تواصل الحكومة تحركاتها الجادة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم، خاصة في ملفات أمن الغذاء وغلاء المعيشة، وبدأ أمس السبت، تطبيق مبادرة "خفض أسعار السلع الأساسية" التي أعلن عنها الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، لتخفيف حدة الوضع الاقتصادي على المواطنين، في الوقت الذي تستمر فيه زيادة أسعار السلع الغذائية، وارتفاع معدلات التضخم.
موضوعات مقترحة
مبادرة خفض الأسعار
وتأتي مبادرة خفض أسعار السلع الغذائية الأساسية، من أجل خلق وفرة في مختلف السلع بالأسواق، بما يسهم في انخفاض الأسعار، خاصة السلع الغذائية، وتستهدف المبادرة، خفض الأسعار بنسبة من 15% لـ25%، والسيطرة على الزيادة في الأسعار، ولاسيما أسعار المنتجات الغذائية بعد ارتفاعاتها المتتالية خلال الأيام الماضية، ومن المرتقع أن يتم تطبيقها في جميع السلاسل والمحال التجارية بكل المحافظات.
وتشمل المبادرة، سبع مجموعات سلع رئيسية، وهما، الفول، والعدس، والألبان، والجبن الأبيض، والمكرونة، والسكر، وزيت الطعام، والأرز، لتنخفض بنسب تتراوح من 15% إلى 25%، مع كتابة الحد الأقصى لسعر السلعة على كل المنتجات، وستنخفض أسعار الفول بنسبة 25%، والعدس سينخفض بنسبة 21%، والمكرونة ستنخفض من 15لـ18%، وكذلك منتجات الألبان ستنخفض بنسبة 15% أما الألبان ستنخفض بنسبة 11%، وهذه النسبة تنطبق على كل الأنواع، وكذلك سينخفض الزيت الخليط بنسبة 15 لـ18 %.
كما تم التوافق بين مجلس الوزراء واتحاد منتجي الدواجن والبيض، على عمل خفض بنسبة 15% على الدواجن الحية والمجمدة والبيض، بحيث يتم بدء تطبيق هذا الأمر بدءا من غدا الأحد، وجاءت الأسعار في المبادرة ليكون سعر بيض المائدة 115 جنيها للطبق للمزراعة أو الجزر، وسعر البيع للمستهلك 125 جنيها بدلا من 150 جنيها، أما سعر فراخ التسمين الحية الكيلو 65 جنيها للمزرعة أو المجزر، أما السعر للمستهلك 73 جنيها بدلا من 80 جنيها، وسعر الفراخ المجمدة 100 جنيه للكيلو في المزراعة والمجزر، أما السعر للمستهلك 105 جنيهات للكيلو بدلا من 130 جنيها.
أماكن مبادرة خفض الأسعار
وتختلف مبادرة خفض أسعار السلع الأساسية، عن أية مبادرات سابقة أن التخفيض من المنتج مباشرة، وسيتم طرح المنتجات مطبوع عليها السعر، والحد الأقصى لسعر التجزئة مطبوع على السلعة نفسها ولا يمكن التلاعب به، وستطبق المبادرة في كل أنحاء الجمهورية من أكبر سوبر ماركت لأصغر بقال، والسعر سيطبع على السلع وسيتم التوزيع عبر سلاسل التوزيع والإمداد للبيع في كل أنحاء الجمهورية لتصل الأسعار الجديدة لكل المواطنين.
مبادرة خفض الأسعار تقلل معدلات التضخم
وأشاد الدكتور مصطفى أبو زيد الخبير الاقتصادي، بمبادرة خفض أسعار السلع الأساسية، منها، الفول، العدس، الألبان بمنتجاتها، والمكرونة، والسكر، الزيت، الذرة، بالإضافة إلى الدواجن والبيض، مؤكدا أن هذه المبادرة هي الحل الأمثل لضبط الأسواق، لأنها ستساهم في خفض معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى أنها تخفف العبء المعيشي عن المواطنين.
كما أن تطبيق هذه المبادرة، جاء في توقيت في غاية الأهمية، بعد ارتفاع أسعار السلع في الفترة الأخيرة، ما يسهم في خلق مردود إيجابي على ميزانية المواطن البسيط، بحسب الخبير الاقتصادي، وتساهم أيضا في السيطرة على الأسواق ومواجهة المحتكرين من التجار الذين يستغلون الظروف والأزمات ويرفعون الأسعار، وستقضى المبادرة على جشع التجار وستجبرهم على تخفيض الأسعار، وأن يكون هامش ربحهم قليلا وهنا يستفيد المواطنون في نفس الوقت ما يسهم في خفض معدلات التضخم.
مكافحة جشع التجار
ويوضح الدكتور مصطفى أبو زيد، أن السلع التي تضمنتها المبادرة هي سلع أساسية لا يستغنى عنها المواطن، وسيكون لها مردود إيجابي على ميزانية الأسرة بلا شك خاصة محدودي الدخل وأصحاب الدخول الثابتة، كما أنها ستعيد التوازن إلى السوق المحلي ما يسهم في مكافحة جشع لتجار وخفض الأسعار، ومنع مستغلي الأزمات الذين يقومون بتخزين السلع وتقليل المعروض منها لتشح في الأسواق فيرتفع سعرها رغم أن بعض المحاصيل إنتاجها وفير وليست بها أزمة نقص.
وطالب الخبير الاقتصادي، بأن تتولي الجهات الرقابية اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على أسعار بيع المستهلك الموضحة، وإلزام المزارع الحكومية وسلاسل التوزيع بالتزام بهذه الأسعار وذلك لتخفيف العبء على المستهلك.
الإسلام يحرم استغلال التجار واحتكار السلع
وحرم الإسلام استغلال التجار للأزمات الاقتصادية والاحتكار، وشراء السلع المتوقع ارتفاع سعرها طلبا للربح إن تم بيعها بثمن مثلها بلا حبس فهو جائز، وإن اشتراها وقت الغلاء وحبسها متربصا زيادة السعر مع حاجة الناس إلى ما حبسه فهو من الاحتكار المحرم، وهذا التحريم لا يثبت إلا بشروط، منها، الشراء وقت الغلاء، والحبس مع تربص الغلاء، وإحداث ضرر بالناس جراء الحبس.
ويرى علماء الدين، أن من يستغلون حاجة الناس في رفع الأسعار واحتكارها آثمون ويخالفون الشرع الذي نهى عن استغلال حاجة المواطن بصورة تخالف الشرع وتخالف القوانين الوضعية في الدولة، ومن يرتكب ذلك مفسد في الأرض في حق الشعب وحق المجتمع.
ويؤكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية، أن الاحتكار ورفع الأسعار دون سبب حرام شرعا، والحكمة من تحريم الاحتكار هي رفع الضرر عن الناس خاصة الفقراء والمحتاجين، مستشهدا بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ".
ووضع الإسلام قواعد وأسس لتعامل الناس فيما بينهم، وراعى مصالح وحال الناس جميعا، فأرشد ووجه إلى الكسب الحلال من خلال البيع والشراء، محرما الغش وتبرأ ممن يفعل ذلك، لأنه من أكل أموال الناس بالباطل وكذلك الاحتكار، فكما أن الغش يقع ضرره على المواطن فكذلك الاحتكار ضرره أكبر وأشد، فرفع الظلم والتظالم بين الناس من أهم خصائص الشريعة الإسلامية.
حظر حبس المنتجات الإستراتيجية
تنص المادة 8 من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 على أنه "يحظر حبس المنتجات الإستراتيجية المعدة للبيع عن التداول وذلك عن طريق إخفائها أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها أو بأية صورة آخرى، ويصدر قرار من مجلس الوزراء بتحديد المنتجات الإستراتيجية لفترة زمنية محددة وضوابط تداولها والجهة المختصة بذلك وينشر القرار في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار، ويلتزم حائزها لغير الاستعمال الشخصي بإخطار الجهة المختصة بالسلع المخزنة لديه وكمياتها".
وتنص المادة 71 من قانون حماية المستهلك، على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن مائة الف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيمهما أكبر، كل من يخالف المادة 8 من هذه القانون".
عقوبة رفع الأسعار
ووضع قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 عقوبات تصل إلى الحبس والغرامة حال الغش فى المعاملات التجارية، حيث نصت المادة ( 345 ) على “الأشخاص الذين تسببوا فى علو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية بنشرهم عمداً بين الناس أخباراً أو إعلانات مزورة أو مفتراة أو بإعطائهم للبائع ثمناً أزيد مما طلبه أو بتواطئهم مع مشاهير التجار الحائزين لصنف واحد من بضاعة أو غلال على عدم بيعه أصلاً أو على منع بيعه بثمن أقل من الثمن المتفق عليه فيما بينهم أو بأي طريقة احتيالية أخرى يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط”.
وضاعفت المادة ( 346 ) العقوبة ونصت على " يضاعف الحد الأقصى المقرر لعقوبة الحبس المنصوص عنها في المادة السابقة إذا حصلت تلك الحيلة فيما يتعلق بسعر اللحوم أو الخبز أو حطب الوقود والفحم أو نحو ذلك من الحاجات الضرورية".