توابع حلف الناتو أصابهم الخرس، وهم يشاهدون المحرقة الإسرائيلية فى غزة. لا عجب، فهم "متعودون" على المحارق، وعلى الغرق فى الدماء.
هل يعقل أن تتحرك أمريكا، الدولة الإمبراطورية، بأساطيل وغواصات وحاملة طائرات لحماية إسرائيل من قطاع غزة؟
هل تخشى من قطاع كل مساحته 350 كيلو مترا مربعا، وينحشر فيه أكثر من مليونين من البشر، بعضهم مهجر من قراه الأصلية داخل فلسطين التاريخية، ألم يقرأوا قرارات الأمم المتحدة، التى تنص على عودة اللاجئين؟
توابع الناتو يتشدقون بأن القضية الفلسطينية هى قضية الفرص الضائعة، يتقولون على الشعب الواقع قهرا تحت الاحتلال، بأنه هو الذى أضاع الفرص!
متى أضاع هذا الشعب الفرص؟ هل عندما واجه المذابح والتهجير القسرى؟ أم عندما تمت ملاحقة شعرائه وكتابه وسياسييه بالتصفية الجسدية فى عواصم العالم؟ وماذا يفعل وهو ممنوع من الصرف الدولى؟
إن قرار الأمم المتحدة 181 نص على دولتين عام 1947، صحيح أن الطرفين، العربى والإسرائيلي، لم يوافقا، فلماذا يقع اللوم على العرب وحدهم؟
كانت الحرب على شعب أعزل.
حسب روايات موثوقة، كانت حرب 1948 مخططة سلفا، شارك فيها الفيلق اليهودى، الذى حارب فى الحرب العالمية الثانية، بينما لم يكن العرب مستعدين جديا لهذه الحرب، ومع ذلك اعتبروا العرب مهزومين، وأن أرض فلسطين، كانت خالية من السكان فى أكبر كذبة تاريخية.
تغولت إسرائيل، واتخذها البعض منارة وطريقا للحماية، فإذا بها تواجه عناصر غير نظامية، وتجد نفسها فى مأساة، إنما يتخيلون صورة غير واقعية عن قدرتهم.
تقدم الفلسطينى الأخير بخطوات ووقع اتفاق أوسلو، وكان يجب أن يحصل على دولة فى نهاية المطاف، لكن النهاية لم تأت قط.
المخطط الحقيقى هو ما تفوه به إسحاق شامير، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، فى مؤتمر مدريد 1991 وهو أن الأراضى العربية شاسعة، فوطنوا فيها الفلسطينيين، يا لها من مأساة، بينما كان زعماء العالم يستمعون، وتجاهلوا أن هذا التفوه فى حد ذاته جريمة حرب.
وجريمة الحرب هذه مستمرة، تتبدى فى تصريح جنرالات الحرب الإسرائيليين الأخيرة، حين أعلنوها صراحة، بأن على أهل غزة أن يخرجوا وإلا سيواجهون الموت أو الجحيم، وأهل غزة ليسوا “ فرارة”، إنهم فى رباط وثبات، كما يقول صديقى الكاتب والروائى الكبير زياد عبد الفتاح.
لدى إيمان راسخ بانتصار الحق، مهما تكالبت عليه الثعالب، وسابقا كتبت مقالا عن الفلسطينى الأخير، ومقالا آخر عن الفلسطينى الجديد، وإنه لن يغادر أرضه، كما غادر بعض الأسلاف قراهم فى الماضى، وانتظروا تحريرهم من الأشقاء فى الدم والدين، ثم انتظروا 75 عاما، واكتشفوا أن الانتظار محض فخ وشرك وقعوا فيه، غذته الآلة الإسرائيلية والغربية، وبعض توابع الناتو فى بلادنا، من أصحاب الجمعيات الممولة، ومن الباحثين المصطنعين، والذين يلومون الضحية دائما، ويستظلون بظل الجلاد.
يوما ما سيصحو الغرب من غفلته، ويوما ما ستنتهى نتائج الحرب العالمية الثانية، تلك الحرب التى لا ناقة فيها ولا جمل للعرب، ستنتهى ملهاتها الكبرى، التى وقعت على أرض الشام الجنوبية المعروفة بفلسطين، ويوما سوف يقوم الفلسطينى الأخير، وينزع أوراق التوت عن نظام دولى يستجمع قواه الحداثية من أساطيل وغواصات وطائرات من أجل شعب أعزل.
للعملة وجهان، وحرب غزة الحالية، أظهرت الوجه الحقيقى، وأظهرت المخططات، وجه يصف الفلسطينيين بالحيوانات البشرية، وآخر يطالبهم بتدمير ذواكرهم، والخروج من أرض الأسلاف.. يا لها من ملهاة مأسوية، حتما سوف تكون من الماضى قريبًا.