إنها قضية من يريد العيش من أجل هدف عظيم، قضية من يحب الخير للجميع قضية من يؤرقه الشعور بلمحة حزن تسقط مع دمعة عين لتخترق قلب إنسان حزين، إنسان أوجعه الألم حين تربصت به كل المحن، وبالرغم من هذا فنحن من نستمد سعادتنا من إسعاد الآخرين. يرهقنا ثقل حجم المحبة التي نحملها ونختزنها بداخل قلوبنا، وإن كنا نميل لإخفاء مشاعرنا ونتراجع عن إعلانها خشية سوء فهم أو خطأ في التقدير.
نادينا بالحب كثيرًا ومازلنا ننادي به نحن من اعتدنا منحه بالمجان للجميع، للبعيد قبل القريب، نحن من لم نغير قناعاتنا مهما اختل ميزان العدل سترانا دائمًا من وجهين صوب الأمل دون خوف إلا من لحظة قاسية يرسل إلينا فيها القدر ببرقيته التي يقول فيها: "هلموا فهذا ندائي الأخير'.
نود إنجاز جميع الأهداف التي خططنا لها من قبل وأهملناها رغمًا عنا، لم نخش في سبيل تحقيقها شيئًا سوى نفاد العمر، لسنا الأفضل لكننا نكتب الصدق ونتحدث به، وليقبل بصدقنا من أجاد قراءتنا وليرفضه من يرفضه دون جدال فنحن في النهاية بشر.
خطواتنا تسبق أحلامنا وإنسانيتنا تسبقهما بكثير، ولهذا فنحن نعتز بملكيتنا لها نعلقها أوسمة على صدورنا نصنع منها أكاليل زهر نزين بها رؤوس من نحبهم ويحبوننا، ومهما كلفنا الأمر من عناء أو تعب فلن نستسلم يومًا لواقع لا يمثلنا أو يعبر عنا، فالواقع غالبًا ماكنا نراه قاسيًا أو حزينًا.
كلما تقدم بنا العمر اندفعنا للحاق بأحلامنا المؤجلة التي داستها في غفلة منا أقدام السنين ونعود لنسأل هل سنتمكن من جلب الهدوء لأنفسنا؟ وهل سنمسك بطرف سلامنا النفسي، نتعلق به ونحتضن بأيدينا طيفه من جديد؟
عهدنا الثورة على ضعفنا وأحرزنا العديد من جولات النصر، عدنا بغنائمنا الوفيرة حملناها وحملنا معها تلالًا من أفراح كبيرة وحكايات فخر، غدونا بعدها كطفل صغير يغمغم بأغنيات غير مفهومة، بدا سعيدًا للحظات حتى اكتشف أنه فقد أثر أمه التي كان يسير بجانبها ممسكًا بطرف ثوبها، فراح يبكي حين لم يتمكن من إخبار أحد، توقف عن بكائه فجأة حين أيقن بأنه لن يجد من يهتم به ولن ينتبه لحجم مأساته أحد.
الحياة باتت تنقسم وتتشكل علينا كل يوم، ترتدي رداءها الجديد لتتخفى ثم ترمي بسهامها الطائشة نحونا تحاول غرسها في منطقة رقة مشاعرنا ورهافة إحساسنا، لكننا مازلنا نصر على البقاء في أرض الواثقين من النصر وسنبقى في صحبة العابرين لكل المحن بكل إرادة وعزم.
سنبقى بين بساتينها زهورًا، وفي ظلمة لياليها الحالكات نورًا، ننافس بالمحبة أقمار سمائها فتكتمل بنا وتصبح بدورًا، ننثر من عبير محبتنا زخات كالمطر، ونتلألأ على البعد كالنجمات، نحلق فوق السحاب نغني ونرقص كالأطفال على نغمات من ألحان طيور وزقزقات عصافير.
مهما قست علينا الحياة ومهما وضعت في طريقنا من عوائق لتوقف مسيرتنا الإنسانية لن نهتم فالخير فينا غالب والإصرار بداخلنا حاضر وسابق لكل مخططات الشر.