى غزة، إلى جانب إعلان منظمة "يونيسف" على أنها تتلقى بلاغات بفقدان 940 طفلا، وقد صرح مندوب دولة فلسطين بالأمم المتحدة، خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، بأن جيش الاحتلال يقتل طفلا وحدا كل خمس دقائق.
ومن خلال إطلاق المرحلة الثانية من الإستراتيجية الوطنية لتنمية سيناء، تحدث الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء من مقر قيادة الكتيبة 101 بالعريش يوم الثلاثاء الماضي، أمام القيادات العسكرية ومشايخ وعواقل سيناء، بقوله المتعلق بالدفاع عن أرض سيناء ضد خطر أي تهديدات، بأن حياة المصريين فداء من أجل كل ذرة رمل من رمالها الطاهرة، لأن الدفاع عن الأرض والعرض هو الحياة أو الموت بالنسبة لهم، وقال سيادته بأن مصر تحت قيادة سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أجهضت حلم تحقيق الشرق الأوسط الكبير، بعد أن ازدات الأقاويل هوسا وتبجحا وتوقحا، من حكومة أمريكا وإسرائيل، وأوهامهم الشيطانية بأن يتم تهجير أكثر من مليون فلسطيني من سكان غزة، على جزء مقتطع من أرض سيناء، وأن يتم تعويض مصر على ما تم فقده منها، بجزء مثله فى صحراء النقب، والأخيرة هى جزء من أرض فلسطين العربية، وهذه الآراء والأفكار الخبيثة، ما هى إلا مصيبة ونكبة مثل نكبة فلسطين عام 1948، لأن من يريد ذلك يقف في طريق السلام، ويريد إشعال نيران الحروب والإرهاب وشطب فلسطين ومقدساتها من على الخريطة السياسية الدولية، وجر المنطقة إلى هُوِّةٍ سحيقة لا يعلم مداها إلا الله، من أجل تحقيق مآربهم وأطماعهم فى التوسع وامتلاك الكثير من الأراضي العربية، إلا أن تماسك الشعب المصري ووحدته وقوة جيشه، أصبحت عقبة فى وجوههم وبات مستعصيا عليهم تحقيق أهدافهم الشيطانية.
وتحدث سيادته عن رؤية سيادة الرئيس السيسي فى عبقرية قراره، الذى اتخذه فى تنمية سيناء لأهميتها الإستراتيجية وحدودنا السياسية من ناحية الشرق، والتي تمارس فيها الدولة سيادتها عليها، ولما لها من قيم روحية وتاريخية ودينية فى نفوس الشعوب العربية والإسلامية، وتمتاز بتركيبة جغرافية وتكوين سياسي عظيم، فإن تنميتها وإنهاء عزلتها هدف كل تخطيط سليم لا يمكن إغفاله، خصوصا والدولة فى طور جديد تشهده من مراحل البناء والتنمية، فإن نظرة الرئيس السيسي الفاحصة، ورؤيته السياسية والاقتصادية الثاقبة، وجد أنه لابد من حتمية الانتقال إلى تعمير سيناء، وزيادة التوسع فى حجم المشروعات التنموية فيها، لأنها مطمع لكل تسلط احتلال أجنبي بغيض، بعد أن أعطيت دول الشر تعبيرات جديدة تتخذ ذريعة فى شكل استعمار جديد، وهو التهجير القسري لأهالي قطاع غزة، على شريط مجاور لها من أرض سيناء المباركة، من أجل خلق أمور متشابكة ومعقدة ومصير مجهول ينذر بحروب وكوارث وإرهاب وفوضى، بعد هذا التغيير فى الحدود، بسبب هؤلاء السكان المطرودين بقوة السلاح بعد أن ضاع وطنهم المتعلقين به.
إن طريق التنمية والإعمار لأرض الفيروز ، يرجع إلى جهود الدولة فى تطبيق نهج اقتصادي واجتماعي عظيم، تنفتح فيه شتىء المجالات فى الزراعة والصناعة واستصلاح الكثير من الأراضي وزيادة النشاط الاقتصادي والتجاري، مما يؤدي إلى زيادة حجم الإنتاج ليكفي عدد سكان مصر المتزايد بصفة دائمة، وخروج سيناء من عزلتها بسبب رغبة الدولة فى تنميتها وجعلها قوة ردع وخط دفاع أول عنها، ضد كل من تسول له نفسه المساس بها وبأمن مصر القومي، إن مصر دولة ذات سيادة وقوة، وتبسط نفوذها على كل شبر من أراضيها ولها حدود ثابتة، تتمتع بعلاقات طيبة مع كل دول العالم بدعمها للتعاون الوثيق بين الشعوب وحسن الجوار، ويعتبر هذا هو الأساس الجوهري فى أسس العلاقات الدولية، وليس بينها وبين أي دولة أخرى عدواة، وترحب بالسلام وتأمل أن يسود العالم كله، وتأبى بأن تخلو غزة من سكانها أو أى تقويض للقضية الفلسطينية، أو أى هجمات عدوانية بربرية تستهدف الأبرياء من المدنيين العزل.
مصر هي السند لكل الأشقاء العرب وضماد جراح شعوبها، فهي من تحملت أعباء القضية الفلسطينية منذ نكبتها المذكورة وإلى الآن، وإن من يحمل فكرة إعطاء رقعة صغيرة أو مساحة معينة من أرض سيناء إلى أهالي غزة، فإن فكرته تتلخص في الآتي وهى، أطماع إسرائيلية توسعية إقليمية، بنزع سيادة مصر من على سيناء، وتهديد أمن وسلامة الدولة، وإعاقة تقدمها وتقويض وحدتها، وشن هجمات عدوانية على أراضيها، بحجة مقاومة الجماعات الفلسطينية المسلحة وأشهرها حركة حماس وكتائب عز الدين القسام وغيرها، وزرع القلاقل والفتن والمؤامرات، وإضرام النيران بين الفلسطينيين وإخوانهم من أهل سيناء، مما يؤدى للالتجاء إلى وسائل العنف والقوة، والعمل على تكديس السلاح لشروع استخدامه فى تنفيذ مخططات تهدد السلام والأمن الاجتماعي.
والأخطر من ذلك هو فصل سيناء عن مصر بتشجيع من دول الشيطان الكبرى، أو حتى وضعها تحت إشراف المنظمات الدولية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن كل هذه الأوهام قد ذهبت سدى بعد دعوة الرئيس السيسي للشعب المصري بالخروج تنادي بأن سيناء جزءٌ لا يتجزأ من السيادة المصرية، ولا للتهجير القسري لأهالي قطاع غزة إلى سيناء، فتحمست الجماهير لنداء الحق، وتنادى بوقف إطلاق النار فى غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى أهالي القطاع، ولكن الأوضاع أخذت شكلا جديدا بعد تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، أثناء زيارته المذكورة إلى شمال سيناء والتي سلطت الضوء عليها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، والتي تعهد خلالها بعدم نقل أهالى قطاع غزة إلى سيناء، لأن حل القضية الفلسطينية لا يكون على حساب السيادة المصرية، بل أكد رئيس الوزراء على حشد كل طاقات الشعب، وكافة الإمكانيات لردع كل عدوان يهدد أمن وسلامة الوطن، وهذا هو الهدف الأسمى والإيمان الراسخ الذى ينبغي أن تجاهد الأمة فى سبيله، من أجل وحدة ورفعة علو شأن الوطن، ولا تفاوض ولا تنازل عن ذرة رمل من رمال سيناء، ولا تفريط أو مساومة عليها من أجل أن تكون وطنا بديلا أو حتى مؤقتا للفلسطينيين، بل تبذل الدولة كل الجهود لتنميتها من أجل تقوية شوكتها وتكون خطا دفاعيا للجبهة المصرية من ناحية الشرق، ومن الطبيعي أن هذه التصريحات المفعومة بالوطنية للسيد رئيس الوزراء جعلت صفقة القرن وهمًا غير قابلة التنفيذ.