23-10-2023 | 11:12

التغافل الذكي فن من فنون الحياة الاجتماعية ومهارة من مهارات الذكاء الاجتماعي.

ويعتبر فن التغافل مهمًا جدًا لنا في حياتنا؛ حيث إن السبب في مشكلاتنا الأسرية والاجتماعية وفي محيط العمل هو التدقيق والتركيز على مواقف وأخطاء مزعجة صدرت وتصدر عن الآخرين.

سئل الإمام ابن حنبل:
أين نجد العافيه؟ فقال: "تسعة أعشار العافية في التغافل عن الزلات"، ثم قال: "بل هي العافية كلها".

ولا يعتبر التغافل سذاجة أو ضعفًا؛ بل هو تعمد الغفلة رغم القدرة على التركيز  والتدقيق ومواجهة المشكلات.

وخير تطبيق لفن التغافل يكون في حياتنا الأسرية، فالعديد من مشكلاتنا داخل الأسرة من عدم التجاهل عن أشياء عديدة، فهناك فيروسات لو دخلت في العلاقات الاجتماعية لدمرتها، ومنها كثرة اللوم، والعصبية، والحساسية، والكتمان الذي ولده عدم التغافل. 

وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يتغافل مع الصحابة، 
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يقتدون به صلى الله عليه وسلم، ومنهم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه؛ وذلك عندما ذهب إليه أحد الصحابة يشكو إليه زوجته وصوتها العالي، وعندما دق باب عمر وجد أن زوجة عمر صوتها هي أيضًا عال! فمضى ورآه عمر فقال له ماذا تريد قال جئت أشكو إليك من زوجتي فوجدت عندك نفس المشكلة فقال له الفاروق: "تحملتني، وبسطت منامي، وغسلت ثيابي، أفلا أتحملها إذا رفعت صوتها؟!".

هذا هو فن التغافل،
فعندما تتغافل عن أشياء كثيرة يقل التوتر والقلق  وتستطيع أن تتمتع بالتوازن العاطفي والنفسي.

وننتقل إلى فن التغافل في العمل والإدارة الحكيمة، التي لابد أن تمتلك مهارة التغافل مع المرؤوسين، فالتغافل والتجمل هو ورقة التوت التي تسترنا وتحمينا.

ليس الغافل بسيد قومه، ولكن سيد قومه المتغافل، إن الشخص الذي نخسره في حياتنا هو الذي نغلق أمامه كل منافذ الهروب، فإما أن يهرب منك أو يتخذك عدوًا، وفي كلتا الحالتين ستخسر هذا الشخص؛ لذلك من المناسب له أن يهرب منك بكرامة، ومن الأفضل أن تفتح لخصمك طريقًا يخرج منه كريمًا فيحترمك، بدلا من أن تحرجه فيعاديك.

سيدي القارئ
إن الذي يديم العلاقات بيننا هو صفة التغافل؛ وأجمل تغافل ذلك الذي يكون مع شريك حياتنا، وأبنائنا، وأصدقائنا.. وغيرهم من دوائر العلاقات الاجتماعية.

إن التدقيق والحرص على الإفحام والتذكير بسوابق الماضي كلها تفسد العلاقات، وكلنا نمر بحماقات وأخطاء.

 عزيزي القارئ التفت إلى كل السلوكيات الجميلة والمواقف المتميزة في حياتنا مع الآخرين لتستمر العلاقات، فنحن بحاجة إلى بعضنا. 

كلماتك الطيبة لها أثر طيب، اعتذارك له قيمته، تفهمك للآخرين أدب، والتغاضي والتغافل عن الأخطاء وعي، ومراعاة للمشاعر ونبل، وصون الود ود. 

واعلم أن كل ما تقدمه لغيرك يعود إليك أضعاف ما تقدمه.

وإلى لقاء في مقال آخر إن شاء الله..

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: