جهاد أزعور لـ«بوابة الأهرام»: صندوق النقد الدولي اتفق مع الحكومة على دمج المراجعتين الأولى والثانية | حوار

18-10-2023 | 14:36
جهاد أزعور لـ;بوابة الأهرام; صندوق النقد الدولي اتفق مع الحكومة على دمج المراجعتين الأولى والثانية | حوارجهاد أزعور فى حواره مع الزميلة نيفين كامل
أجرى الحوار فى مراكش: نيفين كامل

مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي:
أتوقع أن تكون زيارة بعثة الصندوق إلى مصر قبل نهاية العام

سعر الصرف المرن ساهم في استقرار الاقتصاد المصري منذ 2016

الحكومة قامت بتوفير الحماية الاجتماعية، وعليها توسيع دائرة هذه البرامج الناجحة لتشمل عددًا أكبر من فئات المجتمع

ننصح باحتفاظ دول المنطقة باحتياطيات مالية لتفادي ما آلت إليه المواجهات العسكرية بين الإسرائيليين والفلسطينيين

من أجل تجاوز الأزمات العالمية والإقليمية تتعاون الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي لتأمين مسارات أكثر استقرارًا للاقتصاد المصري على المديين المتوسط والطويل تجمع بين مرونة الأداء الاقتصادي وحماية الفئات الأضعف.

جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، يناقش مع "بوابة الأهرام"  في حوار مهم أبرز الملفات ذات الأولوية للاقتصاد المصري، من برنامج إصلاح اقتصادي وسياسات سعر الصرف وخطة الحكومة لتمكين القطاع الخاص وتعزيز الحماية الاجتماعية لشريحة أكبر من فئات المجتمع، في ضوء ما صرحت به مديرة صندوق النقد الدولي بأن مصر اتخذت خطوات جادة في برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأن الصندوق بصدد تحديد موعد لإرسال بعثة إلى مصر لمناقشة جهود الحكومة المصرية لمواجهة التحديات الاقتصادية، وإتمام مراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي..

من وجهة نظركم ما هي الخطوات الإصلاحية التي يجب على مصر القيام بها خلال المرحلة الحالية؟

برنامج الإصلاح الاقتصادي عبارة عن مجموعة من الخطوات تتم على مراحل متتالية، تنفيذ هذه الخطوات هو الذي يحدد توقيت المراجعة، وقد قامت الحكومة المصرية بالفعل بعدد من الخطوات الإصلاحية وتحسين الأداء على عدة مسارات، ونرى ضرورة استكمال هذه الخطوات، وإدارة الصندوق في حالة تواصل دائم مع مصر وهناك فريق سيزور مصر قريبا للقيام بالمراجعة وأتوقع أن تكون هذه الزيارة قبل نهاية العام.

هل هناك نية لدمج المراجعتين الأولى والثانية معًا؟
 
نعم تم الاتفاق مع الحكومة المصرية على دمج المراجعة الأولى والمراجعة الثانية في مراجعة واحدة.

ما الخطوات الإصلاحية التي نجحت في تنفيذها مصر؟

هناك تقدم على أكثر من صعيد، على صعيد المالية العامة تم القيام بمجموعة من الإصلاحات والإجراءات، كما اتخذت الحكومة بعض الخطوات من أجل تحقيق التوازن بين القطاعين العام والخاص، وهذا توجه جيد يجب استمراره ودعمه ومنح مساحة أكبر للقطاع الخاص، وإعادة النظر في حجم القطاع العام.

توقع صندوق النقد الدولي تراجع معدل النمو الاقتصادي في مصر خلال العامين المقبلين.. فما سبب هذا التوقع من وجهة نظر سيادتكم؟

تعرض الاقتصاد المصري لصدمات عدة أهمها الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لمتانة العلاقات الاقتصادية بين مصر وكلا الدولتين، ما تسبب في ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية وتأثر تدفقات السائحين، ناهيك عن ارتفاع أسعار النفط وارتفاع معدل التضخم عالميًا، وأدت هذه الأحداث مُجتمعة إلى زيادة معدلات التضخم في مصر وزيادة عجز ميزان المدفوعات وتوقع انخفاض معدل النمو الاقتصادي في مصر، وعلى هذا الأساس تم الاتفاق على بنود برنامج صندوق النقد الدولي لتعزيز حماية الاقتصاد المصري من التأثيرات السلبية للأحداث العالمية، وعلى سبيل المثال يُعد الخفض التدريجي لحجم الدين العام من أهم أهداف البرنامج في مصر، بعد أن تسبب ارتفاع سعر الفائدة عالميًا في زيادة معدلات التضخم وتكلفة الاقتراض في دول ناشئة منها مصر.

متى تتوقع عودة الانتعاش الاقتصادي لمصر؟

عوامل استعادة الانتعاش الاقتصادي جزء منها داخلي عن طريق الاستمرار في الإصلاحات وخفض معدلات التضخم وإعادة الثقة للمستثمرين، وهذا الدور تقوم به الحكومة المصرية، وهناك عوامل خارجية ترتبط بالتحسن التدريجي في الآفاق الاقتصادية العالمية، وما يصحبه من ارتفاع مستوى الطلب في الاقتصادات الكبرى كالصين، ونحن في الصندوق نتوقع عودة الانتعاش للاقتصاد العالمي العام المقبل، ما من شأنه أن يؤثر إيجابيًا على الاقتصاد المصري.

صندوق النقد الدولي يري وجوب قيام الحكومة المصرية بتطبيق سعر صرف مرن لكن بعض الخبراء الاقتصاديين يرون أن هذا سيؤدي إلى ارتفاع فاتورة الدين، وارتفاع تكلفة الصادرات لأن معظمها يعتمد على مواد خام مستوردة، بالإضافة إلى زيادة معدلات التضخم.. ما تعليقكم؟
 
سعر صرف مرن يعني سياسة سعر صرف مرنة وليس تخفيض سعر الصرف، والهدف من هذه السياسة حماية الاقتصاد المصري، لأن ما يحدد سعر الصرف هو العرض والطلب بالأسواق، وإذا كان لمرونة سعر الصرف كلفة بسبب الصدمات الاقتصادية العالمية لكنه الطريق الأفضل في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي بالبنك المركزي، وهذا هو النظام المُعتمد في الاقتصاديات المتقدمة في أوروبا الغربية والدول متسارعة النمو مثل الهند ودول أخرى.


كذلك تساهم سياسة سعر الصرف المرن في تحول الاقتصاد للتصدير، وحمايته من تقلبات الأسواق المالية العالمية وما يتبعها من إحجام المستثمرين وقت الصدمات عن الاستثمار في الأسواق الناشئة، لهذه الأسباب نرى أن سياسة سعر الصرف المرن تساهم في تعزيز الاستقرار وتمنح الاقتصاد المرونة الكافية لإدارة الصدمات.

لهذا السبب كانت توصية صندوق النقد الدولي أن تنتقل مصر إلى هذا النظام لحماية الاستقرار الاقتصادي وإعطاء صناع السياسة النقدية في البلاد مساحة أكبر للتركيز على الهدف الأساسي وهو ضبط الأسعار ومحاربة التضخم، هذه هي فلسفة الصندوق في التعامل.. وقيام الاقتصاد المصري بتطبيق سياسة سعر صرف مرن، منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، كان ناجحًا جدًا عندما تم تطبيقه في عام 2016 واستمر حتى عامي 2020 و2021.

وماذا عن المواطن العادي؟

إن المواطن المصرى يهتم بالدرجة الأولى بتأثر الأسعار جراء الإصلاحات والتى تعد حاليا مرتفعة، ويمكن تخفيف وطأة ارتفاع الأسعار عن طريق تعزيز برامج الحماية الاجتماعية مثل برنامج تكافل وكرامة، الذى أظهر فاعلية كبيرة منذ تطبيقه في عام 2017، حتى في مرحلة تفشي جائحة كورونا، ولذلك على الحكومة المصرية تعزيز وتوسيع دائرة هذا البرنامج ليستهدف قاعدة أوسع.

ما رأيكم فيما تحقق في برنامج الطروحات للشركات الحكومية للاستثمار الخاص؟

أحرزت الحكومة المصرية تقدما في هذا الملف.. هناك فريق عمل شكلته الحكومة المصرية بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية بخصوص هذا البرنامج، وهي خطوة جيدة يجب استكمالها، كذلك مؤشرات الموازنة والمالية العامة تطورت بدرجة جيدة ومستمرة، وهي من الأمور التي تم التقدم فيها حسب برنامج الصندوق.

هل تتفق مع رؤية المرصد المالي للصندوق أن هناك إمكانية لزيادة حصيلة الضرائب في مصر؟
 
الإصلاحات الضريبية عامل أساسي لتحقيق العدالة الضريبية من جهة وتنويع مصادر الدخل من جهة أخرى. ونعم لدى مصر إمكانية ومساحة غير مُستغلة لزيادة دخل الموازنة من خلال إلغاء الإعفاءات الضريبية التى من شأنها تحقيق العدالة الاجتماعية.


منطقة الشرق الأوسط تواجه صدمات متتالية، آخرها المواجهات العسكرية بين الإسرايليين والفلسطينيين، كيف يؤثر ذلك على اقتصاد المنطقة؟

الحرب في غزة سيكون لها تأثير على المنطقة على المديين المتوسط والطويل؛ والقدرة على تحديد هذا التأثير وحجمه وامتداده الزمني تتطلب معرفة مآلات الحرب، ومن الصعب التكهن بالتداعيات الاقتصادية لما يجري في المنطقة، ولا حتى ترقب ما يمكن أن يحدث مستقبلا، لكن من الضروري وجود احتياطات مالية في دول المنطقة، لتفادي مثل هذه الصدمات، ولكن يمكن ملاحظة أن أسعار النفط الخام قد عاودت الاستقرار بعد ارتفاعها بأكثر من 5 % في أول أيام الحرب وهذا يدعو للارتياح.

ما هو تحليلكم لتوقعات النمو في منطقة الشرق الأوسط؟

نتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 3.1 % في 2023، مقارنة بحوالي 5.7 % في عام 2022، مدفوعًا بتباطؤ النمو في البلدان المصدرة للنفط، مع توقعات بأن يكون القطاع غير النفطي المحرك الرئيسي للنمو، مع بقاء توقعاتنا لمعدلات التضخم في المنطقة عند 15 % في عام 2023، قبل أن يتراجع العام المقبل.

ما تقييمكم لتعامل دول المنطقة مع الأزمات المتتالية؟
 
بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استجابت لجائحة كوفيد-19 باتخاذ إجراءات سريعة وصارمة للتخفيف من انتشار الجائحة وحدة تأثيرها، ولكنها لا تزال تواجه بيئة قاسية وتحديات متتالية تسبب عدم اليقين، خاصة البلدان المصدرة للنفط، التي تضررت بدرجة بالغة من "صدمة مزدوجة" تمثلت في الأثر الاقتصادي لحالات الإغلاق العام، وهبوط حاد في الطلب على النفط وانهيار أسعاره.

نرى أن احتواء الأزمة الصحية لا يزال هو الأولوية، إلا أن الحكومات يجب أن تبدأ كذلك في إرساء ركائز التعافي الاقتصادي الذي سيسمح للبلدان بالخروج من الأزمة أقوى من ذي قبل.

كلمات البحث