الكلمة التى تفضّل الرئيس عبدالفتاح السيسي بكتابتها تحية لجريدة الأهرام التى احتفلت الأحد الماضى بصدور العدد 50000.. لم تكن كلمة عادية أو تحية من رئيس الدولة لجريدة مصرية عريقة.. لكنها كانت تحية من الرئيس السيسي للإعلام والصحافة المصرية كلها ممثلة فى الأهرام.. كلمة كانت أقرب إلى شهادة عن رئيس رغم كل شواغله واهتماماته وواجباته الكثيرة والمهمة لا ينسى الإعلام والصحافة ويمنحهما اهتمامًا واحترامًا رئاسيًا جميلاً وصادقًا ومهمًا أيضًا.. وكان من الطبيعى أن تحتفى جريدة الأهرام بكلمة الرئيس السيسى وتنشرها فى الصفحة الأولى لهذا العدد الخاص جدًا الذى حمل رقم 50000..
وإذا كان الرئيس السيسى قد كتب كلمته ليوجه التحية للأهرام.. فإن الرئيس نفسه هو الذى بالفعل يستحق التحية من الجميع.. من كل صحيفة ومجلة.. من كل شاشة وميكروفون.. من كل قلم وصوت.. تحية شكر وامتنان وعهد بالالتفاف الجماعى خلف وطن ومن يدير الوطن بمنتهى الحكمة والحب والالتزام.
وكانت مؤسسة الأهرام قد أقامت مساء الأحد احتفالها الهادئ والأنيق برقم الـ50000 أو الذى يعنى 50000 يوم عاشتها مصر وعاشتها جريدة الأهرام، تنقل لقارئها كل يوم أحوال بلد وعالم وتطرح قضايا وتنشر أخبارًا وحكايات وتتابع ما يجرى سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ورياضيًا وفنيًا وفى كل مجالات الحياة.. فى رحلة استمرت عبر 148 سنة كانت فيها الأهرام شريك الحياة لقارئها تنقل له بكل مصداقية وأمانة ما يدور حوله من أحداث أفراح وانكسارات.. حروب ومعاهدات.. ثورات ونهضات.. آراء لكتاب ومفكرين.. مقالات وصور تنقل الحدث قبل أن يدخل التليفزيون البيوت وقبل أن يقتحم الإنترنت عالمنا.. الأهرام كانت هى ديوان الحياة المعاصر لكل المصريين.. حتى صفحة الوفيات فى الأهرام كانت تمثل مكانة خاصة عند قارئها.. فأطلقوا مقولة حول هذا الأمر بأن من لم يُنشر نعيه فى الأهرام كأنه لم يمُت.. وهى مقولة تعكس قدرًا كبيرًا من الارتباط بين الأهرام وقرائها خاصة الكبار الذين يحرصون على أن يبدأوا يومهم بقراءة صفحات الوفيات كعادة لم تنقطع.
الأهرام على مدار تاريخه الطويل والممتد عبر قرنين من الزمان رسم لنفسه سياسة لم تتغير بتحرى الدقة فيما يتم نشره وعدم تناول الحياة الخاصة لأى شخص مهما يكن.. وهى السياسة التى أصبحت دستورًا للأهرام سارت على نهجه الأجيال من الصحفيين والكُتاب.. وانحاز الأهرام دائمًا فى رسالته إلى الوطنية مهما كلفته مواقفه من أزمات..
وكان للأهرام مواقفه التى لا تُنسى مثلما كان له السبق فى عمل أول استطلاع للرأى واكتشاف المواهب من الشعراء والأدباء ومنح قرائه مساحات للتعبير عن الرأى.. ومثلما كان الأهرام سبَّاقًا فى سياسته التحريرية كان سبَّاقًا فى التطوير والتحديث فمنح الفرصة لأول مرة فى الصحافة المصرية لنشر أخبار الرياضة..
وكان ذلك عام 1922 واستمر الأمر ليصبح الأهرام رائدًا فى تناول القضايا الرياضية ومشاركًا فى رعاية الأبطال واكتشاف المواهب وفتح آفاق توفير الرعاية لهم من خلال الرعاة والمستثمرين لتسير على نهجه الاتحادات فى كثير من اللعبات.. وكان للأهرام الفضل والدور الأكبر فى نشر عدد من اللعبات محليًا وعالميًا وعلى رأسها لعبة الاسكواش التى نقلها الأهرام من الملاعب المغلقة إلى المفتوحة فنظَّم الأهرام أول بطولة للاسكواش عند سفح الأهرامات..
وكان لهذا الأمر مردود كبير عالميًا وتناقلت صور البطولة كبريات صحف العالم فساهمت الأهرام فى نشر اللعبة وتنشيط السياحة فى نفس الوقت.. ويرجع الفضل فى ذلك إلى أحد جنود الأهرام المخلصين الأستاذ والكاتب الكبير إبراهيم حجازى أول رئيس لمجلة الأهرام الرياضى ومؤسسها.
الأهرام على مدار 148 سنة تاريخ نشأته قدم خمسين ألف عدد كان وراءها أجيال من الصحفيين والكتاب والإداريين والعمال كل منهم أخلص لوطنه من خلال عمله لتصبح الأهرام مؤسسة هى الأكبر فى العالم.. ومازال هناك أحلام وطموحات لأجيال قادمة لتبقى الأهرام برسالتها التنويرية فيضًا لا ينقطع لخمسين ألف عدد آخرين بإذن الله.