بعد تحذير وزير الري فى أسبوع المياه.. خبراء يحددون مخاطر سد النهضة على دول المصب.. «كارثية »

1-11-2023 | 19:32
بعد تحذير وزير الري فى أسبوع المياه خبراء يحددون مخاطر سد النهضة على دول المصب ;كارثية ;مخاطر سد النهضة الإثيوبي
إيمان البدري

جدد الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري  قبل يومين وفي أسبوع المياه تحذيراته من مخاطر سد النهضة ‏الإثيوبي على البلاد، وذكر أنه بالرغم مما يتردد حول أن السدود الكهرومائية لا يمكن أن تشكل ضررًا، إلا أنه في الواقع مثل هذه الممارسات الأحادية غير التعاونية في تشغيل السد المبالغ في حجمه قد يكون لها تأثير كارثي”.

موضوعات مقترحة

وأضاف أنه في حالة استمرار هذه الممارسات تزامناً مع فترة جفاف مطول، قد يؤدي ذلك إلى خروج نحو مليون و100 ألف شخص من سوق العمل، وخسارة حوالي 15% من الرقعة الزراعية في مصر، بما ينتج عن ذلك من مخاطر ازدياد التوترات الاجتماعية والاقتصادية وتفاقم الهجرة غير الشرعية، كما قد تؤدي هذه الممارسات إلى مضاعفة فاتورة واردات مصر الغذائية.

وقد أشار وزير الري، إلى أن سد النهضة الإثيوبي هو أحد التحركات الأحادية غير الملتزمة بهذه المبادئ على أحواض الأنهار المشتركة، الذي تم البدء في إنشائه منذ حوالي 12 عاما على نهر النيل، دون أي تشاور، أو إجراء دراسات وافية عن السلامة، أو عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة”، كما أن استمرار عملية بناء وملء سد النهضة، بالإضافة إلى الشروع في التشغيل بشكل أحادي، تشكل خرقا للقانون الدولي، والتي من بينها اتفاق إعلان المبادئ الموقع في عام 2015، ولا تتوافق مع بيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر 2021″.                      

أضرار التخزين فى سد النهضة

في البداية يقول الدكتور عباس الشراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة الفاهرة، أن أضرار التخزين بصفة عامة متعددة وهناك فرق بين وجود أضرار تعمل الدولة على عدم وصولها إلى المواطن، وعدم وجود أضرار على الاطلاق، حيث تقوم الدولة على ترشيد استهلاك المياه، وإنفاق مئات المليارات من الجنيهات على مشروعات تطوير الرى والزراعة، وإعادة استخدام المياه بعد معالجتها، وتبطين الترع، والتوسع فى انشاء الصوب الزراعية وغيرها حتى نحافظ على احتياطى مائى جيد فى السد العالى يضمن الأمن المائي للمواطنين.

الدكتور عباس الشراقي

أضرار التخزين المائي في إثيوبيا إلى أضرار مائية واقتصادية وسياسية واجتماعية وبيئية

وفي سياق متصل يؤكد الدكتور عباس الشراقي، أن من أضرار التخزين المائي في إثيوبيا وجود أضرار مادية واقتصادية، أي أن كمية مياه تخزن فى سد النهضة قليلة أو كبيرة، هذا العام أو الأعوام القادمة هى مياه مصرية-سودانية، وهي الخسارة الأولى المباشرة، والتي إذا استغلت في الزراعة لجأت بعائد اقتصادي قدره مليار دولار لكل مليار متر مكعب، بالإضافة إلى تحديد مساحة الأرز بحوالي 1.1 مليون فدان، والتكاليف الباهظة بعشرات المليارات من الجنيهات فى إنشاء محطات معالجة المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى، وتبطين الترع، وتطوير الرى الحقلى، والتوسع فى الصوب الزراعية وغيرها.

وبالنسبة للسودان يحدث ارتباك فى تشغيل السدود، ويحدث مستقبلاً قلة في الانتاجية الزراعية نتيجة حجز الطمى فى سد النهضة، وارتفاع منسوب المياه الجوفية، وزيادة التكلفة الانتاجية للمحاصيل الزراعية للتوسع فى استخدام الأسمدة.

وبالنسبة لإثيوبيا يحدث غرق مزيد من الأراضى الزراعية وبعض المناطق التعدينية، وعدم القدرة على توزيع الكهرباء عن طريق مصر لآسيا وأوروبا نتيجة التوتر وعدم الاتفاق.

ويكمل، أن حصة المياه المصرية والتى تقدر بـ 55.5 مليار م3، والتي تعتبر متوسط الإيراد لمصر، بمعنى أن المياه التي تزيد عن الحصة تعوض سنة أخرى تكون الحصة فيها أقل وبالتالى فقد تلك الزيادة فى أى سنة يعنى عدم الحصول على الحصة كاملة فى سنوات الجفاف.

الأضرار السياسية للتخزين المائي في إثيوبيا

 ويتابع الدكتور عباس الشراقي توضيح أضرار التخزين المائي في إثيوبيا، والتي تتمثل في استمرار إثيوبيا تفرض سياسة الأمر الواقع باتخاذ قرارات أحادية وخرقها للمرة السادسة للاتفاقيات الموقعة بين مصر وإثيوبيا (اتفاقيات 1891، 1902، 1906، 1925، 1993) والأعراف الدولية، وإعلان مبادئ سد النهضة 2015، وتوصيات القمة المصغرة للاتحاد الإفريقى، وأخيراً البيان الرئاسي لمجلس الأمن سبتمبر 2021، بعد التخزين الأول (1-21 يوليو 2020) والثانى (4-18 يوليو 2021) وتشغيل التوربين رقم 10 في 20 فبراير 2022، والتوربين رقم 9 11 أغسطس 2022، والتخزين الرابع 14-؟  2023.

وقد تستمر بنفس الأسلوب عند إنشاء سدود أخرى، وأيضا مزيد من التوتر فى العلاقات بين السودان ومصر من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، حيث إن الطريقة الاثيوبية قد تشجع دول منابع أخرى فى اتباع نفس الأسلوب عند إنشاء سدود على روافد نهر النيل وبالتالي هدفها إحراج المسئولين فى مصر والسودان أمام شعبيهما.

الأضرار الاجتماعية

ويرى أن الأضرار الإجتماعية الناشئة من التخزين المائي في إثيوبيا، تتمثل في تهجير مزيد من سكان بنى شنقول، بعضهم سوف يتجهون إلى السودان الذى يعانى مثل كثير من الدول من ظروف اقتصادية صعبة خاصة بعد ثورة ديسمبر 2018 والحرب الأخيرة، واختلاف نمط حياة بعض المزارعين السودانيين الذى تعودوا على الزراعة الفيضية البسيطة غير المكلفة من فيضان النيل الأزرق على الجانبين فى الأراضى المنخفضة والمنبسطة بمساحات كبيرة، فيها يتم ترسيب الطمي وغسل التربة سنوياً بمياه الفيضان مما يجعلها على درجة عالية من الخصوبة، وسوف يحتاج هؤلاء المزارعون مستقبلا إلى حفر ترع الري وإنشاء شبكات رى مكلفة، والتأقلم اجتماعيا واقتصاديا مع الظروف الجديدة.

" كما أن تعدد التخزين أو التشغيل دون اتفاق يؤدي إلى غضب المواطن المصرى والسودانى من التصرفات الاثيوبية، واتباعها سياسة فرض الأمر الواقع.

أضرار بيئية تتمثل في الزلازل

 ويواصل الدكتور عباس الشراقي حديثة عن أضرار التخزين المائي في إثيوبيا على مستوى البيئة وهو يتمثل في زيادة الفاقد من البخر مع اتساع سطح البحيرة، وكذلك التسرب فى الصخور المحيطة لخزان السد من خلال التشققات والفراغات، وزيادة الحمل الناتج من وزن السدين الرئيسي والمكمل (إجمالى 75 مليون طن) والمياه والطمى (حوالى 45 مليار طن) على الأرض المتشققة، مما يزيد من استعدادها لحدوث الزلازل بجانب نشاط الأخدود الإفريقي العظيم الذي يعتبر أكبر فالق على يابس الكرة الأرضية، ويشكل أنشط المناطق الزلزالية والبركانية فى إفريقيا، و تحلل الأشجار الغارقة فى مياه البحيرة وتأثيرها على نوعية المياه.، وإحداث تغيير فى التنوع البيولوجي للمنطقة، وكذلك غرق بعض المناطق التعدينية وانتقال بعض العناصر الثقيلة مثل الرصاص والنحاس واليورانيوم والمنجنيز فى المياه.، وتغير محلى فى المناخ إقليم بني شنقول من حيث درجة الحرارة والأمطار.

وجود السد العالى يمنع عطش  أي مواطن أو يتوقف قيراط واحد عن الزراعة

ويؤكد الدكتور عباس الشراقي، أنه لن يعطش مواطن مصرى أو يتوقف قيراط واحد عن الزراعة فى مصر بسبب نقص المياه فى ظل وجود السد العالى، كما استطاعت الدولة منع وصول أضرار التخزينات الإثيوبية السابقة والحالية إلى المواطن مباشرة، ولكن الثمن تحمله المزارع المصري الذي حددنا له مساحة الأرز ومنعناها من زراعة الموز فى بعض الأماكن، كما تحمله بقية الشعب في إنفاق 18 مليار جنيه على المرحلة الأولى فى تبطين الترع، وأكثر من 100 مليار جنيه على معالجة مياه الصرف الزراعى والصحى والصناعى، وأكثر من 100 مليار جنيه أخرى على تحلية مياه البحر، واكثر من مليار جنيه فى حفر آبار مياه جوفية وعمل سدود للاستفادة من مياه الأمطار والسيول، وعشرات المليارات فى تنفيذ مشروعات مائية مثل تجديد مجموعة القناطر، وعدة مليارات أخرى فى تطوير الرى الحقلى واستخدام طرق الرى الحديثة فى جميع الأراضى الجديدة، ومشروعات الصوب الزراعية، كل ذلك لتعظيم الاستفادة من مواردنا  المائية المحدودة وإضافة جزء من المياه فى بحيرة ناصر كاحتياطى يحمينا من التخزينات الإثيوبية أو من سنوات جفاف.

 ورغم كل ماسبق فان تخزين حوالي 17 مليار متر مكعب بالاضافة الى حوالى 3 مليار أخرى فقد فى عملية البخر وتسرب المياه تحت سطح الأرض للخزانات الجوفية كان كفيلاً لزراعة 3 مليون فدان أرز بعائد تصديرى حوالى 15 مليار دولا، هذا ضرر مائى دفعنا ثمنه حتى لا يشعر به المواطن المصرى.

 مشكلة سد النهضة لا تقتصر فقط على نقص المياة

ويضيف الدكتور عباس الشراقي، المشكلة أن البعض قد حصروا سد النهضة منذ البداية فى أضرار مباشرة مثل نقص المياه، على سبيل المثال خسارة 5 مليار متر مكعب معناه توقف مليون فدان عن الزراعة وتعطل 5 مليون مواطن وتشريدهم، وانخفاض منسوب نهر النيل، وتوقف محطات مياه الشرب عن العمل، وتملح الأراضى الزراعية وزيادة الهجرة غير الشرعية لأوروبا وغيره وغيره وكأن السد العالى غير موجود، لدرجة إننا سمعنا أن إسرائيل سوف تقيم سورا لحمايتها من هجرة المصريين أثناء المجاعة، وطبعاً نقص 10 أو 15 مليار يعنى أضعاف من الملايين المشردين.

  لكن الواقع أننا ندافع عن حقوقنا ليس لهذه الأضرار لأنها لن تحدث، ولأننا لن نترك أنفسنا  لمجرد مشروع مهما كان حجمه أن يهدم دولة عريقة مثل مصر، لم ولن يكون ذلك، ولكن دفاعاً عن كرامتنا وحقوقنا المائية وحقنا فى الإخطار المسبق والتشاور معنا وعدم نقض الاتفاقيات التاريخية السابقة، واعمالاً للمبادئ الدولية عند إقامة المشروعات على أنهار دولية.

ويكمل، أننا لا نطالب سوى بحقوقنا بعزة نفس وكرامتنا المعهودة، حيث إننا نطلب حقنا وإن كان قليلاً فنحن قادرون أن نتكيف معه وتعظم الاستفادة منه بخبرة خبراء الرى والزراعة والتجارة وعلمائنا المخلصين كما فعلنا خلال الـ 50 عاما الماضية حيث ننتج الغذاء بنفس الحصة المائية التى كان يعيش عليها أقل من ربع سكان مصر الحاليين.

تخفيض المخاطر بقدر الإمكان

ويعقب الدكتور رشاد عبده يقول الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد والاستثمار والتمويل الدولي، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، حول التخزين المائي في إثيوبيا أن تصريح وزير الري يوضح أن  الموقف فعلا يعتبر خطر بلا جدال حيث إنه قدم  أرقام مفزعة  ومرعبة.

الدكتور رشاد عبده

لذلك على مصر أن تجلس وتدارس لكي تعمل على تخفيض المخاطر بقدر الإمكان، وعلى مجلس الوزراء والدولة  أن يجتمعوا ويستعينون بالخبراء  تدارسوا الأمر  ويروا ما هي الفرص  والأساليب والوسائل والحلول التي  تحد من هذه المخاطر العظيمة على مصر.

 الحكومة الإثيوبية تتنكر من التوقيع على إعلان المبادئ عام 2015

ويؤكد الدكتور نجاح الريس، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن تصريح وزير الرى الدكتور هانى سويلم عن التأثير السلبي لسد النهضة الإثيوبي كاشف لحجم المخاطر السلبية التى من الممكن ان تتعرض لها مصر، حيث إن التصرف الأحادي للحكومة الإثيوبية على الرغم من التوقيع على إعلان المبادئ عام ٢٠١٥ والتزام مصر والسودان به تنكرت له الحكومة الإثيوبية وافرغه  من مضمونه، وسارت فى عملية الملء فى سياسة توصف بالاستخفاف وعدم الاكتراث بقواعد الشرعية الدولية والقانون الدولي .

الدكتور نجاح الريس

كما إن الإدارة الإثيوبية لعملية السد توصف بالاستعلائية، وتفسر قواعد القانون الدولي للأنهار وفق رؤيتها الخاصة كونها دولة المنبع مبدية عدم الاحترام لقواعد القانون الدولي وقانون الأنهار الدولية.

ويكمل، أن الأضرار على الدولة المصرية فعلية وسوف تؤثر على السياسة الزراعية المصرية، وصولًا الي الاقتصاد الزراعي نتيجة العجز المائي المتوقع أثناء فترات الجفاف في اثيوبيا، كما ان الممارسات الأحادية للدولة الإثيوبية تهدد الأمن المائي المصري ومن ثم الأمن القومي.

ولذلك يجب توافر مبدأ حسن النية لدى الجانب الإثيوبي خلال جولات التفاوض التي تجري حاليًا بين الدول الثلاث مصر وإثيوبيًا والسودان، لأنه بدون مبدأ حسن النية والتفاوض من أجل الوصول لحلول توافقية  فالخطر قادم لا محالة والأمن والاستقرار الإقليمي مهدد بالتوتر.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة