عندما يكثر اللغو ويعم الجدل أرجاء المكان، عندما يردد الحمق بصداه لحن النهاية، عندما ينعق الجهل مرددًا بصوته الجهوري القبيح محاولًا التشويش على صوت جميع القيم الإنسانية، وهو يمسك بالقضايا ليخلط مشاهدها مضللًا ومشتتًا أنظار الكثيرين، حقًا لقد أصبح هذا أمرًا يفوق الاحتمال، ربما تحتم علينا أن نعتزل الآن جميع الأشياء التي اعتدناها من قبل؛ لنعلن التزامنا أنفسنا فهذا هو زمن الفتن.
الخطأ والخلاف ما زالا يتشاجران ينتظران هناك لحظات سقوطك وما إن تسقط أمامهما فإنهما سيقومان باختطافك في الحال سيجذبانك محاولين الإيقاع بك في فخاخ مكرهما وهزيمتك أمام ذاتك.
ما أصعب أن تصارع الجهالة وحدك وسط أمواج عاتية لا تعرف الرفق ولا تمتلك مهارة القراءة في معاني الإنسانية وأخلاق الفرسان.
العالم أشهر جنونه الآن ولم يعد يخجل، لا يأبه بتخبطه وتنازله عن إنسانيته بمحض إرادته معجبًا بنفسه وهو يضرب في كل لحظة أفظع الأمثال في التعامل مع أفراده بعد أن تخلى اختياريًا عن مبادئه وقيمه التي طالما نادى بها من قبل حتى حصل عليها، الكل يتهم الكل ويتفنن الجميع في إلقاء أصابع الاتهام صوب بعضهم البعض دون تحقق أو استبيان.
حملات التشكيك والتخوين لم تتوقف، وإلقاء التهم جزافًا أصبح يتشكل ليصنع من ذاك القزم عملاقًا يتباهى بالتدمير ويجيد حياكة الأوهام، يضع خيباته المتلاحقة داخل صناديق ذهبية مكتوب عليها بخطوط وهمية: "تلك هي أعظم إنجازاتي"، الحمق أصبح إحدى مكوناته ولهذا سيبقى جهولًا ولن يعترف يومًا بخطاياه فهذه سماته التي مكنت شيطانه في البداية من احتلاله وسجنه داخل ذاته بعد أن تجرأ وعصى أمر ربه.
موجات الغضب تتوالى، صرخات الألم تتعالى، تصارع الإنسانية بمفردها هذا العالم في معركتها الدائمة من أجل البقاء دون جدوى، يهتف الأنين من داخل أعماق القلوب، فتنزعج الإنسانية لأجله، تكاد تختنق وهي ترى سجانه يدفع به عنوة وسط دوامته الخبيثة.
ها هي أبواب سجنه تتمدد شيئًا فشيئًا محاولة إطباق قبضتها عليه وكتم أنفاسه، تتمدد لتحطم ما تبقى لديه من أمل في الحصول على حريته.
أي عالم هذا؟ وأي إنسان أنت؟! أي حوار تريد؟ وإلى متى ستظل هكذا تشكك وتتشكك؟ مللنا جنونك وطيشك، سئمنا أفكارك، كرهنا قتلك وتدميرك وهدمك.
إليك وحدك يا الله سنتوجه وترتفع أيادينا بالدعاء، بالرجاء في تحقيق الأمن والأمان ونشر المحبة والسلام على كل بقاع أرضك.