جريمة جديدة من أبشع الجرائم في حق الإنسانية التي لن تمحى من ذاكرة التاريخ، ارتكابها الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، مساء أمس الثلاثاء، في اليوم الـ11 من حربه على غزة؛ حيث شهد العالم مجزرة القصف الإسرائيلي لمستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة، راح ضحيتها حتى الآن أكثر من ألف شهيد من المدنيين والأطفال الأبرياء والرجال والنساء العزل، في عمل مشين ينتهك القوانين الدولية والإنسانية.
موضوعات مقترحة
وأدان الرئيس عبد الفتاح السيسي بأشد العبارات، في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، القصف الوحشي الإسرائيلي لمستشفى المعمداني، مؤكدًا إدانة مصر لكافة الأعمال العسكري التي تستهدف المدنيين بالمخالفة والانتهاك الصريح لكافة القوانين الدولية، مشددا على رفض جميع الممارسات المتعمدة ضد المدنيين وأطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقفها.
وحذر الرئيس السيسي، من خطورة تصفية القضية الفلسطينية بنقل الفلسطينيين لأنها تعني وجود أرض دون وجود مواطنين، مؤكدا رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية، أو أي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريًا من أرضهم، أو أن يأتي ذلك على حساب دول المنطقة.
وقال الرئيس "السيسي": "إذا استدعي الأمر أن أطلب من الشعب الخروج للتعبير عن رأيه ورفضه تهجير الفلسطينيين، فستجدون الملايين في الشوارع للتعبير عن رفضهم ما يحدث في قطاع غزة، ومصر ستظل على موقفها الداعم للحق الفلسطيني المشروع في أرضه، ونضال الشعب الفلسطيني".
وطالبت مصر جميع دول العالم، لاسيما الدول الكبرى وذات التأثير، بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات وإدانتها بلا مواربة، ومطالبة إسرائيل بالتوقف عن استهداف محيط معبر رفح لتمكين مصر ومن يرغب من باقي الدول والمنظمات الدولية والإغاثية لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة في أسرع وقت.
ضرورة وقف العنف الإسرائيلي
ويؤكد السفير محمد العرابي وزير الخارجية السابق، أنه بغض النظر عن فداحة الخسائر من مجزرة القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني بغزة، فإن ذلك يدعم الموقف العربي بضرورة وقف إطلاق النار في غزة، ونعلم جيدا أن المواقف الأمريكية ثابتة، من ناحية دعمهم لإسرائيل، ولكن يمكن الحصول من الولايات المتحدة الأمريكية على كبح جماح القوة العسكرية الإسرائيلية ووقف العنف.
ولا يمكن أن يحدث وقف فوري لأعمال العنف التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين، بحسب ما أكده "العرابي"، فلابد من وجود مساحة من الوقت، لأن إسرائيل لديها مخطط لن تتراجع عنه، وهو فكرة تمهيد الأرض في ثلث غزة تقريبا الشمالي، وخلق منطقة عازلة، وهذا الهدف الإسرائيلي، ويمكن أن يكون هناك تراجع في نسبة العنف في باقي غزة.
كما يؤكد وزير الخارجية السابق، أن مصر لديها أفق واسع بعد وقف العدوان، وأن يكون هناك الأمل للشعب الفلسطيني بأن تكون هناك سياسة جادة، تمكنهم من التطلع على مستقبل أفضل.
موقف تاريخي للرئيس السيسي
وأشاد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام، والخبير في النزاعات الدولية، بالموقف التاريخي للرئيس عبد الفتاح السيسي الرافض لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريًا من أراضيهم إلى سيناء؛ حيث إن موقف الرئيس السيسي يعكس التزام مصر الراسخ تجاه القضية الفلسطينية ورفضها المطلق لأي محاولات لتصفية هذه القضية أو تهجير الشعب الفلسطيني.
كما يرى، الخبير في النزاعات الدولية، أن ما صرح به الرئيس السيسي ينسجم تمامًا مع القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان التي تحظر التهجير القسري للسكان وتنص على حق الشعوب في تقرير مصيرها"، مشيرًا إلى أن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر صراحةً على دولة الاحتلال ترحيل أو نقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها.
والمادة 46 من نفس الاتفاقية تنص على احترام دولة الاحتلال لحقوق الإنسان الأساسية في الأراضي المحتلة وحمايتها بموجب القانون الدولي، والقانون الدولي يؤكد في المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة على حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب، ويحظر مهاجمة المدنيين وجرحى الحرب والمرضى والعاملين في المجال الطبي، كما تؤكد المادة 18 من ذات الاتفاقية حماية المستشفيات المدنية في النزاعات المسلحة، وتحظر تعريضها للهجوم أو تدميرها.
مصر خط الدفاع الأول للقضية الفلسطينية
وشدد أستاذ القانون الدولي، على أن مصر لطالما كانت خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى الجهود المصرية الحثيثة لتهدئة الأوضاع في غزة ومساندة أهلها في مواجهة العدوان، مضيفًا "أن مصر لم ولن تتخلى عن واجبها اتجاه الشعب الفلسطيني الشقيق، وستظل تدعم نضاله العادل من أجل نيل حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف".
وحذر من مخاطر أي محاولات لفرض وقائع جديدة في المنطقة بما يخدم المشروع الصهيوني، مشددًا على أن ذلك سيقوض جهود السلام ويزيد التوتر وعدم الاستقرار، داعياً المجتمع الدولي إلي الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، محذرًا من استفحال الأزمة الإنسانية هناك.
تحركات الدول لوقف الانتهاكات الإسرائيلية
وترى الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تصريحات الرئيس السيسي تؤكد الموقف المصري والرسائل قوية وواضحة ومباشرة لكل الأطراف المعنية خاصة الأطراف المؤيدة لإسرائيل، لأن مصر لن تسمح بالمساس بأمنها القومي، لأنها مرحلة منتهى الخطورة، وهناك ضغوطات شديدة جدا على مصر والمنطقة بشكل عام.
ورسائل الرئيس السيسي اليوم، خلال المؤتمر الصحفي مع المستشار الألماني، تؤكد أن مصر لن تترك الفلسطينيين بهذا الشكل ولا العالم العربي والإسلامي والضمير الإنساني، وتوضح "نورهان"، أن هناك تحركا جادا من روسيا ومجلس الأمن، كما أن هناك تحركات من الكثير من الدول الإسلامية وغير الإسلامية لأنه يمس الضمير الإنساني، وموقف مصر غاية الأهمية للحفاظ على الأمن القومي وعلى القضية الفلسطينية.
وتوضح أستاذ العلوم السياسية الدولية، أن هدف إسرائيل هو إنهاء وتصفية القضية الفلسطينية، فالدولة هي شعب وأرض وحكومة، والاحتلال يقوم بإبادة الشعب للاستلاء على الأرض، فماذا يتبقى للفلسطينيين، وبالتالي فإن رفض مصر للتهجير هو دعم كامل للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، واعتراف بحقهم في دولة مستقلة ذات سيادة وحقهم في أرضهم وحق العودة.
كما تؤكد أن المؤتمر الدولي الإقليمي، الذي سيقام يوم السبت المقبل، بحضور قادة العالم، في غاية الأهمية وزادت أهميته الآن بعد مجزرة الأمس وجرائم القتل، لأنه يجب أن يكون هناك رسائل واضحة من المجتمع الدولي ومن كل القوى الإقليمية المعنية بالقضية الفلسطينية، رافضة كل ما تقوم به إسرائيل، ما يشكل ضغطا مهما لهم لإيقاف العنف.