لم يعد العدوان وقتل الأبرياء بطولة تدعو للإعجاب فى هذا العالم.
نحن نعيش حالة مؤلمة من الحزن والألم على ما آلت إليه عملية «طوفان الأقصى» فى غلاف غزة وداخل إسرائيل، الضحايا بالآلاف، لا شك أن التقديرات التى تصدر من كل الاتجاهات لا تحمل حقيقة واضحة، لما يحدث فى مساحة أرض صغيرة بها 2.5 مليون نسمة، سميت بطوفان الأقصى، ورد الإسرائيليون بالسيوف، بل بالحدود القصوى التى لا تسمح بها أى قيم إنسانية، كانت الصورة عجائبية تسجل فى ضمير القرن الحادى والعشرين كمثال للوحشية والقتل الإنسانى، وقتل الأطفال والأبرياء وانعدام الحياة فى غزة وتوابعها، بلا ماء أو طاقة أو غذاء، وبلا سقف يحمى الأهالى والناس، وحصار شامل حتى الموت والمجاعة والعطش وبلا علاج للمصابين الذين ينزفون حتى الموت، قلبت العملية العسكرية الشرق الأوسط رأسًا على عقب، كما انقلبت الصورة عالميًا.
هذه المدينة سقطت عليها أيضًا كل قنابل إسرائيل ودمويتها بين يوم وليلة، أهاليها يعجزون عن تدبير كوب ماء لطفل أو مريض أو مكان فى مستشفى لمصاب على الأرض، وحتى سقف ليناموا تحته ويحموا أطفالهم وأسرهم من التشريد والضياع، أى ظلم يحدث من هذا العالم تجاه هذا الشعب المظلوم والمضطهد من إسرائيل وأمريكا وأوروبا منذ 75 عامًا بلا أرض وبلا دولة، ويعبثون بقضيته وبحياته، ويدفعون الشعب الفلسطينى بكل طوائفه إلى الانتحار بكل أنواعه.
موقف عظيم لمصر ورئيسها يسجل فى سجلاتها الخالدة، لهذه القضية الصعبة، فقد أمسك الرئيس السيسي الدفة بقوة وأدار هذا الصراع الخطير باقتدار أمام العالم ورؤسائه بوضوح، وشفافية مطلقة لا صفقات على حساب الفلسطينيين، هنا ارتبك العالم إلى حد كبير فقد وضعته حكمة الرئيس السيسي أمام الكارثة، لا تهجير قسريًا للفلسطينيين لا عودة إلى الترانسفير الذى حدث فى الحروب المتتالية الإسرائيلية، ومنذ حرب 1948 وحتى الآن.
الفلسطينى الصامد والمصرى الشجاع غيرا معادلة الإرهاب والتطرف والانهيار بوضوح الرؤية وقوة القيادة، وظهرت مصر، كان تحركها بمثابة الإنقاذ العالمى لمنطقة مهمة للعالم هى غزة، إنقاذ من كارثة إنسانية ومن الانهيار الشامل لملايين الفلسطينيين الذين تصل إليهم المساعدات عبر معبر رفح ومطار العريش من مصر وكل الدول العربية بل العالم الحر.
شجاعة الموقف أمام بشاعة العدوان وآثاره المحيطة المرعبة، هذه البطولة الجديدة التى صنعتها القيادة المصرية فأوقفت لعبة فتح الساحات للحروب، وسقوط الدول والشعوب من أجل الفوضى للمنطقة وللعالم، هذا هو الموقف العظيم الذى نعيشه، فقد عاونت مصر كل الدول العربية خلال لقاءاتهم مع الوفود الأمريكية والأوروبية، كان الإجماع العربى فى الجامعة العربية بارزًا ومعبرًا عن وضوح الرؤية وصعوبة الأزمة وتشابكها والآلام التي صاحبتها، لم تمنع العرب من الإجماع والتعبير عن أنفسهم جميعًا، بل قاموا بتلجيم الطموحات الإسرائيلية ودفعها إلى مسار التفاوض والبحث عن حل، وليس الحرب وفوضى الإرهاب والتطرف، لكن على الجانب الآخر مازال الارتباك والتطرف يجذبان إسرائيل وداعميها فى البيت الأبيض وفى أوروبا إلى التهافت والضعف ولا يقولون إلى حليفتهما المتمردة كفى، ويجب أن تنصاع إلى السلام واستحقاقاته.
يبدو لنا أن العرب على أبواب نصر جديد يعيد للفلسطينيين حقوقهم، ادعوا معنا؛ لأنها معركة صعبة بل مريرة.