في إطار مسيرة التنمية الشاملة تشهد سيناء طفرة تنموية كبرى إذ تتشر فيها الشروعات الجديد في الزراعة والصناعة والسياحة وغير ذلك من مشروعات مثلت في مجملها نهضة جديدة في هذا الجزء الغالي من أرض الوطن . فقد أكدت الدراسات أن أرض الفيروز تضم كنوزًا وثروات كبيرة في كل القطاعات. وأن ما تشهده من مشروعات يأتي ضمن استغلال هذه الثروات الطائلة والتي كانت مهملة طوال العقود الماضية
موضوعات مقترحة
حماية سيناء بدأت من التنمية
في البداية، يقول الدكتور عباس الشراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة الفاهرة، إن التنمية هو حماية سيناء من خلال تطويرها، كما أن التنمية في سيناء لها عدة محاور أهمها المياه والنشاط الزراعي بجانب بعض الأنشطة الأخرى.
الدكتور عباس الشراقي
"ونظرا لأهمية التنمية في سيناء في السنوات الأخيرة شاهدنا دخول المياه إلى سيناء عن طريق الإنفاق في منطقة الإسماعيلية كما يوجد محطة المحسمة، وكذلك كان الاهتمام بمياه الصرف الزراعي وإعادة استخدامها لري 50 ألف فدان في منطقة سيناء.
بالإضافة إلى مشروعات أخرى في الشمال الغربي من سيناء حيث تم إنشاء محطة بحر البقر وهي من أكبر محطات معالجة المياه في العالم، والتي تعالج يوميا مايقرب من 6.5 مليون متر مكعب وهذه الكمية من المياه تكفي لزراعة مليون فدان مع خلط هذه المياه بمياه النيل النقية، عن طريق أنفاق تم حفرها أسفل قناة السويس وبالفعل هناك أنفاق تم حفرها في حقبة ال90 لمشروع ترعة السلام، وبذلك الآن أصبحت المياه موجودة في سيناء من مياه النيل ومياه معالجة الصرف الزراعي بإجمالي 4.5 مليار متر مكعب ويتم استخدامها في زراعة النصف مليون فدان، ولكن هذه المساحة من الأرض في سيناء تحتاج إلى مزيد من الدراسات لتحديد نوعية المحاصيل الصالحة للزراعة بها باستخدام مياه أقل وإنتاج أعلى، مع خلق مجتمعات عمرانية جديدة تعتمد على أنشطة متعددة منها النشاط الزراعي الذي لا يعتبر النشاط الوحيد التي تقام على أساسها المجتمعات العمرانية.
تنمية سيناء عبر المزارع السمكية وإقامة الموانئ
وفي سياق متصل، يشير الدكتور عباس الشراقي، إلى أن التنمية في سيناء تبدو مستمرة وواضحة من خلال الاهتمام بوجود المصايد والمزارع السمكية التي أنشأتها الهيئة الهندسية على مساحات كبيرة جدا، والتي يتم فيها استخدام المعدلات العالمية في هذه المزارع السمكية والتي تنتج أنواع عالية الجودة من الأسماك ومعظمها للتصدير.
"ومع إدخال المياه إلى سيناء كانت التنمية بشكل واضح؛ حيث تعتبر نقلة كبيرة لأنه بذلك تم ربط المواطن السيناوي بالمواطن داخل الأراضي المصرية القديمة فأصبح هناك ترابط بينهم عن طريق مياه النيل وينعم بها الجميع داخل مصر.
كما تتم التنمية في سيناء الآن على أعلى مستوى من خلال تطوير ميناء العريش وبالفعل يوجد ميناء نويبع كما تم الآن وجود خطوط سكة حديد تربط بعض الأجزاء في سيناء، ومن اتجاه التنمية في سيناء تم عمل سدود في سيناء لحماية سكان سيناء من السيول، ومن أهم هذه السدود سد الرافعة الذي خزن العام الماضي 5 ملايين متر مكعب وهي كمية كفيلة أن توافر المياه إلى سكان العريش.
التعمير وشبكات الطرق يحمي سيناء
ويضيف الدكتور عباس الشراقي، أن التنمية الآن في سيناء تشمل تنفيذ شبكات الطرق بالإضافة إلى الإنشاء والتعمير ومنها الوحدات السكنية، وتحديدا في منطقة رفح وما يسمى بمنطقة رفح الجديدة وهي مدينة جديدة هدفها إعادة السكان ممن تضرروا من إلغاء الأنفاق ما بين مصر وغزة وعودتهم إلى أراضيهم مرة أخرى وكل ذلك يقطع نزوح السكان من قطاع غزة إلى سيناء.
"بالإضافة إلى أن التنمية في سيناء تتوافر بها كافة المقومات لتحقيقها والتي تساعد على وجود مشروعات في قناة السويس ومنها استخراج البترول من المنطقة ما بين سيناء والبحر الأحمر؛ حيث إن سيناء غنية بمواردها الطبيعية، كما توجد بها الثروة المعدنية مثل الذهب الموجود في جنوب سيناء في بعض الصخور، كما توجد الرمال البيضاء التي تعتبر مهمة جدا في الصناعات الإلكترونية وصناعة الزجاج أيضا .
تنمية سيناء تتوجه إلى تنوع مصادر المياه والمياه الجوفية سبيل للتنمية
ويشير، تعتبر التنمية في سيناء واستمرارها أمر مه منظرا لأنها تخدم الكثير من الأماكن السياحية مثل سانت كاترين وهي التي يكسوها الجليد في فصل الشتاء، وعندما يذوب هذا الجليد ينساب إلى الأودية مما يساعد في تكوين المياه الجوفية في هذه الأودية، وهنا تعتمد الزراعة في سيناء على أجزاء من مياه الري التي تأتي من المياه الجوفية في بعض الأودية ومن المياه السطحية المخزنة مثل سد الرافعة في شمال سيناء، أومن خلال السيول أو من المياه التي تدخل سيناء من نهر النيل والدلتا وكذلك مياه الصرف الزراعي التي يتم معالجتها الآن في محطة بحر البقر فى التنمية تحتاج بالفعل هذا التنوع في مصادر المياه.
" بالإضافة إلى أن التنمية في سيناء تظهر من خلال وجود جامعة سيناء التي تستقبل آلاف الطلاب وبالتالي خلقت مجتمع جديد يعتمد على النشاط التعليمي، بالإضافة إلى بعض المصانع مثل مصانع الأسمنت داخل سيناء لأن الأسمنت يكون قريب من الموانئ وقريب من مصادر الحجر الجيري وغيره من المواد المستخدمة في هذه الصناعة .
تعمير سيناء بأبنائها
ويؤكد الدكتور عباس الشراقي، أن التعمير في سيناء ضرورة حيث إن مساحتها تضاهي باقي مصر؛ حيث تصل مساحة سيناء 60 ألف كيلومتر مربع، مما يجعل هناك ضرورة أن يسكنها ملايين من المصريين وتعميرها وليس الاكتفاء فقط بوجود نصف مليون نسمة بها فقط، ومن أجل ذلك بالفعل يوجد الآن في منطقة الشرق على الحدود تعمير في سيناء وتحديدا في منطقة رفح الجديدة لخلق مجتمع عمراني جديد.
"وبالفعل رأينا التجمعات السكنية في جنوب سيناء في منطقة شرم الشيخ وفي دهب ونويبع التي أصبحت من المناطق السياحية وأصبحت من التجمعات السكنية الكبيرة في سيناء، وهذه التجمعات بالفعل تعتبر نوع من الحماية لسيناء من خلال التطوير ورفع مستوى المعيشة للإنسان المصري، لذلك سيناء يجب أن يكون بها حياة تجذب المواطن المصري من كل مكان خاصة مع توافر مصادر للكسب بها هنا تصبح سيناء مكان جذب لهم.
مقومات التنمية ميسرة في سيناء
ومن جانبه، يقول الدكتور جمال عطية أستاذ ورئيس قسم الجغرافيا الأسبق كلية الدراسات الإفريقية جامعة القاهرة، أن سيناء تمثل 6% من مساحة مصر، وتعتبر كل منطقة في سيناء لها طبيعة تنمية تختلف عن الأخرى، حيث أن كل منطقة بها توجد عده مقومات؛ حيث نجد المعادن التي تمتاز بكثرتها مثل الفحم والمنجنيز والجرانيت والرخام وجميع المواد التي تستخدم في البناء وصناعة الأسمنت، كما أن سيناء بها في خليج السويس حقول البترول وفي الشمال نجد حقول الغاز بخلاف وجود السياحة في جنوب سيناء سواء سياحة بيئية أو سياحة تسلق الجبال والسفاري، كما توجد في شمال سيناء الكثير من مشروعات الزراعية في سهل الطينة والتي تشتهر بزراعة التين والزيتون.
الدكتور جمال عطية
محاور التنمية في سيناء
ويقترح الدكتور جمال عطية، العديد من المحاور للتنمية في سيناء من خلال وجود محور متخصص في التنمية السياحية بأنواعها المختلفة، على أن نطلق عليه ممر تنمية في الجنوب يبدأ من شرق السويس ثم إلى شرم الشيخ ثم طابا.
"والمحور الثاني وهو محور تنموي آخر في الوسط يبدأ من السويس ثم منطقة نخل وينتهي بطابا ليكون ممر تنمية متعلقة بأنماط التجارة ويصبح ممر تنمية تجاري، وبالتالي كما يوجد ميناء بري في طابا من المهم أيضا تكرار التجربة في أن يوجد أيضا ميناء بري في منطقة نخل في السويس، بحيث يصبح ممر تجاري عليه الأنشطة التجارية التي من الممكن أن تربط مصر والأردن والسعودية، مع ضرورة الاهتمام بأن يوجد في الشمال ممر تنمية آخر وأن يكون متعدد الأنشطة الاقتصادية.
الطاقة الشمسية تدخل في تنمية سيناء
ويرى الدكتور جمال عطية، أنه رغم إنشاء ترعة السلام وامتدادها إلى ترعة الشيخ صباح في سيناء لجلب المياه ولكن توجد مشكلة في المياه، وهنا يتم حل مشكلة المياه من خلال استخدام الطاقة الشمسية وهو متاح في سيناء خاصة أنه في شمال سيناء توجد الرمال البيضاء الذي نستخرج منها السليكون الذي تصنع منه ألواح الطاقة الشمسية التي تساعد في توليد كهرباء من الطاقة الشمسية لاستخدامها في الطلمبات التي تتيح استخدام وضخ المياه الجوفية في سيناء التي يتم استغلالها في التنمية الزراعية، وبذلك نحصل على نوع معروف من الزراعة يسمى الزراعة المحمية وهي التي توفر المياه، وهذا يتطلب استخدام طرق الري الحديث، فمن خلال إقامة مشروع قومي للزراعة المحمية في شمال سيناء هذا يعتبر في حد ذاته توسعة للتنمية، رغم أنه من الأساس نجد أن شمال سيناء بها تنمية زراعية.
ويكمل، أنه يمكن أن تنشأ تنمية صناعية تعتمد على التنمية الزراعية مثل زراعات الزيتون التي تشتهر بها شمال سيناء في صناعة الزيتون، كما أن المخلفات الناتجة من مصانع زيت الزيتون تستخدم في إنتاج مواد كيميائية، فالتصنيع الزراعي هنا يعتمد على المحاصيل الزراعية ولتحقيق هذه التنمية يجب أن توجد ضرورة أن تصبح سيناء مستقرة وخالية من الإرهاب وأن تكون حدودها الشرقية مستقلة، والتنمية تساعد على الاستقرار من خلال إقامة المشروعات، كما أن السياحة تحتاج إلى أنماط وأنشطة من التنمية تكون صديقة للسياحة ولا تؤثر عليها بالسلب .