15-10-2023 | 19:03

بحكم تركيبته ونزعته الدموية والفاشية ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو، بإسرائيل داخل دائرة الانتقام الجهنمية، ظنا منه أن سفكه مزيدًا من دماء الفلسطينيين، وتنفيذ عمليات تطهير عرقى بحقهم، وتهجيرهم قسرًا من غزة وتشريدهم، سيجعل بلاده أكثر أمنًا وسكينة وسلامًا، وسيدفن القضية الفلسطينية في جب عميق لن تخرج منه أبدًا، والأكثر أنها ستبقيه في سدة الحكم، لأن أحدًا من عتاة اليمين المتطرف الذين يحيطون به لن يقدر على المزايدة عليه فرصيده في بورصة القتل والحرق والاغتيالات يكفيه ويفيض، لتقديمه مسوغا للاستمرار بالسلطة.

إن شهوة الانتقام والتلذذ الأعمى بها، لن تزيل عن وجه إسرائيل لعقود ما جرى يوم السابع من أكتوبر، حينما باغتها مقاتلو حركة حماس، وتكشفت عورات جيشها الذى لا يقهر، وأجهزتها الأمنية التي كانت تغط في نوم عميق وأخذت على حين غرة، بل ستزيد الضغائن ورغبات الثأر من عائلات وذوى الأبرياء من الفلسطينيين الذين قتلوا بوحشية وبربرية منقطعة النظير، جراء آلاف الأطنان من المتفجرات التي سقطت على رؤوسهم وهم بمنازلهم وفى الشوارع التي هرعوا إليها بعدما هدمت بيوتهم بعشوائية، و باتوا في العراء بلا ماء ولا طعام ولا كهرباء ولا أدوية، ولا أى شيء، مهما كان صغيرًا، من متطلبات الحياة.

ويعتقد نتانياهو ومعه قادة إسرائيل أن الدعم الأمريكي غير المحدود، وتبنى المجتمع الدولى وبنفاق مقزز الروايات الصادرة عن تل أبيب، ومساعدتها في ترويج وتسويق أكاذيبها وأباطيلها عما يجرى بقطاع غزة، سيكتب لها النجاة وينصرها في معركتها غير المتكافئة والظالمة مع الشعب الفلسطيني الذى يئن ويصرخ، منذ سنوات طويلة، من فظائع وجرائم الاحتلال الإسرائيلي دون أن يُعيره أحد ممن يتباكون على المدنيين الإسرائيليين الآن أي اهتمام وتفاعل، لكنه في قرارة نفسه يعلم، بل متيقن أن الانتصار الدامى الذى يبحث عنه لن يحدث، مهما حاول، لأننا نقف أمام حقائق التاريخ التي يعاندها ويغفل عنها الإسرائيليون.

أولى هذه الحقائق البديهية الواضحة وضوح الشمس أن الاحتلال لا يدوم وسيأتى عليه حين سينتهى، طالما أن هناك شعبًا يقاتل ويكافح ويضحى لنيل حريته واستقلاله، وكتب التاريخ مكتظة بأمثلة قديمة وحديثة أكبر من قدرتنا المتواضعة على إحصائها، فهل نجح الحليف الأمريكي، الذى يتحرك مسئولوه في كل اتجاه بالعالم وكأنهم وزراء بالحكومة الإسرائيلية يدافعون عن مصالحها وسياساتها العنصرية، في احتلال فيتنام، والعراق، وأفغانستان، أم أنه أجبر صاغرًا على الفرار منها يلاحقه العار والخزى، رغم استخدامه كل ما في جعبته وترساناته من أدوات القتل والترويع والأسلحة المدمرة، فقوة السلاح لا تصمد في وجه صاحب حق، وبموازين القوى ونظريًا هل كان يمكن تصديق أن حركة طالبان عتادها وأسلحتها الخفيفة ستقهر الجيش الأمريكي الجبار، الجواب سيكون بالنفى لكنها في الواقع العملى حطمت الأسطورة وهزمته شر هزيمة، واستولت على ما خلفه وراءه من معدات وسلاح يقدر بمليارات الدولارات.

ألم يدقق الإسرائيليون في تجربة فرنسا بالجزائر والتي استعانت بدورها بفكرة المستوطنين وأقامت لهم كانتونات وسلحتهم حتى أخمص قدمهم للدفاع عنها، ثم لم يجدوا مناصًا في نهاية المطاف سوى الجلاء عنها، بعدما استباحوا دماء مليون جزائري استشهدوا إلى أن اقتنص وطنهم استقلاله وسيادته.

هذان نموذجان شارحان فقط لمبدأ أن الاحتلال لا مكان ولا مستقبل له، مفتاح حل القضية الفلسطينية هو رحيل الاحتلال الإسرائيلي، واستعادة الفلسطينيين حقوقهم المسلوبة منهم، والقبول بصيغة الدولتين، وأن يعيش الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي في وئام وسلام جنبًا إلى جنب، ونتانياهو يعرف تماما أن عليه الجلوس على طاولة المفاوضات لإبرام اتفاق سياسي نأمل أن يكون عادلا وملبيا طموحات وآمال الشعب الفلسطيني الذى يرفض الاستسلام والخضوع لإملاءات وشروط إسرائيل المجحفة، وسد كل المنافذ أمامهم ومحاصرتهم من كافة الاتجاهات، ونعتهم بالحيوانات البشرية.

كما يعلم نتانياهو أن بقاءه على مقعد رئيس الوزراء لن يدوم، وأن المهلة المتبقية له به ستكون مرهونة بصمت المدافع وتوقف الهجوم الضارى على غزة، وبعدها سيهب الإسرائيليون للمطالبة بالتحقيق في إخفاقات وفشل حكومته في حمايتهم، وإذلال الجيش بهذه الصورة التي كانت على مرأى ومسمع الجميع، والنتيجة المنتظرة ستكون إجباره على الاستقالة وإنهاء مسيرته السياسية المخضبة بالدماء والانتهاكات الواجب محاكمته عليها بصفته مجرم حرب في محكمة دولية، كما فعل الغرب المتناقض والمنافق مع مجرمى الحرب الألمان بعد الحرب العالمية الثانية، ومذابح البوسنة والهرسك، وللأسف يظل هذا الاحتمال ضعيفًا حتى حينه، ولذلك فإن نتانياهو يسعى بدأب لإطالة أمد الحرب قدر استطاعته.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة