الغطرسة تساوي الفرار بأمتعتهم

11-10-2023 | 15:38

وقفوا منذ أسابيع قليلة رافعين أعلام دولتهم إسرائيل أمام فلسطينيين داخل باحات المسجد الأقصى تحت حماية جنود الاحتلال، يسبون الفلسطينيين، ويلوح أطفال الإسرائيليون بأصابعهم في وجوههم بحركات بذيئة، ويرددون عبارات لا يوجد فلسطين.. الموت لكم.. هذه بيوتنا، وعلى الجانب الآخر طالب شاب فلسطيني جندي إسرائيلي أن يأمرهم بالتزام الأدب، فكان جزاؤه الطرد والدفع به خارج المسجد، وإذا برجل إسرائيلي يصيح في الشاب، ويخبره أن النكبة الثانية قادمة.

وتتواصل مشاهد الاستفزاز للفلسطينيين، وتنقلها مباشرة كاميرات المحطات الفضائية، ويطالعها قبل المشاهدين حول العالم صناع القرار الأمريكي والغربي بصفة عامة، ولا يحركون ساكنًا، وصار في عقيدتهم أن الشعب الفلسطيني لا سبيل أمامه إلا الرضوخ واستمراء المهانة دون إبداء أي اعتراض.

يبدو أن الغطرسة لا تقتصر على الحكومات الإسرائيلية، إنما تجري في دماء قيادات الجناح الغربي، وتنشرح آذانهم بإعلان وزير الدفاع الإسرائيلي "يواف جالانت" عن فرض حصار كامل على قطاع غزة، ويقول: لا وقود.. لا كهرباء.. لا ماء.. لا طعام، ويحظر وصول المساعدات لأهل غزة، كأن قادة الغرب يسمعون طربًا، ويستطرد جالانت استفزازاته قائلا: نحن نحارب حيونات بشرية ونتصرف معهم وفقًا لذلك، وهنا تسقط ورقة الإنسانية المزعومة عنهم.

وغضوا الطرف عن ردة الفعل المنتظرة من الفلسطينيين بعد استمرار أساليب الضغط الإسرائيلي عليهم؟ وعلى قادة الغرب أن يتصوروا ماذا كان فاعلا قطاع غزة بعد سنوات طويلة من الحصار منذ 2006.. حتى جعلوا منه سجنًا كبيرًا؟ ألم يسمعوا لنداءات العقلاء من دوائرهم السياسية؟ التي تقول إن الزيادة في ممارسة الضغط تولد الانفجار، وتغافلت حكومات إسرائيل المتعاقبة أن أغلب سكان غزة لاجئون، تم طردهم من ديارهم بالضفة عبر العقود الماضية.

قد ذكرت في المقال السابق بمناسبة الاحتفال بذكرى العبور المجيد لجيشنا الباسل في السادس من أكتوبر أن إسرائيل لن تتعلم الدرس، وذكرت أن غطرسة إسرائيل والإفراط في استخدام القوة لن يحقق لها الاستقرار، ولذا وجب علي صناع القرار الإسرائيلي النظر بعين الاعتبار أن حصيلة الغطرسة فرار الإسرائيليين بأمتعتهم خارج البلاد.

وثقت الصور مئات الأفعال من غطرسة جيش الاحتلال، حين كانت تقتل أطفالًا فلسطينيين، وتظهر الصورة الشهيرة جنديًا إسرائيليًا يتأمل في وجه الطفل الفلسطيني الضحية وهو يبرك على رأسه الصغيرة، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة والدماء تتساقط منه، وطوال الفترة السابقة مع بداية هذا العام جنود الاحتلال لا تهدأ عن اقتحام مدن الضفة الغربية.

ثم يتوعد نتنياهو بتغيير منطقة الشرق الأوسط، وطالب من حوله أن يقفوا بثبات، وبمعنى آخر أن التغيير الذي يقصده سيحدث بعد القضاء على غزة خلال العملية العسكرية "السيوف الحديدية"، ويرد عليه مسئول أردني سابق ويحذره من الهجوم البري على القطاع، ويستطرد أن التغيير قد يحدث إذا انتصرت المقاومة الفلسطينية، وفي ذات الوقت خرجت تحذيرات من خبراء من الداخل الإسرائيلي.

وتتبدد أصوات العقلاء في الهواء أمام غطرسة قادة أمريكا وإسرائيل، ولكن في النهاية لا سبيل أمامهم إلا بالقبول بالتعامل مع الفلسطينيين طبقا لمبادئ عادلة، والبدء في وقف بناء المستوطنات حسب القرارات الأممية، والحد من انتهاكات المسجد الأقصى، والنظر في تطلعات الفلسطينيين في إقامة دولتهم بجانب الدولة الإسرائيلية.
 
[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة