برغم أننا نحتفل بمرور50 عامًا على نصر أكتوبر العظيم إلا أننا ما زلنا نطرح السؤال التقليدي، لماذا لم تقدم السينما المصرية تفاصيل أكثر دراميًا أو حتى وثائقيًا عن الحرب، كونها الحدث الأعظم خلال القرن الماضي؟!
شاهدت فيلم "الأرض الموعودة" أو "Promised Land" الممنوع من إسرائيل وهو من إنتاج ما بعد الحرب مباشرة عام 1974، يصور الفيلم بعض ما حدث للداخل الإسرائيلي من ردود أفعال أسر الجنود والضباط بعد هزيمتهم، وبرغم بعض الزيف فى الفيلم؛ سواء قدمته المخرجة سوزان سونتاج؛ وهي من المخرجات المعروفات بتقديمها سينما تتمتع بقدر كبير من الحرية والنقد لجميع الأوضاع فى العالم وليس فقط المجتمع الإسرائيلي؛ وهي من مواليد مدينة نيويورك، ونشأت في أريزونا وكاليفورنيا، وتعلمت في جامعات شيكاغو وهارفارد وأكسفورد والسوربون، روائية، وفيلسوفة، وكاتبة مقالات، ومخرجة سينمائية، وكاتبة مسرحية، كانت على مدار الثلاثين عامًا الماضية شخصية مثيرة للجدل، وفى فيلمها "الأرض الموعودة" رصدت ما تمنيت أن ترصده السينما المصرية فى أعمال حتى ولو وثائقية أو تتضمنها أفلامنا الروائية، ومن أخطر ما قدمته منقولا عن وقائع حية صورتها من داخل مستشفيات إسرائيل بعد النكسة مباشرة، لجنود وضباط مصابين بحالات هستيرية لا ينامون أو يهدأون بغير مسكنات حبوب وحقن، وصورت حالة هلع أصابت عنبر استقبالهم وهم يضعون الوسادات على رؤوسهم من هول الصدمة التي أحدثها الجندي المصري.
نقلت المخرجة مشاهد واقعية لأسر قتلاهم وهم يعانون الصدمة، هناك صدق فى رصد الصدمة، والتي فسرها فيلم "جولدا مائير" المنتج حديثًا ويعرض في الصالات السينمائية، إنتاج 2023 بأنها "العجرفة" و"الاستعلاء" من القادة الإسرائيليين بأن خط بارليف لن تحطمه قوة في العالم، وأن جيش إسرائيل لا يهزم.
نحتاج للبحث عن صور ولقطات للحرب لم تستغل وأن يقوم كتاب من الشباب بقراءتها من جديد مع خبراء عسكريين، وأعتقد أن هناك من عاشوا تلك الحرب يمكنهم أن يدلوا بدلوهم من جديد أو هناك وثائق مدون بها كل شيء.
الكلام عن أكتوبر لن يتوقف، فهم يقدمون عن نكستهم أعماًلا والدليل أن فيلم "جولدا مائير" الذي تعترف فيه شركة إنتاجه علانية بأن أكتوبر كان انتصارًا عظيمًا للمصريين، وأن الغرور هزم القادة الإسرائيليين، فى ست ساعات.
بعد 50 عامًا تقدم أفلامًا ينتجها الغرب عن هزيمة إسرائيل، ونحن لم نقدم بعد 50 عامًا أفلامًا عن انتصارنا، مع أن الأولى أن تكون صورة الانتصار هي متصدرة المشهد، وليست الهزيمة التى تصور بعيونهم بنصف أو جزء من الحقيقة.
علينا أن نسعى لأن نقدم الحقيقة كاملة، كما جاءت في بعض مشاهد فيلم "الأرض الموعودة" المنتج من عام 1974، ومنع من العرض على جميع تليفزيونات إسرائيل، وما زال ممنوعًا، ويقدم أدق تعبير عن الهزيمة وتأثيرها عليهم بعيون لا أقول محايدة، ولكن بعيون تكشف عن هول صدمتهم.