يذاع على إحدى المنصات سلسلة مسلسلات تحت عنوان "حدث بالفعل" يروي لنا قصصًا حدثت بالفعل مسربة من أطباء نفسيين؛ في بداية الأمر شعرت بالإيجابية لأنها قصص حدثت بالفعل فبها من المصداقية؛ ولكن عندما شاهدت أول قصة وهي بعنوان "تحت الحزام" وشاهدت الحلقة الأخيرة وهي الحلقة الثالثة؛ لأن القصة لا تتجاوز الثلاث حلقات، شعرت بالأسف والحزن لأسباب كثيرة؛ بداية المسلسل من المفترض أنه مقتبس من قصة حقيقية فلابد أن تكون قصة عبرة للجميع وردعًا أيضًا للجميع، وليس قصة من يشاهدها يشعر بالأسف؛ فكيف تكون نهاية من تقتل شخصين أنها لا تعاقب ولا يتم كشف جريمتها وأيضا تعيش حياة وكأنها لم ترتكب أي جريمة!
والأصعب من ذلك أن جميع القصص تشير إلى قتل المقربين بطريقة يندى لها الجبين؛ فالقصة الثانية وهي بعنوان "ريش أبيض"، وهنا يتم تجسيد جريمة قتل الابنة لوالدها! فإن كانت حدثت بالفعل فما الفائدة من إذاعتها؟ ما الهدف والغرض من عرضها؟ هل المقصود اقتل كما تريد وستنجو من العقاب؟ هل الرسالة هي التشجيع على القتل؟ هل الهدف هو تشجيع الأبناء على قتل الآباء وتشجيع الآباء على قتل الأبناء؟! هل في الوقت الذي نحث فيه على عودة العادات والتقاليد المفتقدة اليوم من بر الوالدين والأبناء واحترام الصغير للكبير وعطف الكبير على الصغير كما كان من قبل؛ نفاجأ بإذاعة مسلسل يهدم ما تبقى من القيم والعادات؟! فعقب إذاعة مسلسل "سفاح الجيزة" راودتني العديد من التساؤلات؟ ما الفائدة من تجسيد قصة سفاح؟!
ما أعلمه أن قصص الأبطال هي فقط من يتم تجسيدها لتكون عبرة للجميع ولتشجيع الأجيال القادمة المفتقدة للقدوة أن يصبح لديها قدوة تقتدي بهم في وقت يعاني العديد من الشباب من الطاقة السلبية وفقدان الأمل والشغف في الحياة! فما الفائدة التي تعود على المشاهدين من تجسيد قصة سفاح يقتل الجميع بدم بارد حتى أصبح القتل أسهل طريق والأصعب من ذلك هو ارتكابه العديد من جرائم القتل بدون أن يتم الكشف عنه من أول جريمة ارتكبها.
فيجب أن نتحرى الدقة فيما يتم إذاعته للأجيال القادمة فما يذاع بمثابة إرهاب فكري ونفسي ويشير إلى مستقبل غامض مقلق؛ فالفن رسالة وله أسلحة دراما شاملة قادرة على بناء أم هدم وطن؛ قادرة على خلق جيل لديه وعي ومبادئ أم جيل دموي عدواني!