بات من المعتاد أن نرى بعضًا من الناس يقولون إنهم يدعمون الشعب الفلسطيني؛ لاسيما في العدوان الإسرائيلي غير الآدمي على غزة؛ عدوان يرسخ كل قواعد الصلف والقوة الغاشمة؛ والضرب بكل قواعد وأعراف القانون الدولي.
كل ذلك وسط تأييد دولي مستفز؛ فهم يقولون إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها؛ ردًا على ما حدث يوم 7 أكتوبر؛ ويتناسون ما فعلته إسرائيل من جرائم وحشية مهينة للإنسانية منذ 75 عامًا حتى الآن؛ بحق الفلسطينيين وغيرهم من العرب!!
إلا أن ما تفعله إسرائيل الآن تجاوز كل الحدود؛ وذهب لأبعد من الخيال بمسافات كبيرة غير متوقعة؛ فما يحدث مع قطاع غزة هو تهجير قسري فج؛ بل إن دعوات الإسرائيليين للفلسطينيين بالنزوح جنوبًا؛ قوبلت منهم بهجوم ضارٍ على الملاجئ والمستشفيات والمدارس التي تأوي مئات الآلاف من الفلسطينيين؛ ومن ثم راح آلاف من الشهداء ضحايا للقصف الوحشي؛ وقد يكون ما حدث مع المستشفى الأهلي منذ بضعة أيام مفزع للغاية.
ولكن للأسف.. هذا الفزع كان من نصيب العرب والمسلمين وعدد من المسيحيين؛ لكن لم يُصب أي من قادة الغرب بهذا الفزع؛ بل ثمنوا ما تفعله إسرائيل مع الفلسطينيين!!
وهذا فعل مستفز لكل بني البشر؛ فهل التفرقة بين الدم العربي والدم الإسرائيلي يمكن أن تمر هكذا ببساطة كما مرت أمور أقل حدة من قبل؟
هذا السؤال يحتاج معرفة قدرة العرب على رد الفعل وكيفيته.
لذلك التعبير عن الغضب مطلوب؛ ولكن كيف يكون الغضب مفيدًا؟
ينظر الغرب وبخاصة الولايات المتحدة إلى سكان منطقتنا؛ نظرة المنتج للمستهلك؛ أما المنتج فهو يراك في مرتبة أقل؛ دائمًا في حاجة له.
فهل للمستهلك قوة؟ نعم للمستهلك قوة لا يمكن الاستهانة بها؛ ونحن في حاجة لإثباتها؛ إذا كانت هناك بضائع ينتجها الغرب يمكن استبدالها بأخرى تنتجها دول أخرى حتى لو بجودة أقل؛ فلابد من مقاطعة كل منتجات الغرب الداعم لإسرائيل والتى لها بديل، لابد من إظهار حجم الغضب العربي؛ فالعرب كمستهلك لهم قوة كبيرة في سوق الاقتصاد العالمي.
قوة من شأنها إعادة ترتيب وضع العرب على الخريطة العالمية؛ فالاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة؛ ولا قوة سياسية بدون قوة اقتصادية.
لذلك نستطيع فرض قوتنا وإظهار نفوذنا باتحادنا وتكاتفنا؛ من خلال انتفاضة المقاطعة؛ وأثق أنها انتفاضة ستكون مؤلمة لدرجة ستجعل هؤلاء الداعمين لإسرائيل يدفعون ثمنًا باهظًا؛ ثمنًا قد يجعلهم يغيرون دفة الدعم؛ أو على الأقل إظهار درجة مقبولة من الحياد.
عزيزي القارئ.. اغضب غضبًا يفيد قضيتك، فالضجيج الذي لا ينتج طحينًا؛ يظهر ضعفنًا وقلة حيلتنا؛ وذلك أمر يزيد الصلف الإسرائيلي.
لذلك فلا داعي للحديث الأجوف؛ لأنه يضر القضية الفلسطينية ضررًا بالغًا.. لذلك فاغضب.. أو اصمت!!
[email protected]