زلازل وفيضانات وأعاصير.. الأرض تُعلن غضبها على البشر

11-10-2023 | 21:10
 زلازل وفيضانات وأعاصير الأرض تُعلن غضبها على البشر.
وفاء فراج
نصف الدنيا نقلاً عن

«عواصف وأعاصير وفيضانات وزلازل» كوارث الطبيعية باتت تهدد مصر والمنطقة العربية وشمال إفريقيا، في حين كانت بعيدة عن تلك الظواهر المناخية الحادة، ولكن «تغيرات المناخ» تعد هي المتهم الأول وراء تغير خريطة العالم البيئية والمناخية، وتحوُّل أماكن الاستقرار إلى أماكن خطر على وجه الأرض.

موضوعات مقترحة

ومع استيقاظ الناس الأسبوع الماضي على «إعصار دانيال» الذي التهم مدنا كاملة على ساحل ليبيا، و«حرائق غابات اليونان»، و«زلزال المغرب» الذي أودى بحياة الآلاف، ومن قبله «زلزال تركيا وسوريا»، و«تسونامي سلطنة عمان»، كان لابد من دق ناقوس الخطر للتحذير من خطر الكوارث الطبيعية وعلاقتها بتغيرات المناخ التي أصبحت تهدد استقرار مصر والشعوب العربية.

فى محاولة جادة من مجلة «نصف الدنيا» لطرح رؤى العلماء والخبراء في مجال تغير المناخ والأرصاد والكوارث الطبيعية نحاول رصد خطر الزلازل والفيضانات على مصر، وهل توجد وسائل للوقاية من هذه الظواهر ومواجهتها؟.

تقارير دولية تحذر

يتوخى معظم علماء المناخ والأرض الحذر من الربط المباشر بين وقائع طقسية بعينها والتغيرات المناخية طويلة المدى، وبخاصة بعد تحذيراتهم منذ 25 عاما مضت بشأن التغير المناخي دون أن تهتم الدول وقيادتها بتخفيف آثار التغيرات المناخية المتهمة بتغير شكل الأرض واستقرارها؛ حيث أكد العلماء المشاركون في اجتماعات آثار التغيرات المناخية في بريطانيا، أن سطح البحر في شرق البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي يعد أكثر دفئا من المعتاد بدرجتين إلى ثلاث درجات مئوية، ورجحوا «أن يكون ذلك وراء هطول الأمطار الغزيرة», ووفقا لمرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ التابع للاتحاد الأوروبي، فإن ارتفاع درجات حرارة سطح البحر يؤدي إلى موجات حارة ذات مستويات قياسية في بلدان العالم، ومن المرجح أن يكون عام 2023 هو الأكثر دفئا في التاريخ، ووصفت لجنة الإنقاذ الدولية الكارثة الطبيعية التي نتجت عن إعصار دانيال في لبيبا واليونان وتركيا بأنها «أزمة إنسانية غير مسبوقة»، كما وصف الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيوغوتيريش) الأمر بأن الأرض تشهد انهيارا مناخيا، وأن عصر الاحترار العالمي انتهى لندخل في عصر الغليان العالمي. وذكرت أستاذة علوم المناخ بـ «جامعة بريستول» أن عاصفة دانيال هي «مثال واضح على نوع الفيضانات المدمرة التي قد نتوقعها بشكل متزايد في المستقبل» مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم، كما سجل العلماء امتصاص المحيطات 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن النشاط البشري منذ الثورة الصناعية. كما يضع مؤشر المخاطر العالمية كلا من الصومال واليمن ومصر وليبيا وسوريا والمغرب ضمن قائمة الدول الأكثر عرضة لمخاطر الكوارث الطبيعية والعواقب السلبية لتغير المناخ، والتي تشمل مواجهة السكان للزلازل والفيضانات والأعاصير والجفاف, ويعكس المؤشر مستوى الضعف في الخصائص الهيكلية للمجتمع والتي تزيد من معاناة السكان، فضلًا عن القدرات والتدابير المختلفة التي تتخذها المجتمعات لمواجهة الكوارث، موضحا أنه مع تفاوت القدرات الاقتصادية والتكنولوجية للدول العربية، تتفاوت القدرة على الحد من مخاطر الكوارث من دولة إلى أخرى.

من يدفع الثمن؟

في البداية يحدثنا الدكتور (مجدي علام) مستشار برنامج المناخ العالمي وأمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب عن أنه لا يوجد أي جزء من الكرة الأرضية سينجو من التغيرات المناخية وظواهرها العديدة، ومنها على سبيل المثال (التصحُّر، أو الجفاف، أو الكثبان الرملية، أو ارتفاع منسوب سطح البحر، أو الأعاصير والرياح، أو الأمطار والسيول، وغيرها)، وتكمن خطورة التطرُّف المناخي على الكائنات الحية والنباتات؛ حيث إن كثرة التعرض لهذا التطرف المناخي والكوارث الطبيعية تنبئ بحدوث أوبئة وانتشار فيروسات مميتة، وحشرات وجراد، وانقراض للحيوانات والطيور، ونقص حاد في الغذاء، وزيادة الرقعة الصحراوية، وانكماش الرقعة الزراعية حتى اختفائها، موضحا أن السبب الرئيسي في أزمة تغير المناخ هو الدول الصناعية ويليها الدول العشرون الكبرى، مشيرا إلى أنه ما دامت تلك الدول تستخدم الوقود الأحفوري سيظل التطرف والتغير المناخي في ازدياد. وأضاف أن الدول الفقيرة في جنوب أمريكا ودول إفريقيا وشرق آسيا ستدفع الثمن، مع انتشار حرائق الغابات وفقدانها وهي بمثابة رئة العالم التي تختنق الآن، وبخاصة أن التقارير الدولية تؤكد أن نسبة التلوث التي حدثت خلال الأعوام القليلة الماضية تعد ضخمة ولم تحدث من قبل. وأشار علام إلى أن زيادة الأعاصير والفيضانات في المناطق المستقرة خارج حزام هذه الكوارث هي إحدى نتائج التجارب المناخية التي تقوم بها الدول الكبرى داخل الغلاف الجوي وخارجه وفوق سطح الأرض؛ لأن هذا الانتشار للظواهر الكارثية يمر بشكل أسرع من أي تغير للمناخ يحدث بشكل طبيعي, موضحا أنه على الرغم أن الآثار الكبرى لتغير المناخ والكوارث الطبيعية تؤثر بشكل مباشر على القارة الإفريقية, فإنها ستكون في الوقت نفسه سببا ومكانا لإنقاذ البشرية بعد أن تلتهم المياه الكثير من اليابسة وتغير من شكل خريطة العالم؛ لأنها القارة الأقل من حيث الاحتباس الحراري والأقل في انبعاثات الكربون.

إجراءات التخفيف والتكيُّف

ويطرح خبير المناخ العالمي أحد حلول مواجهة هذا المناخ المتطرف من قبل مصر والدول المجاورة وهو إجراءات التخفيف والتكيُّف، وأهمها التوسُّع في زراعة الصوب لتفادي موجات الحر والصقيع الناتجة عن تغير المناخ؛ وهو الأمر الذي ينتهجه الآن الرئيس عبد الفتاح السيسي والدولة المصرية لتوفير الأمن الغذائي, وهو أمر سوف يمتد إلى العالم كله، وقريبا بسبب تغير المناخ ستنتهي فكرة الزراعة في الحقول المفتوحة, كما يشير إلى أن كوب 28 الذي سيقام في دولة الإمارات بعد شهرين سيكون أول اهتماماته مناقشة الظواهر المناخية الحادة التي ظهرت في دول مستقرة مناخيا, وأنه يمكن فقط أن ننجو إذا اتفقت دول العالم والتزمت في هذا الكوب بتخفيض نسبة الاحتباس الحراري من أكسيد الكربون من 15 إلى 25سنويا قبل (عام 20 50), لأن حلول البشر قاربت على الانتهاء.

فوضى مناخية

ومن جانبه يؤكد الدكتور(هشام عيسى) خبير علوم البيئة وتغير المناخ أنه يجب أن نفهم أن خريطة العالم منذ عام 1992 قد تغيرت بعد أن حذرت الأمم المتحدة العالم من خطورة تغير المناخ على الظواهر المناخية المستقرة, وبخاصة أن الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والأعاصير كانت خريطتها ثابتة في دول مثل أمريكا والشرق الأدنى, أما المنطقة العربية وإفريقيا وأوروبا فكانت مناطق مستقرة بعيدة عن تلك الظواهر المناخية الحادة, ولكننا الآن نراها منذ سنوات لديها أزمات كبرى من الجفاف والسيول وارتفاع درجة حرارة الجو والزلازل والفيضانات وغيرها من كوارث طبيعية، حيث نجد أنهارا وبحيرات جفت في أوروبا, وتسونامي حدث منذ سنتين في سلطنة عمان, وإعصارا يلتهم مدنا كاملة في دول ليبيا واليونان, لذلك أرى أننا الآن تخطينا مرحلة (تغير المناخ) إلى مرحلة (فوضى المناخ). ويستطرد د. هشام عيسى.. ما نشهده من فوضى مناخية بسبب أن العالم ما زال لا يتمكن من التنبؤ بموعد العواصف والفيضانات والزلازل برغم ما وصل إليه من تقدم وتكنولوجيا، مؤكدا أن الأرض أعلنت غضبها من تصرفات البشر غير الرشيدة في مواردها وثرواتها، وأن إعصار دانيال الذي ضرب الدولة الليبية على سبيل المثال في البحر المتوسط الذي لا تحدث فيه نظريا وعلميا أعاصير نظرا لضيق عرضه وأن الأعاصير تحدث عادة في المحيطات المفتوحة يجعلنا نسرع في دق ناقوس الخطر لتستعد مصر لمواجهة هذا المناخ المتطرف، وتتخذ إجراءات جديدة للتخفيف من آثاره كما فعلت من قبل من خلال التكيف مع مخاطر تغير المناخ التي جاءت في التقارير الدولية، والتي كان منها ارتفاع سطح البحر وحرارة المياه، وزيادة الملوحة والتصحُّر. ودعا د. عيسى المجلس الوطني للتغيرات المناخية إلى إعادة دراسة المخاطر الجديدة على مصر، ووضع إجراءات وسياسات وسيناريوهات مواجهة جديدة في ضوء مستجدات تغير خريطة الاستقرار من الكوارث الطبيعية الناجمة من تغير المناخ لتقليل الخسائر المتوقعة، ومنها تدريب الناس على الإخلاء السريع، وإنشاء طرق بديلة للهروب، وبناء مخيمات للإيواء للمناطق المعرضة بقوة للمخاطر. وعلى المستوى الدولي يتمنى د. عيسى أن تتوافر النية من قيادات الدول والمفوضين والمسئولين عن تغير المناخ لوضع حلول جديدة وسريعة التنفيذ يتوافق عليها الجميع للاستثمار في مشروعات خفض الانبعاثات وتدفق الأموال الاستثمارية لحل مشكلات الدول الفقيرة للتكيُّف مع تلك المخاطر، وتحويل الديون إلى مشروعات مناخية وبيئية. ومن جانبها ترى الدكتورة (شادن دياب) المستشارة في شؤون البيئة والكوارث الطبيعية أن الظواهر الطبيعية الكارثية تتفاقم وتظهر بشكل كبير جدا كما شاهدنا في زلازل تركيا وسوريا والمغرب وفيضانات ليبيا، والجفاف الذي ضرب الدول العربية، والحرائق التي تندلع في حوض البحر المتوسط، مشيرة إلى أنه يمكن الحد من تلك الظواهر الجوية المناخية المتطرفة من خلال العودة إلى الطبيعة والمناخ الأخضر، وعدم استخدام الوقود الأحفوري، والعودة إلى التنمية المستدامة باستخدام الثروات الطبيعية. وأكدت د. شادن دياب أنه يوجد هناك في الوطن العربي مناطق هشة من الناحية السكانية، ومن حيث الاستعداد لهذه الكوارث، لذلك فإننا أمام مخاطر طبيعية ستزداد وتظهر بشكل كبير وعنيف في السنوات المقبلة، وأضافت أن ما يحصل الآن من الناحية الاستراتيجية إزاء المخاطر يجعلنا نعيد التفكير في الاستراتيجيات الوطنية لكل دولة عربية لمواجهة تلك الآثار الخطيرة من خلال بداية جديدة تكون حجر الزاوية، وضرورة مطالبة الدول العربية بأن تتعاون وتتكامل ماديا وفنيا لإيجاد سبل لمواجهة مخاطر تلك الآثار المستحدثة على طبيعتها.

الزلازل لا علاقة لها بالمناخ

أما الدكتور جاد القاضي رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيائية فيؤكد أن الزلازل ليست لها علاقة بتغير المناخ، ولكن لها علاقتها مباشرة بالزحف العمراني، حيث تبنى المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة على خطوط ومواقع الزلازل؛ مما يؤدي إلى كوارث فيما بعد، أما زيادة سرعة الرياح وزيادة حرارة البحر فتسبب أعاصير وفيضانات وهو أمر له علاقة بتغير المناخ. ومنذ سنوات طويلة يحذر العلماء من آثار تلك التغيرات، ولكن دون جدوى، وطالب بسرعة دراسة تلك المتغيرات الجديدة في خريطة المناخ على كوكب الأرض، ووضع إجراءات لمواجهة تلك الظواهر وتقليل آثارها المدمرة وخسائرها البشرية، وبخاصة أنه حتى يومنا هذا لا يوجد جهاز واحد يستطيع التنبؤ بالإعصار والفيضان قبل وقت كاف لاتخاذ اللازم من إخلاء البيوت من الناس ومواجهة الكارثة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة